الأردن وسورية: أن تأتي متأخراً أفضل من أن لا تأتي أبداً

1

بكر السباتين
هذا ينطبق على تداعيات الموقف الأردني السعودي المتأزم على خلفية معاندة الأردن للسياسة السعودية الإقليمية التي تمس أمنه وتضر بمصالحه، ما استرعى منه إعادة ترتيب أوراقه الاستراتيجية في سياق تحالفات إقليمية جديدة محتملة، ومؤشرات ذلك كثيرة.
فقد أبلغ رئيس مجلس النواب الأردني عاطف الطراونة القائم بأعمال السفير السوري في عمان أيمن علوش تقديم الوفد البرلماني الأردني احتجاجا لدى الاتحاد البرلماني العربي لعدم دعوة سوريا لاجتماع الاتحاد الطارئ الذي عقد في المغرب الاسبوع الماضي.
وبالطبع فإن هذه الخطوة الأردنية جاءت متأخرة ؛ ولكن وفقاً للحسابات الجديدة فإنها مناسبة وغاية في الأهمية وأفضل من أن لا تأتي أبداً! لأن موقف الأردن كان دائماً متوائماً مع الموقف السعودي الهادف إلى ضرب وحدة الجارة سوريا في الشمال؛ بذريعة الدفاع عن الشعب السوري وصولاً إلى المشاركة الفاعلة في قوات الأسد المتأهب لمؤازوة الجماعات المسلحة المعارضة لنظام الأسد داخل سوريا، وذلك بالتحالف مع الكيان الإسرائيلي المتمدد في المنطقة دون رادع وبرعاية أمريكية،
وكانت الحسابات الأردنية آنذاك تذهب إلى أن السعودية قد ازدادت مكانتها الاستراتيجية لدى الأردن بعد تفكيك كل من سوريا والعراق، ولكن كما يبدو فإن هذه الحال لن تدوم طويلاً بالنسبة للأردن، مع تبدل الموقف السعودي باتجاه طعنه في الخاصرة فيما يتعلق برفض الوصاية الأردنية على المقدسات الإسلامية في القدس المحتلة، ناهيك عن تجاوز دوره فيما يسمى بصفقة القرن المرفوضة من قبل الشعب الأردني لأنها تصفي القضية الفلسطينية، والتي يُمَهْدُ لإبرامها بين الكيان الإسرائيلي من جهة، والدول العربية من جهة أخرى في إطار الأجندة السعودية.
وكما يبدو فإن الغزل المتصاعد بين الأردن وسوريا جاء كنتيجة موضوعية للموقف السعودي المشبوه والمتصاعد ضد الأردن، ما استرعى منه إعادة ترتيب أوراقه السياسية بالخروج من إلحلف الذي تقوده السعودية بمشاركة إسرائيلية إلى منطقة التوازن لمراجعة حساباته على أسس جديدة، وتجلى هذا الأمر في تنامي العلاقات الأردنية بالإتجاه التركي القطري، وفي الوقت نفسه، الوصول إلى منطقة الحياد مع سوريا، من خلال التنسيق الأمني بينهما لردع أية محاولات سعودية محتملة، بإدخال جماعاتها الإرهابية التي تقاتل في سوريا للتوجه إلى الأردن، ومن ثم العبث في ساحته وكبح جماحه، وهذا خط أردني أحمر.
من هنا كما يبدو جاءت خطوة رئيس النواب الأردني عاطف الطراونة كما أسلفنا آنفاً، بإبلاغ أيمن علوش القائم بأعمال السفير السوري في عمان، بموقف الأردن الذي طالب فيه بضرورة استدعاء الوفد السوري للمشاركة في مؤتمر اتحاد البرلمانيين العرب في المغرب، بالإضافة إلى التركيز بينهما على حرص الأردن على وحدة سوريا وضرورة التنسيق الأمنى بين البلدين، لحماية حدودهما المشتركة.
وكان الرد السوري على لسان علوش متوافقاً مع ذلك، ومؤيداً للوصاية الهاشمية على المقدسات.
ويمكننا أخيراً القول بأن الموقف الأردني جاء متأخراً جداً وفق كل الحسابات؛ لكنه أفضل من أن لا يأتي أبداً.

التعليقات معطلة.