الأردن يحبس أنفاسه تخوّفاً من التداعيات الاقتصادية لتوترات البحر الأحمر

1

تتأثر الأسواق الأردنية سلباً بسبب التوترات في البحر الأحمر.


يحبس الأردن أنفاسه مع استمرار أزمة التوترات العسكرية في البحر الأحمر، بسبب هجمات جماعة الحوثيين اليمنية ضد السفن التجارية، وما تبعها من إعلان شركات نقل بحري كبرى على مستوى العالم تحويل طريق السفن من البحر الأحمر إلى رأس الرجاء الصالح، رغم أن جماعة الحوثي تقول إنها تستهدف فقط السفن المتجهة إلى إسرائيل.

وتعد خطوة تحويل مسار السفن من الخيارات المُرّة لشركات النقل البحري، إذ إنها تزيد مدة الإبحار لأسابيع إضافية، وهذا يعني ارتفاع تكاليف شحن السلع ومعه أجور التأمين، وهذه الأموال يدفعها في النهاية المستهلك للمواد المستوردة.

الأردن بوصفه إحدى الدول المعتمدة على الواردات من الصين ودول جنوب آسيا، يستعد لسيناريو طول أمد التوترات في البحر الأحمر، إذ قررت الحكومة حظر تصدير وإعادة تصدير سلع غذائية أساسية، وسط ارتفاع شهدته تكلفة الشحن الوارد للسوق الأردنية، بفعل تلك التوترات.

منع تصدير مجموعة من السلع
وقال وزير الصناعة والتجارة والتموين الأردني يوسف الشمالي، في بيان أخيراً، إن بلاده منعت تصدير وإعادة تصدير مجموعة من السلع، بعد توصية من مجلس الأمن الغذائي، بسبب ارتفاع تكاليف الشحن الناتج عن التوترات في البحر الأحمر.

 وبحسب القرار الحكومي، يشمل المنع الأرز والسكر والزيوت النباتية (زيت الذرة، زيت عباد الشمس، وزيت النخيل، وزيت الصويا)، بدون تحديد موعد لوقف العمل بالقرار، مع العلم أن الأردن يستورد أغلب السلع المذكورة أو المواد الخام لها من الخارج.

توقع قفزة في أسعار السلع المستوردة
عن تداعيات أزمة الشحن البحري في البحر الأحمر على الأردن، يقول الخبير الاقتصادي الأردني عامر الشوبكي لـ”النهار العربي” إن “تهديدات الحوثيين مستمرة في البحر الأحمر، وسط توسع عدد الشركات العالمية الممتنعة عن المرور في البحر الأحمر وباب المندب، وهذا سيُحدث التأثير الأكبر على اقتصاد إسرائيل ومصر”، لافتاً إلى أن “المؤشرات الأخيرة تظهر أن قناة السويس فقدت 28 في المئة من حركة السفن، وهذا من شأنه ترك أثر سلبي على الاقتصاد العالمي”.

وبشأن الأردن تحديداً، يوضح الشوبكي أن “المملكة تستورد معظم حاجتها من السلع والبضائع والحبوب و90 في المئة من الاحتياجات النفطية، وبالتالي سترتفع تكاليف الحاويات الآتية إلى الأردن لتصعد معها مؤشرات التضخم”.

وشبّه الخبير الاقتصادي الأوضاع الحالية بالظروف التي مر بها الأردن خلال جائحة كورونا وما شهدته من تعطل سلاسل التوريد، لافتاً إلى أن الأردن ينتظر قفزة في أسعار معظم السلع المستوردة.

تعزيز المخزونات الاستراتيجية من السلعويلفت الشوبكي إلى أن استمرار التوترات في البحر الأحمر للمدى الطويل سيؤدي إلى أزمة سلاسل توريد ونقص في السفن والحاويات، وحاجتها إلى وقت أطول للوصول إلى وجهتها لأنها ستتجه إلى طريق رأس الرجاء الصالح بدلاً من مضيق باب المندب وقناة السويس.

ودعا الحكومة إلى تعزيز المخزونات الاستراتيجية من المواد والسلع الأساسية، لأن الأزمة على المدى الطويل ستكون مؤثرة على مستوى التضخم وأسعار السلع المستوردة من آسيا والتي تشكل أكثر من 50 في المئة من حجم المواد المستوردة.

تأثر “كبير جداً” بتعليق حركة الملاحة
من جهته، يؤكد النائب الأول لرئيس غرفة تجارة عمان ونقيب النقابة اللوجستية في الأردن نبيل الخطيب، أن الأردن يستورد نحو 45-47 في المئة من بضائعه من جنوب شرق آسيا، ما يعني أن تأثره بتعليق حركة الملاحة سيكون كبيراً جداً.

ويوضح الخطيب لـ”النهار العربي” أن البضائع الواردة إلى الأردن عبر البحر من جنوب شرق آسيا والشرق الأقصى وشبه القارة الهندية وموانئ الخليج العربي والصين واليابان والهند وكوريا والفيليبين وماليزيا وإندونيسيا، ستتأثر بسبب توقف الملاحة في باب المندب.

ويضيف أن الأردن يستورد عدداً من حاجاته الأساسية من دول شرق آسيا، منها الأرز من الهند وباكستان، والزيوت، والسيارات، والملابس وخاصة الواردة من الصين.

وبشأن الخسائر المتوقعة لتغيير مسار البواخر، يتوقع الخطيب أن الطريق البديل (رأس الرجاء الصالح) سيستغرق 3 أسابيع إضافية، وهذا سيرفع تكاليف الاستيراد حوالى 35 في المئة، إضافة إلى رفع نسبة التأمين، وفي النهاية سترتفع أسعار السلع على المستورد ثم على المستهلك.

مأزق وسط تحديات وأزمات
وتضع كل المعطيات الحالية والتوقعات للأشهر المقبلة الحكومة الأردنية في موقف لا تحسد عليه، خصوصاً أن الأمر يتزامن مع انهيار حجوزات الفنادق وتوقف عجلة السياحة وتراجع الحركة التجارية في عموم الأسواق، منذ اندلاع الحرب في غزة.

 ووفق أحدث التقديرات الرسمية، وصلت نسبة الفقر في الأردن إلى 24 في المئة، وسط تحديات وأزمات تعصف بأبناء الطبقة الوسطى من سلسلة ارتفاعات لأسعار السلع الاستهلاكية وتآكل وتدني مداخيل نسبة كبيرة منهم أو ثباتها منذ فترة طويلة، الأمر الذي دفع إلى نمط استهلاكي جديد يقوم على ترشيد حجم الإنفاق، ما انعكس سلباً في المقابل على العديد من القطاعات الاقتصادية والتجارية بسبب تراجع عائداتها وانخفاض مبيعاتها نتيجة قلة الطلب على السلع والخدمات التي تقدمها.

يضاف إلى ذلك أن معدلات الادخار لدى المواطنين الأردنيين، تراجعت من حوالى 9.5 في المئة في العام 2017 إلى ما يقارب 4.5 في المئة في العام 2022، فضلاً عن تزايد إقبال المواطنين للحصول على قروض.

التعليقات معطلة.