الأمر الواقع .. تغييره أهم من رفضه

1

 
 
هيثم العايدي
 
بتصريح وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الأربعاء الماضي والذي قال فيه إن الخطة الأميركية لسلام الشرق الأوسط والمتعارف عليها بـ(صفقة القرن) ستعتمد على فرض الأمر الواقع فإن ذلك يرجح كفة رفض هذه الصفقة برمتها، فيما سيكون الأهم من هذا الرفض هو الشروع في إجراءات عملية لتغيير الأمر الواقع قبل المطالبة بأي تسويات.
ففي شهادة أمام الكونجرس قال بومبيو إن الخطة ستتخلى عن ما وصفه بـ”المعايير القديمة”، التي تتعلق بقضايا مثل القدس والمستوطنات واللاجئين، حيث اعتبر أن هذه المقاربة “القديمة” أثبتت فشلها.
وعلى الرغم من بومبيو قال إنه “واثق تماما أن ما تمت تجربته في السابق قد فشل”، وإنه “متفائل بأن ما نفعله سيوفر لنا احتمالات أفضل بأن نحقق النتائج التي ستكون أفضل للشعب الإسرائيلي وكذلك للشعب الفلسطيني” .. إلا أن هذا التفاؤل يصطدم باحتماليات أكبر للرفض خصوصا من قبل الفلسطينيين الرافضين للوساطة الأميركية، وبالتالي ما سيتم طرحه من تسويات، كما أن قضايا القدس والمستوطنات واللاجئين هي الثوابت الأساسية التي طالما أعلن الفلسطينيون أنه لا تنازل عنها في كل جولات مفاوضات السلام السابقة.
كذلك فإن بومبيو قال إن الولايات المتحدة تريد “توسيع النقاش”، وذلك في رد على سؤال عما إذا كان اتفاق السلام سيركز كما في الماضي على ترسيخ الحدود والاعتراف المتبادل ووضع القدس والمستوطنات في الضفة الغربية وعودة اللاجئين الفلسطينيين.
واعتبر بومبيو أن “هذه كانت المعايير التي احتلت النقاشات سابقا وقادتنا إلى ما نحن عليه الآن: لا حل”. وأشار إلى أن الخطة الأميركية “ستستند إلى الحقائق على الأرض والتقييم الواقعي لما سيقودنا إلى تحقيق نتيجة جيدة”.
وبالتأكيد فإن أي استناد إلى تقييم واقعي وحقائق على الأرض في اللحظة الراهنة لن يكون في صف الفلسطينيين أو غيرها من الأراضي المحتلة من قبل إسرائيل.. فما زال الوضع الفلسطيني يشهد انقساما منذ نحو 12 عاما أدى إلى انعدام وحدة القرار، سواء فيما يخص إدارة الشأن الفلسطيني أو إدارة التفاوض مع الجانب الإسرائيلي، وهو ما يتذرع به الأخير للتنصل من أي اتفاق.
كذلك فإن أي تسوية لمسألة الاحتلال الإسرائيلي لهضبة الجولان السورية لا يمكن أن تتم في ظل الأوضاع السورية الحالية، سواء فيما يخص مؤسسات الدولة السورية أو الوضع القائم على الأرض السورية.
كما أنه ومن قبل تغير الأوضاع بالمنطقة العربية بعد عواصف ما يسمى (الربيع العربي) فإن قضية الشرق الأوسط بشكل عام والقضية الفلسطينية بشكل خاص باتت ورقة للمزايدات والتجاذبات الإقليمية التي فاقمها ارتهان قرار بعض أطراف هذه القضية لمصالح خارجية.
ومع الرفض المتوقع لـ”صفقة القرن” إذا جاءت بهذه الصورة التي رسمها وزير الخارجية الأميركي فإن هذا الرفض ينبغي أن يليه تغيير لهذا الوضع القائم، حيث إن أصحاب القضية هم المعنيون الرئيسيون بهذا التغيير عبر وحدة الصف وإعلاء المصالح الوطنية فوق أية مصالح أخرى لأحزاب وجماعات، وعدم التحول إلى ورقة في أيدي أطراف لم نشهد منها إلا المزايدة والمتاجرة بالقضية.

التعليقات معطلة.