لطيف عبد سالم العكيلي
يُعَدُّ الاستثمار مِن المفاهيم الحديثة الَّتِي تشير إلى توظيفِ رؤوس الأموال فِي مشروعاتٍ اقتصادية تعود بالمنفعة المادية عَلَى المساهمين فِي المشروع، فضلاً عَن إيجابية آثارها عفي الاقتصاد الوطني. ويعرف بعض المتخصصين الاصطلاح المذكور آنفاً، بوصفِه متغيراً اقتصادياً يسعى إلى أمثلِ استغلالٍ لرأس المال الذي تمتلكه جهة معينة؛ لأجلِ تحقيق منفعة ذات عائد مادي وربح كبير بالاعتمادِ عَلَى أساليبٍ وطرقٍ اقتصادية حديثة وغير مسبوقة. وتتمحور آليات الاستثمار حول الفعاليات الَّتِي بوسعِها رفد الطاقات الإنتاجية المتوفرة بمجموعةٍ مِن الطاقاتِ الإنتاجية مِنْ خلالِ الشروعِ فِي انشاءِ مشروعات جديدة أو إدخال توسعات عَلَى بعضِ ما موجود مِن المشروعاتِ العاملة .
فِي صَخَبِ الجدل الدائر حَوْلَ الاستثمار، يمكن القول إنَّ الدوافعَ الرئيسة لسلوكِ أيِّ جهة سياسة الاستثمار تقوم عَلَى جملة مبررات، فِي المقدمةِ مِنها رغبة الدولة أو الأفراد فِي زيادةِ الأرباح، الحرص عَلَى مواكبةِ التطور العلمي والتِقني و السعي نحو مواكبة ما يحدث فِي السوق مِنْ زيادةٍ للطلبِ وضمان الاستقرار الاقتصادي، بالإضافةِ إلى المساهمةِ فِي تعزيزِ مسار التنمية الاقتصادية، وَالَّتِي بمقدورِ آلياتها المعاونة فِي تحسينِ الناتج الإجماليَ المحلي.
إنَّ جنوح حكومات الكثير مِن البلدانِ صوب آليات الاستثمار، متأتٍ مِن أهميته الكبيرة بالنسبةِ لتلك البلدان، والمتمثلة بمجموعةِ عوامل مِنْ جملتها توفير السلع والخدمات الَّتِي تشبع رغبات المستهلكين، وتفضي إلى تغطيةِ حاجاتهم بفعلِ القدرة عَلَى زيادةِ الإنتاج، فضلاً عَنْ توفير الأيدي العاملة الماهرة فِي مختلفِ التخصصات بفعلِ زيادة فرص العمل الَّتِي مِنْ شأنِها التقليل مِنْ معدلاتِ البطالة، إلى جانبِ رفعِ مستويات التطوّر العلمي والتِقني وما يترتب عَلَيه مِنْ مواكبةٍ لإفرازاتها الَّتِي لا تتوقف. كذلك يقود الاستثمار إلى زيادةِ الدخل القومي وتدعيم التوجهات الحكومية الرامية إلى تمتع المواطن بالرفاهية، ورفع مستوى معيشته، والمساهمة في تحقيقِ الاستقرار الاجتماعي. ويضاف إلى ذلك إمكانية الأنشطة الاستثمارية فِي توفيرِ العملات الأجنبية الَّتِي تمكن الحكومات مِنْ توريدِ السلع والبضائع وغيرها مِن المتطلباتِ والمستلزمات بالعملةِ الصعبة، إلى جانبِ السعي لزيادةِ الفائض؛ لأجلِ زيادةِ قدرة الدولة عَلَى التصديرِ للخارج.
يشكل الاستثمار أهمية لأيِّ دولة راغبة فِي تحقيقِ تنمية اقتصادية؛ لمعاونته فِي زيادةِ القدرة التنافسية للاقتصاد، فالإداراتُ العصرية يبقى اقتصادها متميزاً بمستوى عال مِن الاستهلاك والعجز فِي حالِ عدم ركونها إلى انتهاجِ سياسة الاستثمار. وقد يكون مِن المناسب الإشارةِ إلى ما أثبتته التجارب العالمية، مِنْ أَنَّ الاستثمارَ فِي التكنولوجيا عَلَى سبيل المثال لا الحصر، مِنْ شأنِه المساهمة فِي زيادة الإنتاج وخفض التكاليف. كذلك يفضي الاستثمار فِي قِطاع التعليم إلى زيادةِ إنتاجيته، فضلاً عَنْ تحسينِ ظروف العمل. ولعل خير مصداق عَلَى ما تقدم هو افتقار المدارس الحكومية فِي بلادنا حالياً إلى الكثيرِ مِنْ مستلزمات عملها بالمقارنةِ مع المدارس الأهلية.
ليس خافياً أنَّ الاستثمارَ الناجح يحتاج إلى جملة متطلبات؛ لأجلِ توفير بيئة جاذبة لرؤوس الأموال، وَلاسيَّما ما يتعلق منها بوجودِ سياسة اقتصادية ملائمة ومنسجمة مع القوانين والتشريعات، بالاضافة إلى تأمينِ البنيةِ التحتية السليمة الَّتِي تتمثل أبرز عناصرها بإنشاءِ مناطقٍ صناعية يتوفر فيها الماء، الكهرباء، المواصلات و وسائل الاتصال، فضلاَ عَنْ وجود إدارة سليمة خالية مِن الروتين والتعقيد؛ لأجلِ حماية المستثمر مِن التعقيداتِ والإجراءات الروتينية الَّتِي ربما تعترض محاولاتهم.