شكلت جرائم الخطف في العاصمة بغداد خطراً كبيراً في فترات سابقة، حتى أصبحت تهديدا حقيقيا يحدق بالمواطنين، لكن إجراءات قضائية سريعة ساهمت في إطاحة الكثير من هذه العصابات التي انتحل بعضها صفة جهات أمنية.
وأوكل القضاء التحقيق في هذه الجرائم إلى محكمة التحقيق المركزية المختصة بقضايا الإرهاب والجريمة المنظمة، وبعد عمل استثنائي بالتنسيق مع الخلايا الأمنية أفضت الجهود القضائية إلى انخفاض جرائم الخطف المنظمة في بغداد بنسبة 100% بحسب القاضي جبار عبد دلي.
ويوضح عبد دلي وهو القاضي المختص بقضايا خلية مكافحة الخطف والهيئة التحقيقية في قيادة عمليات بغداد الذي أوكلت اليه مهمة النظر في هذه القضايا أن الاحكام الصادرة التي طالت عناصر هذه العصابات كان اغلبها الإعدام شنقاً، لافتا إلى أن أغلب عمليات الخطف كانت تتم في جانب الرصافة من العاصمة.
ويقول القاضي عبد دلي إن “خلية مكافحة الخطف تتكون من ممثلي الأجهزة الاستخبارية كافة ويترأسها ضابط من قيادة عمليات بغداد وترتبط بالهيئة التحقيقية في القيادة ذاتها وبإشراف قاضي تحقيق”.
وأضاف أن “جرائم الخطف تصاعدت في بغداد في فترات سابقة لعدة أسباب منها الانفلات الامني الذي أعقب احتلال داعش لبعض المدن وانشغال القوات الأمنية بالمعارك ضد الإرهاب وكذلك بسبب تشريع قانون العفو الذي صدر مؤخراً”.
وتابع القاضي المختص أن “قانون العفو شمل جرائم الخطف بأحكامه ما ساهم بخروج معظم مرتكبي هذه الجرائم وأدى ذلك لتكوين عصابات متخصصة لحين تعديل هذا القانون ليستثني كل جرائم الخطف من الشمول بالقانون والإفراج عنهم لكن الفترة بين إصدار القانون وتعديله كانت كفيلة لخروج كثير من المدانين”.
ويؤكد ان “الخلية اطاحت بـ374 متهماً موزعين على شكل عصابات منظمة للخطف ويتراوح معدل افراد العصابة الواحدة ( 3ـ 14 ) فرداً وان 638 حكما قد صدر بحقهم من قبل محاكم الجنايات كون كل متهم ارتكب اكثر من جريمة وان اغلب هذه الاحكام الاعدام شنقاً حتى الموت بنسبة 90% والبقية كانت احكاماً بالسجن المؤبد مما ساهم بانخفاض نسبة هذه الجرائم في مناطق العاصمة بغداد بشكل كبير”.
ويشير القاضي عبد دلي الى ان “الخلية وعند المباشرة بأعمالها اطاحت بالعديد من هذه العصابات المنظمة فقد القي القبض على 148 متهما موزعين الى مجاميع منظمة متخصصة بالخطف خلال العام 2015 مما ساهم بانخفاض الجريمة ليصبح عدد المتهمين الذين تم القبض عليهم خلال العام 2016 (85) متهما اي انخفضت الجريمة بنسبة 50% “، لافتاً الى ان اغلب عمليات القبض على المتهمين يصاحبها تحرير المخطوف او الضحية”.
ويبين انه “عند انخفاض نسبة الجريمة صدر اعمام من مجلس القضاء الاعلى يقضي بنظر قضايا الخطف في الرصافة من قبل محكمة تحقيق الرصافة الأولى وفي الكرخ من قبل محكمة التحقيق المركزية اي جرى توزيع المهام دون حصر التحقيق بهذه الجرائم من قبل خلية مكافحة الخطف”.
ويضيف القاضي أن “مجلس القضاء الأعلى اصدر اعماما جديداً أوكل فيه مهام التحقيق بجرائم الخطف التي تكون دوافعها ابتزازا ماليا او إرهابية الى خلية مكافحة الخطف المرتبطة بالهيئة التحقيقة في قيادة عمليات بغداد وبإشراف قاضي تحقيق في محكمة التحقيق المركزية”.
ويذكر عبد دلي ان “الخلية باشرت مهامها وألقت القبض على 107 متهمين خلال العام 2017 توزعوا على شكل عصابات منظمة يتراوح معدل أفراد العصابة الواحدة مابين (3 ـ 14) فرداً مما ساهم بانخفاض معدل الجريمة ليصبح عدد المتهمين الملقى القبض عليهم خلال العام 2018 ( 34 ) متهماً”.
ويؤكد القاضي أن “حزيران عام 2018 شهد عملية القبض على آخر عصابة للخطف ومنذ ذلك الحين انخفضت نسبة هذه الجرائم من قبل عصابات منظمة بنسبة 100% في العاصمة بغداد”، مبيناً ان “ما يحدث من عمليات للخطف معدودة وهي ليست منظمة ولدوافع مختلفة”.
ويكمل القاضي ان “بعض العصابات كانت تنتحل صفة الأجهزة الأمنية عبر ارتدائهم الزي العسكري ويحملون أسلحة وهويات مزورة واستخدامهم عجلات دفع رباعي مظللة مما يسهل عملية مرورهم عبر السيطرات ونقاط التفتيش “.
ولفت الى ان “اغلب عمليات الخطف كانت تقع في جانب الرصافة من العاصمة بنسبة 90 % والبقية في جانب الكرخ وان الضحايا غالباً ما يتم اختيارهم عبر ما يسمى شعبيا (علاس) اي شخص يوشي بمعلومات عن الضحية وتتم متابعته ومراقبته”.
ويقسم عبد دلي عصابات الخطف الى نوعين “منظمة تمتهن الخطف عبر أساليب وإمكانات عالية جداً وأخرى تبحث عن أي مورد مالي عبر ارتكاب جرائم جنائية عدة من بينها الخطف”.
ويشير الى ان “اغلب جرائم الخطف يكون الغرض منها ابتزاز مالي ويتراوح مقدار المبالغ المالية التي كانت تطلب من 50 الف دولار أميركي وصولاً الى المليون دولار”.
ويذكر قاضي التحقيق ان ” اغلب عمليات القبض على المتهمين يصاحبها تحرير المخطوف او الضحية وهذا يعتمد على الاخبار عن حالة الخطف بالسرعة القصوى وبشكل مباشر من قبل ذوي الضحية وتتم اتخاذ الاجراءات كافة ومتابعة المجرمين عبر وسائل وإمكانيات فنية متقدمة جداً “.
ويستعرض القاضي جبار دور القضاء قائلاً ان “للقضاء جهودا استثنائية تكمن في الاشراف المباشر والتوجيه والمتابعة مع الاجهزة الامنية والتحقيق بهذه القضايا واتخاذ الاجراءات كافة واحالة المتهمين الى المحاكم المختصة لاصدار الاحكام بحقهم لينالوا جزاءهم العادل”.
ودعا القاضي المختص “المواطنين الى ضرورة الإخبار عن حالات الخطف بالسرعة القصوى وبشكل مباشر الى خلية الخطف المرتبطة بالهيئة التحقيقية في قيادة عمليات بغداد ليتسنى القبض على الخاطفين وتحرير الضحية”.