الإغلاق الحكومي في تاريخ أميركا: السبب والأثر… 10 أسئلة

3


الجمهوريون والديمقراطيون محاصرون لكن الأزمة قد تنفرج قبل عيد الشكر

طارق الشامي صحافي متخصص في الشؤون الأميركية والعربية




يعتبر الإغلاق الحكومي الحالي الأطول في تاريخ أميركا (اندبندنت عربية)

ملخص
لا يزال قادة مجلس الشيوخ الأميركي في حيرة شديدة حول كيفية إعادة فتح الحكومة الأميركية في وقت وجه فيه كيفين هاسيت كبير الاقتصاديين في إدارة ترمب تحذيراً قوياً من تفاقم الاضطرابات في كل أنحاء الاقتصاد وتصاعد الآثار الضارة للإغلاق الحكومي، التي بدأت ملامحها في إلغاء وتأجيل الآلاف من رحلات الطيران الداخلية، وعدم حصول الموظفين الفيدراليين على رواتبهم، وتوقف برنامج المساعدات الغذائية الطارئة المعروف باسم “سناب”.

الأربعاء الماضي، أصبح إغلاق الحكومة الأميركية هو الأطول في تاريخ الولايات المتحدة بعدما سجل رقماً قياسياً جديداً وتجاوز مدة الإغلاق السابق في دورة حكم الرئيس دونالد ترمب الأولى (34 يوماً)، ومع استمرار الإغلاق الذي بدأ أول أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وتفاقم تأثيراته على قطاعات عديدة مثل الطيران والصحة وبرامج المساعدات للفقراء، يشعر المشرعون الجمهوريون والديمقراطيون في الكونغرس بالقلق إزاء تصاعد التداعيات، لكنهم أيضاً محاصرون في مأزق إغلاق الحكومة ولا يجدون مخرجاً بسبب تشبث كل طرف بمواقفه، مما يثير كثيراً من التساؤلات والاحتمالات.



حيرة شديدة
لا يزال قادة مجلس الشيوخ الأميركي في حيرة شديدة حول كيفية إعادة فتح الحكومة الأميركية في وقت وجه فيه كيفين هاسيت كبير الاقتصاديين في إدارة ترمب تحذيراً قوياً من تفاقم الاضطرابات في كل أنحاء الاقتصاد وتصاعد الآثار الضارة للإغلاق الحكومي، التي بدأت ملامحها في إلغاء وتأجيل الآلاف من رحلات الطيران الداخلية، وعدم حصول الموظفين الفيدراليين على رواتبهم، وتوقف برنامج المساعدات الغذائية الطارئة المعروف باسم “سناب”.

لكن أي اتفاق بين قادة الحزبين سيعتمد على الحسابات السياسية الدقيقة لكل منهما، وقد يستغرق تحريك عجلة الكونغرس لإعادة فتح الحكومة بعض الوقت، ولفهم طبيعة الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة وأسبابه وتداعياته، نعرض في ما يلي إجابات لأهم 10 أسئلة حول هذا الإغلاق:

1- متى تغلق الحكومة الأميركية؟
في النظام الأميركي، يجب على الكونغرس الموافقة على خطة الإنفاق الحكومية لإرسالها إلى الرئيس للتوقيع عليها لتصبح قانوناً، ولهذا يحدث إغلاق الحكومة عندما يفشل الكونغرس (الذي يتمتع وحده بصلاحيات التمويل) في تمرير مشروع قانون الإنفاق أو يرفض الرئيس التوقيع عليه لتمويل عمليات الحكومة الفيدرالية، يؤدي إلى فجوة تمويلية بدءاً من أول أكتوبر كل عام، تتسبب عادة في تعطيل عديد من وظائف الحكومة بشكل موقت، ريثما يتم الاتفاق على إعادة فتح الحكومة، أو التوافق على حل موقت، يأتي غالباً من خلال تمرير الكونغرس لقرارات موقتة توفر تمويلاً قصير الأجل بينما تستمر المفاوضات للتوصل إلى حل طويل الأجل، وهو ما حدث بالفعل مع كل إغلاق حكومي سابق منذ عام 1990.

وخلال الإغلاق يتم منح الموظفين الفيدراليين غير الأساسيين إجازة إجبارية موقتة من دون أجر، بينما يجب على الموظفين الأساسيين الذين يضمنون السلامة العامة، مثل مراقبي الحركة الجوية وقوات إنفاذ القانون، الاستمرار في العمل من دون أجر على أن يحصل جميع الموظفين على رواتبهم بأثر رجعي بمجرد إعادة فتح الحكومة، ومع ذلك لا يحصل الموظفون المتعاقدون مع الحكومة عادة على رواتب بأثر رجعي.

أغلقت حكومة الولايات المتحدة في الأول من أكتوبر عام 2025، وأصبح نحو 1.4 مليون موظف فيدرالي في إجازة غير مدفوعة الأجر أو يعملون من دون أجر، ومن غير الواضح متى ستعيد الحكومة فتح أبوابها واستئناف عملياتها.




2- كم مرة أغلقت الحكومة؟
حدثت 15 فجوة تمويلية أدت إلى إغلاق الحكومة، بما في ذلك الإغلاق الحكومي الذي بدأ في الأول من أكتوبر الماضي، ونظراً إلى أن عديداً من هذه الفجوات التمويلية حدث لفترة وجيزة، أو خلال عطلة نهاية الأسبوع، لم يكن هناك تعطيل حكومي واسع النطاق، ومع ذلك استمرت أربع من هذه الفجوات لمدة أربعة أيام عمل أو أكثر، وأثرت بشكل كبير على العمليات الحكومية. لكن قبل أوائل الثمانينيات، كانت الوكالات الفيدرالية تستمر في العمل عند انتهاء مخصصات الموازنة (المعروفة بفجوة التمويل) حيث كانت الوكالات تقلل من العمليات والالتزامات غير الأساسية، اعتقاداً منها أن الكونغرس لا ينوي إغلاقها.

في سبعينيات القرن الماضي، بدأ ربط تشريعات الموازنة بقضايا سياسية خلافية مما تسبب في ست فجوات تمويلية في الأعوام المالية عام 1977 عام 1980، تراوحت مدتها بين ثمانية أيام و17 يوماً، ورداً على هذه الفجوات التمويلية المتزايدة، طلب الرئيس جيمي كارتر عام 1980 من المدعي العام للولايات المتحدة بنجامين سيفيليتي تقديم رأي حول كيفية تفسير فجوات التمويل في سياق قانون مكافحة العجز الذي يحظر على الوكالات إنفاق الأموال الفيدرالية قبل إقرار الموازنة أو بما يتجاوز المبلغ المحدد في القانون.

أصدر سيفيليتي رأيين حول تفسير قانون مكافحة العجز في عامي 1980 و1981، مما غير القاعدة السائدة في عمل الوكالات الحكومية بقدرة محدودة، وينص الرأيان على أنه لا يجوز للوكالات الفيدرالية إنفاق الأموال في حال عدم وجود مخصصات، مع بعض الاستثناءات العملية ومنها إنفاق الأموال لإغلاق الوكالات بطريقة منظمة، والسماح بالإنفاق عندما يكون هناك ارتباط بين عمل الوكالة الحكومية وسلامة الأرواح أو حماية الممتلكات.

3- متى كان أطول إغلاق سابق؟
قبل الإغلاق الحالي، كان آخر إغلاق عام 2019 هو الأطول في تاريخ أميركا استمر لمدة 34 يوماً كاملة امتدت من 22 ديسمبر (كانون الأول) عام 2018 إلى 24 يناير (كانون الثاني) عام 2019، وكان الإغلاق جزئياً بسبب خلافات حول اقتراح الرئيس دونالد ترمب في دورته الرئاسية الأولى لتمويل وبناء جدار حدودي بين الولايات المتحدة والمكسيك.

4- ما الخدمات التي تتوقف؟
تعتمد الوكالات والخدمات المحددة المتأثرة بإغلاق الحكومة على تفاصيل تشريع التمويل الساري وقت الإغلاق، وفي الإغلاق الحالي مثل الإغلاقات السابقة تأثرت عديد من الخدمات والوكالات، بما في ذلك الحدائق والمعالم الوطنية، والمتاحف الفيدرالية، والمشاريع البحثية الفيدرالية، وخدمات التعامل مع بعض المزايا الحكومية، وخدمات دافعي الضرائب التابعة لمصلحة الضرائب. لكن بعض جوانب الحكومة لا تتوقف خلال الإغلاق، حيث تستمر الخدمات التي تعد أساسية كالمعتاد على رغم أن معظم الموظفين لا يتقاضون رواتبهم حتى تعود الحكومة للعمل، ومن بين موظفي الوكالات المستمرة في العمل، الجيش وموظفو حماية الحدود وإنفاذ القانون، وموظفو خدمة البريد، وعملاء إدارة الهجرة والجمارك، والعاملون في مجال الرعاية الطبية في المستشفيات، وخدمات الضمان الاجتماعي والصحة لكبار السن، ووكالة جوازات السفر الأميركية.

ومع ذلك تسبب الإغلاق في إلغاء أو تأخير 5 آلاف رحلة جوية بسبب نقص مراقبي الحركة الجوية، حيث أعلنت وزارة النقل عن إلغاء آلاف الرحلات الجوية في 40 مطاراً بمختلف أنحاء البلاد، مشيرة إلى إرهاق المراقبين، ومن المقرر أن يصل هذا تخفيض الرحلات الجوية إلى 10 من كل الرحلات الداخلية.

5- ما سبب تكرار الإغلاق الحكومي؟
غالباً ما يكون هذا الفشل نتيجة لخلافات بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي أو داخل أي من هذين الحزبين الكبيرين حول مستويات الإنفاق والأولويات، مثل النقاشات حول الدين الوطني، أو تمويل الرعاية الصحية، أو غيرها من قضايا السياسة العامة، إذ يتطلب استمرار تمويل الحكومة، إقرار الكونغرس 12 مشروع قانون مخصصات منفصلاً لتوفير التمويل. وغالباً ما تحدث حالات الإغلاق الحكومي عندما يستخدم أحد الحزبين عملية تخصيص الموازنة من أجل تضمين مطالب محددة في شأن قضايا سياسية أخرى، مثل قانون الرعاية الصحية الميسرة، أو تمويل الجدار الحدودي، أو المساعدات الخارجية، وعندما تكون الرئاسة والسيطرة على أحد مجلسي الكونغرس أو كليهما مقسمة بين الأحزاب، يصبح التوصل إلى اتفاق أكثر صعوبة، كما أن آلية “فوليبستر” المعروفة باسم آلية المماطلة التي تشترط موافقة 60 عضواً في مجلس الشيوخ لإقرار مشروع الإنفاق الحكومي، جعلت من الصعوبة على أي حزب تمرير أجندته السياسية من دون تقديم تنازلات للحزب الآخر بالنظر لعدم استحواذ أي من الحزبين على 60 مقعداً في مجلس الشيوخ منذ سنوات طويلة.


الإغلاق الحكومي الأميركي بات الأطول في التاريخ

فانس يحذر من “كارثة” في قطاع الطيران إذا لم ينته الإغلاق الحكومي
6- لماذا حدث الإغلاق الحالي؟
عندما انتهت صلاحية الموازنة الفيدرالية السابقة، لم يتمكن الجمهوريون والديمقراطيون في مجلس الشيوخ من الاتفاق على تمرير مشروع قانون تمويل الخدمات الحكومية بعد الأول من أكتوبر، الذي أقره مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون. لكن الجمهوريين ينقصهم الـ60 صوتاً اللازمة لتمرير مشروع قانون الإنفاق، بينما لا يملكون سوى غالبية 53 مقعداً، مما يمنح الديمقراطيين المعارضين قوة تفاوضية يستخدمونها من أجل تمرير مطالبهم بأن يتضمن مشروع القانون تمديداً لدعم حكومي تنتهي صلاحيته في 31 ديسمبر المقبل من شأنه أن يجعل التأمين الصحي أرخص لملايين الأميركيين من أصحاب الدخول المحدودة والمتوسطة، كما يعارض الديمقراطيون تخفيضات الإنفاق على الوكالات الصحية الحكومية.

وعلى رغم أن إنهاء الإغلاق يتطلب أن يجد الحزبان في مجلس الشيوخ حلاً وسطاً يوقعه ترمب إلا أن عديداً من المحاولات للتصويت على مقترحات جديدة تهدف إلى إعادة فتح الحكومة، فشلت كلها، إذ يريد الجمهوريون التفاوض على إعانات التأمين الصحي بصورة منفصلة، وهم بذلك يستجيبون لإدارة ترمب التي لم تبدِ استعداداً لتقديم تنازلات جوهرية وتعتقد أن الديمقراطيين سيتحملون العبء الأكبر من المسؤولية أمام الجمهور.

في المقابل، يعتقد الديمقراطيون أن جهودهم لتوفير رعاية صحية بأسعار معقولة تحظى بشعبية لدى الناخبين، ويتعرض قادتهم في الكونغرس لضغوط من الجناح اليساري للحزب للتمسك بموقفهم، وهو ما يفسر تقديم زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، آخر عرض لإنهاء الإغلاق الحكومي عبر مشروع قانون يشترط تمديد دعم قانون “أوباما” لمدة عام واحد، وتشكيل لجنة من الحزبين لمعالجة كلف الرعاية الصحية، وهو ما رفضه زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ جون ثون، معتبراً أنه غير قابل للتنفيذ، على رغم أنه وصف الطرح في حد ذاته بأنه تقدم.

7- كيف يؤثر الإغلاق على الاقتصاد؟
عادة ما يكون تأثير الإغلاق الحكومي على الاقتصاد محدوداً وموقتاً على غرار الاضطراب الناجم عن إعصار أو عاصفة ضخمة، لكنه لا يزال يسبب مشكلات، إذ إنه من غير المسموح للحكومة منح عقود فيدرالية جديدة بقيمة 800 مليون دولار على عكس الموظفين، كما أن موظفي الشركات المتعاقدة مع الحكومة وهم بعشرات الآلاف، لا يحصلون على رواتبهم المتأخرة بمجرد انتهاء الإغلاق، وعديد من هذه الشركات هي شركات صغيرة لا تمتلك عملاء كباراً آخرين.

ويعترف كيفن هاسيت مدير المجلس الاقتصادي الوطني للرئيس ترمب، بأن شركات “وول ستريت” تتوقع انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة واحد أو 1.5 نقطة مئوية بسبب الإغلاق الحكومي، أي نحو 15 مليار دولار أسبوعياً، وهو ما يتماشى مع تقديرات مجلس المستشارين الاقتصاديين لترمب. لكن هذه الخسائر تهدد بأن تصبح أكثر جوهرية وأصعب تعويضاً كلما طال أمد الإغلاق، ويخشى البعض من أن يؤثر الإغلاق سلباً على التسوق والإنفاق خلال نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر المقبل، وهما شهرا العطلات الرئيسان، كما تقدر جمعية السفر الأميركية أن إغلاق الحكومة يكلف الاقتصاد ما يقارب مليار دولار أسبوعياً من عائدات السفر والسياحة المفقودة، وهو ما ينذر بانخفاض النشاط التجاري، لأن نظام السفر بأكمله، بما في ذلك الفنادق والصناعات الأخرى ذات الصلة، ستتأثر نتيجة لهذا الاضطراب. ويحذر البعض من أن تعليق إصدار البيانات الاقتصادية الرئيسة، مثل تقرير الوظائف الشهري، سيؤدي إلى زيادة حال عدم اليقين، لأنه من دون معلومات أساسية حول الوضع الاقتصادي للبلاد، قد يرتكب صانعو السياسات أخطاء جسيمة. وتترقب “وول ستريت” بفارغ الصبر انتهاء الإغلاق إذ أغلق مؤشر “ستاندرد أند بورز 500” على ارتفاع طفيف، الجمعة، بعد تعويض خسائره التي مني بها جزئياً نتيجة التوتر والاضطراب حول الإغلاق الحكومي.

8- ما التداعيات السياسية للإغلاق؟
من المحتمل جداً أن يخوض الحزبان هذه المعركة من دون أن يكون هناك فائز، ففي كثير من الأحيان ينتهي الأمر في هذه المفاوضات بمن يستطيع حفظ ماء الوجه أكثر، ومن يستطيع الخروج من المعركة من دون أن يفقد احترام مؤيديه. وفي حين يدرك معظم أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين أن الرئيس ترمب والجمهوريين لن يتنازلوا فجأة عن موقفهم المتعلق بالرعاية الصحية، لكنهم يحاولون أن يثبتوا لمؤيديهم من الشعب الأميركي أنهم سيخوضون المعركة ويستخدمون أي نفوذ ضئيل لديهم دفاعاً عن أيديولوجيتهم في الحفاظ على برامج شبكات أمان اجتماعي أكثر قوة، وزيادة الإنفاق الحكومي لتحقيق أهدافهم. لكن هذا قد يلحق بالديمقراطيين مزيداً من الخسائر السياسية، فكثر من الجمهوريين سعداء بإغلاق الحكومة ليظهروا للشعب الأميركي أنهم ليسوا في حاجة إلى هذا القدر من الحكومة، ويجدونها فرصة جيدة ربما لتقليص عدد كبير من البرامج الحكومية وتنفيذ تسريحات جماعية للموظفين الفيدراليين.

وكلما طال إغلاق الحكومة قل التمويل الذي ستحصل عليه هذه البرامج الحكومية، وبهذا المعنى يخسر الديمقراطيون أكثر، لكن من ناحية أخرى قد يخسر الجمهوريون كثيراً أيضاً في مجال العلاقات العامة بسبب هوية قائد حزبهم، إذ أثبت ترمب بالإغلاق الأخير خلال عامي 2018-2019، أنه يجد صعوبة كبيرة في جعل هذه المعارك لا تدور حوله فحسب، في الأقل من منظور عام، إذ لا تسير الأمور على ما يرام بالنسبة إليه، فهو رئيس لا يحظى بشعبية كبيرة حالياً، ولأنه يميل إلى التمادي في مثل هذه المواجهات، قد يمكن الديمقراطيين من استغلال موقفه لمصلحتهم من حيث مخاطبة ناخبيهم وإلقاء اللوم على الرئيس. ومع تفاقم الخلاف السياسي، يرجح أن تتفاقم مشاعر العداء التي تولدت أثناء مفاوضات الإغلاق، مما يزيد من صعوبة التعاون الحزبي في المستقبل، بخاصة أن الأحزاب المتعارضة غالباً ما تنتظم في حملات إعلامية لإلقاء اللوم على بعضها بعضاً في الإغلاق، مما قد يؤدي إلى تفاقم الاستقطاب السياسي.

9- متي يعاد فتح الحكومة؟
ربما يكون هناك بعض الأدلة على أن عدداً من الديمقراطيين والجمهوريين المعتدلين حريصون على التوصل إلى اتفاق قبل عيد الشكر في 27 نوفمبر، الذي يعد أحد أهم الأعياد العائلية في الولايات المتحدة إن لم يكن أهمها. ويتوقع كريس كروجر المحلل في مجموعة واشنطن للأبحاث التابعة لشركة “تي دي كوين” أن تعيد الحكومة فتح أبوابها إما في 14 أو 21 نوفمبر الجاري قبل ذروة موسم السفر في عيد الشكر.

10- هل يحدث إغلاق حكومي في دول أخرى؟
لا تحدث حالات الإغلاق الحكومي في الدول المماثلة لأن حكوماتها لا تتفاعل مع تأخر إقرار مشاريع قوانين التمويل بإيقاف العمليات الحكومية، وبدلاً من ذلك، تطبق هذه الدول حلولاً قصيرة الأجل مثل الاستمرار في تشغيل الحكومة بالمبلغ المخصص في موازنة العام السابق أو حلولاً طويلة الأجل مثل إجراء انتخابات لتتمكن حكومة جديدة من إقرار الموازنة السنوية.

وفي ألمانيا على سبيل المثال، وهي جمهورية برلمانية اتحادية، يعد تأخير إقرار الموازنة السنوية أمراً شائعاً في أعوام الانتخابات، لكن هذا لا يمنع الحكومة من مواصلة عملها، إذ ينص القانون الألماني على أنه إذا لم يقر البرلمان الموازنة قبل بداية السنة المالية، يستمر التمويل بمبلغ العام السابق نفسه للحفاظ على المؤسسات، والوفاء بالالتزامات، ومواصلة مشاريع البناء والمزايا والخدمات، وفي حال عدم كفاية الإيرادات والاحتياطات لتغطية الكلف، يمكن للحكومة اقتراض 25 في المئة من موازنة العام السابق.

وعلى رغم أن كوريا الجنوبية تمتلك نظاماً رئاسياً مثل الولايات المتحدة، فإنها تتعامل مع تأخر إقرار الموازنة السنوية بطريقة مشابهة لألمانيا، أما المملكة المتحدة، وهي ديمقراطية برلمانية وملكية دستورية، فلديها استجابة مختلفة تجاه عدم القدرة على إقرار الموازنة، فمن المرجح أن يؤدي الفشل في إقرار الموازنة إلى طرح اقتراح سحب الثقة من الحكومة ثم إجراء انتخابات، ويصبح من واجب الحكومة الجديدة إقرار قوانين التمويل.

التعليقات معطلة.