الإمارات غير الواثقة من سياسات واشنطن في المنطقة تقيّد قدرتها على شن ضربات من أراضيها

1

علما أميركا والإمارات


نسبت مجلة “بوليتيكو” إلى أربعة أشخاص قولهم إن الإمارات واحدة من عدة دول باتت تفرض قيوداً على الولايات المتحدة وقدرتها على شن غارات انتقامية ضد جماعات وكيلة لإيران. وينسجم هذا الموقف مع مواقف عدة سابقة لأبوظبي في السنوات الأخيرة تعكس عدم ثقة بسياسة الإدارات الأميركية في المنطقة،  ويعتبر “معاملة بالمثل” بعد قرارات أميركية اعتبرتها أبوظبي مخيبة لها.  ووسط ارتفاع عدد القتلى المدنيين في غزة، يقيد العديد من الدول العربية،  يقيّد بشكل متزايد الولايات المتحدة وشركاءها من القيام بعمليات الدفاع عن النفس من أراضيها، وفقاً للمسؤول الأميركي الذي قال إن ذلك يشمل قيوداً على الضربات الانتقامية ضد الهجمات في العراق وسوريا والبحر الأحمر.  ونقلت المجلة معلوماتها عن مسؤول أمريكي ومساعد في الكونغرس ومسؤولين غربيين.  وكانت الإمارات تحدت واشنطن في شأن غزة مراراً، وصولاً إلى تنظيمها في كانون الأول (ديسمبر) الماضي جولة لسفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن الى رفح للاطلاع على عمليات الإغاثة لغزّة والمساعدات الانسانية القليلة التي تدخل إلى القطاع، وذلك  بعد تصويت واشنطن ضد قرار مشروع قانون قدمته الدولة الخليجية لوقف إطلاق النار في القطاع. وبلغ عدد الهجمات التي قامت بها هذه مجموعات مسلحة ضد القوات الأميركية في العراق وسوريا والأردن واستخدمت فيها مزيجاً من الغارات بالمسيرات والصواريخ، 170 هجوما، مما أدى لمقتل ثلاثة جنود أميركيين وجرح العشرات. وقال المسؤول الأميركي إن دولاً عربية معينة باتت تضع قيودا على الوصول إلى القواعد وإطلاق الأرصدة العسكرية المشاركة في الغارات الانتقامية.  وفيما علق المسؤولان الغربيان بأن السبب الذي دفع الإمارات لفرض القيود، هو أنها “لا تريد الظهور بأنها ضد إيران”، يبدو أن الموقف الإماراتي الأخير ينطلق من عدم ثقة بالسياسة الأميركية غير المتسقة في المنطقة،  ويندرج في إطار “المعاملة بالمثل”، بعد طعنات أميركية سابقة للدولة الخليجية. ولعل الرد الأميركي المتأخر والضعيف على  الهجوم بطائرات دون طيار وصواريخ في 17 كانون الثاني (يناير)  2022، والذي أعلن الحوثيون مسؤوليتهم عنه، الوجه الأوضح للسياسة الأميركية المترددة حيال دولة يعتبر أنها حليفة رئيسية لها في المنطقة. واضطر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الى الاعتذار للرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد، إذ كان لا يزال ولياً لعد أبوظبي،   لتأخر بلاده في إدانة هجمات الحوثيين.  إلى ذلك، شكل تراجع واشنطن عن بعض البنود صفقة بيع الامارات مقاتلات “أف 15”  التي تفاوض الجانبان عليها فترة طويلة، نقضاً آخر لما كان يجب أن يكون التزاماً أميركيا حيال دولة حليفة، مما اضطرها إلى تعليق النقاشات بشأن الصفقة.  وإبان حرب اليمن وتحديداً عام 2016، طلبت الإمارات من واشنطن مساعدتها في حربها على تنظيم “القاعدة”.  في حينه، رفضت إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما طلب المساعدة، علماً أنه كان يمكن لحملة عسكرية إماراتية، تدعمها واشنطن، أن تساعد في توجيه ضربة جديدة للتنظيم الذي كان يقوم بعمليات إرهابية، وينفذ اغتيالات. وفي كانون الأول الماضي، أعلنت واشنطن تأليف تشكيل عسكري بحري متعدد الجنسيات، أطلقت عليها اسم “حارس الازدهار” تهدف للتصدي للهجمات الحوثية على السفن التجارية من إسرائيل وإليها عبر البحر الأحمر. ولم تشارك الإمارات ولا السعودية فيه. مرة أخرى، تتخذ دولة خليجية قراراً يؤكد دينامية جديدة ليست في أي حال معادية لواشنطن، إلا أنها تأخذ في الاعتبار مصالحها قبل أي مصالح أخرى.

التعليقات معطلة.