الاتفاقية الأمنية بين العراق وإيران تغيّب إقليم كردستان… هل يدفع الثمن؟

1

المصدر: النهار العربير رستم محمود

توقيع الاتفاقية الأمنية بين العراق وإيران.

توقيع الاتفاقية الأمنية بين العراق وإيران.

A+A-بينما وقعت الحكومة المركزية العراقية “اتفاقية أمنية” جديدة مع طهران، لاحظ مراقبون تغييب إقليم كردستان العراق عن أجوائها، على رغم أن جوانب كثيرة منها تتعلق به، خصوصاً المناطق الحدودية مع إيران. وسبق أن شن “الحرس الثوري” الإيراني خلال الشهور الماضية هجمات عدة عبر الحدود، رداً على ما وصفته طهران بـ”الجماعات التخريبية” التي تنفذ عمليات عبر حدود الإقليم ضدّ إيران، قاصدة الأحزاب الكردية الإيرانية المنتشرة في مخيمات اللاجئين الأكراد في الإقليم. أربعة من خمسة!الاتفاقية الجديدة التي رعاها رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ووقعها في بغداد كل من أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني ومستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، لم تُنشر تفاصيلها، لكن مصدراً سياسياً عراقياً رفيعاً، رفض الكشف عن اسمه، أفاد “النهار العربي” عن تضمنها خمسة بنود رئيسية، أربعة منها على الأقل تتعلق بإقليم كردستان. 

 ووفق تأكيدات المصدر، فإن الحكومة المركزية العراقية، ستتعهد بحسب الاتفاقية، بمنع تسلل أي مقاتلين أكراد من داخل الأراضي العراقية نحو إيران، وهو أمر يتطلب من الجيش العراقي انتشاراً أمنياً مكثفاً في المنطقة الجبلية الوعرة بين إيران وإقليم كردستان. كذلك فإن الحكومة العراقية ستعمل على نقل مختلف المعسكرات والمقار والمخيمات الخاصة بالأكراد الإيرانيين من المنطقة الحدودية إلى داخل أراضي الإقليم، وإلى جانب الأمرين ستعمل الحكومة المركزية على نزع الأسلحة المتوسطة والثقيلة من مختلف التنظيمات الكردية المسلحة، وتتعهد رابعاً بتسليم المطلوبين الأمنيين إلى الجانب الإيراني. ومقابل هذه البنود الأربعة فإن الطرف الإيراني تعهد باحترام سيادة والعراق واستقراره، الأمر الذي يعني فعلياً توجيه فصائل “الحشد الشعبي” العراقية المرتبطة بإيران بعدم إثارة القلاقل لحكومة السوداني. مخاوف بمفعول رجعيمعلقون ومتابعون في إقليم كردستان انتابهم القلق حيال هذه الاتفاقية الأمنية الجديدة، والتي لم يعلق عليها إقليم كردستان رسمياً، لاحظوا غياب قوات البيشمركة ووزارة داخلية الإقليم عن أجوائها، وشبهوها بالاتفاقية الثنائية التي عقدها العراق مع إيران في الجزائر عام 1975، والتي كانت على حساب الأكراد تماماً، حينما تبادل الطرفان مجموعة من التنازلات الثنائية على حساب الطرف الكردي. الكاتب والباحث شفان رسول، شرح في حديث لـ”النهار العربي” الصعوبات والمعوقات التي قد تواجهها هذه الاتفاقية الحديثة، بناء على نوعية العلاقة التي بين إقليم كردستان والسلطة المركزية في بغداد، وقال: “نظرياً، قد لا يكون إقليم كردستان معترضاً على مضمون الاتفاقية، وفي كل البنود المتعلقة بكردستان. فالإقليم مثلاً يوافق على نشر قوات من حرس الحدود الوطني على مناطقه الحدودية، لكنه يعترض على أن تكون تلك القوات أداة لعودة السيطرة العسكرية على الإقليم، أو فرضاً لإرادة المركز عليه، خصوصاً أنه يذكر دوماً بأشكال الخلل التي يعاني منها تكوين الجيش العراقي”. 

 ويضيف: “الأمر نفسه يتعلق بتسليم المطلوبين الأكراد الإيرانيين. فإقليم كردستان لا يعترض على تسليم أي شخص يُثبت تورطه في أي أعمال عنف أو مسٍ بالسلام الاجتماعي داخل إيران، لكنه في المقابل يطالب بأن يكون هذا الأمر متبادلاً، وأن لا يتحول إلى أداة لتنفيذ مطالب إيران بتسليم مجموعة من القادة السياسيين والأفراد المعارضين”. يضيف رسول: “على الأغلب، فإن الحكومة المركزية العراقية، ومثل إقليم كردستان، تعرف تماماً أن الادعاءات الإيرانية بالتعرض لهجمات من داخل إقليم كردستان لم تكن مبنية على أي وقائع، بل مجرد دعاية سياسية لتصدير أزمتها الداخلية وخلق عدو وظيفي في الخارج. وتالياً فإن سعيها الراهن إنما يتقصد تحقيق مكسب يُستخدم دعائياً للداخل فحسب”. حسابات داخلية في إيرانوكانت إيران خلال الشهور الستة الماضية قد شنت هجمات صاروخية عدة وبالطائرات المسيّرة على مقارٍ ومخيمات للاجئين الأكراد داخل إقليم كردستان، طاولت واحدة منها أماكن في العمق العراقي، في بلدة “بردى” بين محافظتي كركوك وأربيل، مدّعية أن القوى السياسية الكردية المستقرة في هذه المعسكرات والمخيمات، هي السبب في اندلاع الاحتجاجات الشعبية في المناطق ذات الأغلبية الكردية في شمال غربي إيران، في محافظات كرمنشاه وكردستان وأذربيجان الغربية، عقب مقتل المواطنة الكردية الإيرانية مهسا أميني على أيدي قوات “شرطة الأخلاق” الإيرانية. الهجمات الإيرانية لم تتوقف على رغم التحذيرات العراقية والدولية والأممية، لكن طهران وضعت شروطاً عدة أمام الحكومة المركزية العراقية وإقليم كردستان لوقفها، إذ قال حينذاك وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إنه تم التوافق عليها قبل أربعة أشهر بين الطرفين، حيث تقررت زيارة شمخاني منذ ذلك الوقت، وهي “تركز على القضايا المتعلقة بالجماعات المسلحة في شمال العراق. إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية لن تقبل بأي حال من الأحوال التهديدات من الأراضي العراقية”. لكن مراقبين شددوا على أن الاستراتيجية الإيرانية حيال إقليم كردستان تتقصد تحجيم دور الإقليم وتطلعاته، لأنها ترى فيه نموذجاً يمكن أن ينعكس “سلباً” على استقرار النظام الداخلي وحكم الأكراد في البلاد، ولأجل ذلك فإن السلطات الإيرانية غالباً ما توجه للإقليم تهماً تتعلق بالتآمر والتعامل مع القوى الإمبريالية المعادية لإيران، وهاجمت بالصواريخ وسط العاصمة أربيل.

التعليقات معطلة.