| حلب – خالد زنكلو
لاحت بوادر جلية لانطلاق انتفاضة جديدة للعشائر العربية في ريف دير الزور ضد ميليشيات «قوات سورية الديمقراطية- قسد»، نتيجة إخفاق «المفاوضات» بين الطرفين، على خلفية انتفاضتين سابقتين للعشائر مطلع ونهاية أيلول الفائت، وتنصل الميليشيات من الوعود التي قطعتها لتنفيذ مطالب العشائر بحكم المناطق التي يشكلون أغلبية تركيبتها السكانية.
وتشير مجريات الأمور بريف دير الزور الشرقي إلى أن الاحتلال الأميركي، الموجود في قاعدتي حقل العمر النفطية وحقل كونيكو للغاز غير الشرعيتين، بات متخوفاً من امتداد الاشتباكات في حال انطلاق الانتفاضة الثالثة للعشائر العربية إلى هاتين القاعدتين العسكريتين، ولذلك راح يتحوط من العملية التي استدعت استقدام «قسد» مزيداً من التعزيزات العسكرية إلى محيطهما، لتوفير الحماية اللازمة لجنود الاحتلال الأميركي فيهما.
وقالت مصادر مطلعة على تطورات الوضع بريف دير الزور لـ«الوطن»: إن اليومين الماضيين، شهدا عمليات تصعيد عسكرية من قوات العشائر العربية ضد حواجز ومواقع «قسد»، التي ردت بتنفيذ حملات دهم واعتقال، على امتداد الأرياف الشرقية والغربية والشمالية لدير الزور، بعد أيام من دعوة قائد قوات العشائر وشيخ قبيلة العكيدات إبراهيم الهفل، الذي قاد الانتفاضتين السابقتين، في ١١ الشهر الجاري وعبر تسجيل صوتي إلى إشعال جبهات القتال في كل المناطق خلال الأيام القادمة ضد الميليشيات، مبرراً الهدوء الأخير الذي ساد الجبهات إلى انتظار مخرجات الاجتماعات التي ترعاها واشنطن في سفارتها بمدينة أربيل في إقليم كردستان العراقي، والتي قادها ممثل العشائر شقيق إبراهيم الهفل الأكبر الشيخ مصعب، ولم يفلح مسارها التفاوضي في ثني الميليشيات عن تغيير آلية الحكم عسكرياً وأمنياً بريف دير الزور، مدعومة بموقف قوات الاحتلال الأميركي المساند لها.
وأوضحت المصادر لـ«الوطن» أن قوات الاحتلال الأميركي نفذت فجر أمس، وبمؤازرة «قسد» والطائرات المروحية، عملية إنزال ومداهمة بالقرب من الشارع العام في مدينة الشحيل بريف دير الزور الشرقي، تخللها اشتباكات بالأسلحة الرشاشة وانفجارات، وأفضت إلى اعتقال ٦ أشخاص، ٤ منهم من عائلة الخلف، في مسعى لإخماد أي حراك عشائري قد يؤدي لانطلاق الانتفاضة الجديدة ضد الميليشيا، وخصوصاً في التجمعات السكنية القريبة من قاعدة العمر، مثل الشحيل وذيبان والطيانة والحوايج.
وأكدت المصادر أن ادعاء قوات الاحتلال الأميركي أنها اعتقلت في عملية الشحيل «أميرين» من تنظيم داعش عار عن الصحة، بدليل أن «قسد» نفذت عمليات دهم واعتقال عديدة في المدينة على مدار الأسبوعين الأخيرين دون التعرض لهؤلاء المعتقلين أو أن تدعي بأنها تبحث عن إرهابيين من التنظيم وإنما عن مطلوبين مناوئين لها في الاشتباكات الأخيرة مع مقاتلي العشائر العربية.
مصادر محلية بأرياف دير الزور، بينت لـ«الوطن» أن قوات العشائر العربية استهدفت فجر أمس مواقع لـ«قسد» في بلدتي أبو حردوب والجرذي شرقي المحافظة دون معرفة عدد القتلى والجرحى، كما قتلت مسلحاً من «قسد» وجرحت ٣ آخرين في إطلاق النار على حاجز للميليشيات عند مدخل بلدة غرانيج في الريف ذاته.
وأكدت المصادر مصرع ٤ مسلحين من «قسد» بصاروخ موجه أطلقه مقاتلو العشائر أول من أمس باتجاه سيارة عسكرية لـ«قسد» قرب بلدة الكبر غربي دير الزور، على حين استهدفوا نقطة عسكرية للميليشيات في بلدة الطيانة شرقي دير الزور، حيث قتل مسلح من الميليشيات بانفجار عبوة ناسفة بسيارته في البلدة وأصيب آخرون بجروح لدى استهداف دوريتهم بالقرب من بلدة أبو حمام في الريف ذاته.
وأشارت إلى تطور لافت أمس تمثل بانشقاق ٢٤ مسلحاً من «قسد» في مدينة البصيرة وانضمامهم لقوات العشائر العربية، وذلك بعد الاحتفاظ بهم فترة طويلة في دير الزور بدل أيام وفق وعودها، واستجابة لنداءات إبراهيم الهفل المتكررة، والتي تناشد أبناء العشائر العربية المنضوين في صفوف الميليشيات إلى الانشقاق عنها.
إلى ذلك، ذكرت المصادر أن «قسد» أرسلت تعزيزات عسكرية ضخمة أول من أمس إلى حقل العمر بطلب من الاحتلال الأميركي، بهدف زيادة هامش الأمان في محيط قاعدة الاحتلال داخل حرم الحقل النفطي ولرفع الجاهزية ضد أي هجوم محتمل من قوات العشائر العربية باتجاهه.
وأضافت: تزامن ذلك مع حفر الميليشيات خنادق ورفع سواتر ترابية عند المعابر المائية المؤدية إلى مناطق الحكومة السورية في الضفة الغربية لنهر الفرات، كما في قرى محيميدة والجنينة وزغير جزيرة غرب دير الزور، وذلك تأهباً لانتفاضة جديدة من أبناء العشائر العربية وزيادة أمن مسلحيها في مناطق انتشارها.
كما زرعت عشرات الألغام قرب شاطئ نهر الفرات في بلدة أبو حمام في المنطقة الممتدة من مكينة ضياف إلى مكينة رعد، للغاية ذاتها، وفق قول المصادر.