24 ـ بلال أبو كباش
جولة سريعة في شارع بالضفة الغربية وغزة لرجل بسيط الخبرات الاقتصادية تكفي لإحصاء حجم الخسائر الهائلة، محلات فارغة، وأسواق منكمشة، وأوجه بائسة، ومستويات فقر غير مسبوقة، كل ذلك في عام واحد فقط، جنى فيه الفلسطينيون أوجاعاً وهموماً أكثر من أي عام سابق، خاضت فيه إسرائيل حرباً ضدهم.
في غزة، تبدو الصورة أكثر قتامة، فلا أسواق حقيقية أصلاً، باستثناء محلات بسيطة، أبوابها مشرعة أمام الهواء، فلا زبائن يرتادونها، ولا بضائع تعرض على الرفوف.
في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، حلت الكارثة، وارتد هجوم حماس على جنوب الدولة العبرية، بجحيم لا يزال غليان ناره يفور، يأكل الأخضر واليابس في طريقه، ويحصد من الأرواح والأموال والممتلكات ما لا طاقة لمؤسسة إحصاء أو وزارة على جمع شمله في أعوام طويلة.
ووثقت تقارير مختلفة جحم الخسائر الكبيرة في الاقتصاد الفلسطيني، وكيف تردت أوضاع سكان الضفة الغربية، وقطاع غزة، آخرها ما نشرته منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) في سبتمبر (أيلول) الماضي، وجاء فيه التالي:
خسائر غزة
1- انخفاض الناتج المحلي الإجمالي للقطاع المكنوب بنسبة 81% في الربع الأخير من عام 2023.
2- انكماش بنسبة 22% للعام 2023.
3- وبحلول منتصف عام 2024 انكمش اقتصاد غزة إلى أقل من سدس مستواه في 2022.
4- تدمير 80 إلى 96% من الأصول الزراعية في القطاع.
5- تعطل 82% من الشركات في غزة، بسبب تدمير مراكزها، أو انعدام مدخولها.
6- فقد القطاع حوالي ثلثي جميع الوظائف، التي كانت موجودة قبل الحرب في غزة، بحلول بداية العام الجاري.
7- التضخم تجاوز 250%.
الضفة والقدس الشرقية
في الضفة الغربية والقدس الشرقية، يختلف الأمر قليلاً عن غزة، فما زال بمقدور السكان شراء حاجياتهم الأسياسية، من مدخراتهم، أو من مصادر رزق محلية، ذات مردودات محدودة جداً، وتكشف لغة الأرقام طبيعة الاختلاف كالتالي:
1- 80% من الشركات في القدس الشرقية توقفت عن العمل جزئياً أو كلياً.
2- فقدت الضفة الغربية 306 آلاف وظيفة.
3- ارتفاع مستوى البطالة إلى 32%.
4- حجم الخسارة اليومية في الضفة الغربية يقدر بنحو 25.5 مليون دولار.
5- تراجع دعم المانحين إلى 358 مليون دولار في 2023 مقارنة بملياري دولار في الأعوام السابقة.
مع مرور الوقت بدأت السلطة الفلسطينية تستشعر حجم الضرر الاقتصادي، حتى باتت على مشارف الانهيار، مع التهام إسرائيل واقتطاعها المستمر لأموال المقاصة، ووصل حجم الاقتطاعات حسب تأكيد وزارة المال الفلسطينية 7.26 مليار شيكل منذ عام 2019.
اقتصاد الضفة الغربية يعاني تحت وطأة الحرب في غزة – موقع 24
ينتظر حافظ غزاونة في متجره الصغير في البيرة في الضفة الغربية المحتلة، الزبائن بفارغ الصبر، فمنذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لم يشتر منه سوى عدد قليل من الناس السندويشات والفلافل.
ارتد أثر الاقتطاعات على قطاعات كبيرة في الاقتصاد الوطني الفلسطيني، وأصبحت السلطة أمام تحد جديد، بعد تراجع قدرتها على دفع رواتب الآلاف من موظفيها، واكتفائها بمنحهم أجزاء تتماشى مع قدراتها المالية، عدا عن تراجع قدرتها على تقديم أبسط الخدمات المجتمعية، والرعاية الصحية.
وبحسب الجهاز الفلسطيني للإحصاء، فإن إجمالي خسائر الإنتاج في الضفة بلغ نحو 30%، في حين خسر الاقتصاد الفلسطيني بالمجمل قرابة 80%.
ومن القطاعات الأخرى المتأثرة بالحرب، التعدين والصناعات التحويلية والكهرباء، وجميعها سجلت تراجعاً يصل إلى 27%.
كما سجل نشاط الإنشاءات والتعمير تراجعاً بنسبة 41%. وتراجع نشاط الزراعة بنسبة 11%. وانخفض نشاط تجارة الجملة والتجزئة بنسبة 18%.
وكانت نتيجة الخسارات الهائلة تلك، تراجع نصيب الفرد الفلسطيني من الناتج الإجمالي إلى 512 دولاراً في الربع الثاني من العام الجاري.
قطاع العمل
يعتمد جزء كبير من الفلسطينيين على العمل في إسرائيل لكسب رزقهم، وبسبب الحرب، وإغلاق إسرائيل المعابر، وتسريحها مئات آلاف العمال، بات 185 ألف فلسيطيني كانوا يشتغلون في قطاعات البناء والزراعة والصناعة والخدمات في إسرائيل حتى السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بلا شغل، ولا مصدر عيش، وانعكس ذلك بشكل واضح على إجمالي الخسائر الاقتصادية، والتي وصلت إلى نحو 330 مليون دولار أمريكي.
خسائر البنوك
كان قطاع البنوك أيضاً في صدارة قائمة الخسائر، فتراجع حجم تجارة البنوك الفلسطينية في النصف الأول من 2024 قرابة 26.3% على أساس سنوي، إذ بلغ حجم التجارة الفلسطينية الخارجية الإجمالي 4.5 مليارات دولار حتى نهاية يوليو (تموز) مقارنة مع 5.7 مليارات دولار للفترة ذاتها من 2023.