مقالات

الانتخابات الإسرائيلية .. شطب قائمة عربية

 
 
د. فايز رشيد
 
بداية, فإن كاتب هذه السطور لا يؤيد مشاركة أهلنا في منطقة 48 في انتخابات الكنيست الإسرائيلية. ولقد سبق وأن أوضح وجهة نظره في مقالة خطّها على صفحات هذه الجريدة العزيزة “الوطن”, ذلك أن الفوائد التي تجنيها إسرائيل من هذه المشاركة لا تقارن بأية إنجازات يتم تحصيلها من هذه المشاركة! فعدا عن الادعاء بـ”ديموقراطية” دولتها في العالم, وتغني الأخير بها, فإن مشاركة الفلسطينيين في هذه الهيئة التشريعية, لم تمنع الدولة الصهيونية من سنّ قانون عنصري واحد, من بين 262 قانونا عنصريا سنّتها إسرائيل على مدى تاريخ بدء الكنيست. بالتالي, فما الداعي لمثل هذه المشاركة؟ رغم كلّ ذلك, نحترم توجهات شعبنا في منطقة 48, مع العلم أن 50% منهم لا يؤيدون هذه المشاركة. الإسرائيليون انطلاقا من العقيدة والأيديولوجيا الصهيونية, لا يحبذون رؤية فلسطينيين عرب في الكنيست, انطلاقا من عنصرية متفشية في عموم الشارع الإسرائيلي, وبضمنه قيادته.
مثلما ذكرت الأنباء في مصادر ووسائل إعلامية عديدة, قررت لجنة الانتخابات المركزية الإسرائيلية شطب قائمة التحالف بين حزب “التجمع الوطني الديمقراطي” و”التحالف الإسلامي الجنوبي” ومنعها من خوض الانتخابات المقرر إجراؤها في 9 إبريل/نيسان المقبل. كما أقرّت اللجنة منع المرشح اليهودي في قائمة الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة الدكتور عوفر كسيف, المعروف بمواقفه المناهضة للاحتلال والصهيونية, والذي يشبهها بالنازية, من خوض المعركة الانتخابية. وجاء القرار بالرغم من أن المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية أفيخاي مندلبليت, أوصى بعدم شطب أي من القوائم العربية. معروف أن الأحزاب العربية في منطقة 48 شكّلت قائمتين تخوضان الانتخابات (وليس قائمة مشتركة واحدة على شاكلة الانتخابات السابقة عام 2015). للعلم, الذي اعترض إلى لجنة الانتخابات المركزية على ترشيح القائمة العربية المعنية, هو حزب الليكود, ونتنياهو شخصيا, الذي طالما عبّر عن امتعاضه من وجود النواب العرب في الكنيست.
للعلم , في عام 2016 أقرّت الكنيست الإسرائيلية, قانونا سمّته “قانون الإقصاء”, والذي بموجبه يحق للكنيست طرد كل من يؤيد الكفاح المسلح من النواب ضد إسرائيل, وكل من يتعاطف مع عائلات منفذي العمليات العسكرية من الفلسطينيين ضد إسرائيل. أسباب سنّ القانون وفقما قالت صحيفة “هآرتس” (إضافة إلى النشرة الإلكترونية “عرب48″), فإن أسباب سن هذا القانون هي الزيارات التي قام بها النواب العرب الثلاثة: حنين زعبي, وباسل غطاس, وجمال زحالقة, لعائلات منفذي بعض الهجمات من أبناء شعبنا ضد الكيان الصهيوني, من ذوي شهداء انتفاضة القدس “ثورة السكاكين”, الذين يحتجز الاحتلال جثامين بعضهم حتى اليوم, الأمر الذي شكّل فرصة سانحة لنتنياهو لاتخاذ قرارات عنصرية نحوهم, حيث جرى منع النائب حنين الزعبي من المشاركة في نقاشات الكنيست واللجان مدة أربعة أشهر متواصلة, فيما النائبان غطاس, وزحالقة تم منعهما شهرين متواصلين. ليس عصيّا على الاستنتاج بالطبع طبيعة الأسباب التي دفعت الكنيست إلى المصادقة على قانون الإقصاء, فهو يستهدف بشكل أساسي النواب العرب ونزع الشرعية عنهم, كما ضرب التمثيل العربي, ورفع الحصانة عنهم, من خلال إقصائهم ومحاكمتهم بناء على مواقف سياسية دون محاكمة, ما يعني أن المؤسسة البرلمانية في إسرائيل تنصّب نفسها في مواقع النيابة والشرطة والمحكمة, وهو أمر غير متبع في الأنظمة الديمقراطية في العالم.
اللجنة ـ التي منعت قائمة عربية من خوض الانتخابات ـ صادقت على ترشح العنصري إيتمار بن غفير, المدافع الشرس عن مائير كاهانا ومرشح (حركة كاخ) الفاشية, وسمحت له بخوض الانتخابات “رغم الأدلة المقلقة بشأنه” وفقما تقول صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”, وذلك بدعم 16 عضوا في لجنة الانتخابات! وحتى تكتمل مسرحية الديموقراطية الإسرائيلية, يسمح لمن منعتهم لجنة الانتخابات المركزية من التوجه لمحكمة العدل العليا الإسرائيلية, التي ستنظر في طلبات الاعتراض خلال الفترة القريبة القادمة! وليس مستبعدا أن تلغي المحكمة قرار لجنة الانتخابات, في عملية تبادل للأدوار مخطّط لها مسبقا! ألم نكتب من قبل عن زيف ديموقراطية إسرائيل؟