الانتخابات العراقية جعجعة بلا طحن

1

 

شه مال عادل سليم

يا لَلْهول , فاسد تسبب بضياع أموال الشعب ومطلوب للعدالة العراقية يتصدر قائمة الانتخاب , ويطالب بالتطهير والمكاشفة والاصلاح والتغيير …!:

قبل شهرين ونيف تقريبا من موعدها، دخلت الانتخابات البرلمانية ومجالس المحافظات في العراق مرحلة العدّ العكسي،و بدأت ملامح السخونة تظهر على أوساط النخب السياسية العراقية , حيث تشهد الساحة السياسية تشكيل تحالفات( عجيبة وغريبة ) بين قوى وكيانات من طوائف مختلفة وباسماء (براقة جدا) على سبيل المثال لا الحصر (تحالف التضامن العراقي , تحالف النصر والإصلاح, ائتلاف الوطنية, ائتلاف الفتح , تحالف سائرون للإصلاح ) وتحالفات كثيرة اخرى عابرة (للمحاصصة والقومية ـ كما يقال ) , وذالك استعدادا للانتخابات البرلمانية ومجالس المحافظات المقررة في 12 أيار 2018، على الرغم من ان بعض القوى السياسية (السنية) تطالب بتأجيل إجراء الانتخابات لحين عودة نحو ثلاثة ملايين نازح إلى مناطقهم في المحافظات ذات الأغلبية السنية شمالي وغربي البلاد.

عنما نتمعن في الأسماء المرشحة للانتخابات نرى بان نفس الاشخاص الذين دمروا العراق ونهبوا ثروة الشعب يتصدرون رؤوس القوائم الانتخابية ويعلنون رسميا في الاعلام دعمهم( للإصلاح ومكافحة الفساد ومعاقبة المتورطين والمطلوبين للقضاء )وكانما هم من سكان كوكب (الحوري الأحمر) أتوا لانقاذ العراق من الفساد والفقر والجهل والتبعية ،ونسوا او تناسوا انهم هم الذين دمروا العراق ( بعد ان توشحو برداء الدين والقومية والوطنية )وساهمو في ضح الطائفية وكرسو مفهوم العداء الديني والغاء الاخر تحت شعآرات الإصلاح ونصر المظلومين والفقراء والمستضعفين واصبحوا جزا من النظام المحاصصة وشركاء في كل عمليات النهب والسلب و الاستنزاف لخيرات العراق حتى اصبحوا من اكبر رجال الاعمال في الشرق الاوسط وأكثرهم امتلاكاً للعقارات والشركات في خارج وداخل البلد, والاكثرمن هذا يخدعون الناخبين البسطاء بالشعارات والمال المسروق ويطالبونهم بالتصويت لقوائمهم( الوطنية والنظيفة جدا ) لـ(معافبة الفاسدين والمتربصين بالوطن والمنتفعين)..!! بعد ان اصبح النهب والخيانة والعمل ضد مصلحة الشعب والوطن أمرا واقعا وطبيعيا ومعتادا في عراق ما بعد الدكتاتورية والاحتلال …والا كيف نفسر , او مامعنى ان يترحم المواطن العراقي على زمن اعتى دكتاتورعرفته العراق والمنطقة ؟ وماذا يعني ان يجد المواطن العراقي المضطهد أصلاً في زمن النظام البائد , ان يجد فى شخص الدكتاتور صدام حسين بأنه كان أرحم واحسن من الحاكم الحالي ؟ الا يستحق هذا الامر ان نقف عنده ولا نقلل من حجم خطورة ما يقوله المواطن العراقي (الفقير المنهوب الجائع ) بعد ان عانى اشد العناء في ظل النظام البعث الفاشي ولسنوات طويلة ؟

عندما نراجع صفحات السنوات الماضية وتحديدا بعد سقوط الصنم , وننظر بأعين فاحصة ومتمحصة إلى اداء الكتل والاحزاب السياسية الحاكمة ( بدون إستثناء ) , نجد ان معظم التشريعات التي انجزوها في اروقة مجلس النواب (الذي اصبح عمله مناقشة القانون من دون اتفاق وبالتالي من دون نتيجة , بمعنى اخر, يتفقون على ان لا يتفقوا في قراراتهم وفي كل ما يتعلق بمصلحة الوطن والشعب ), وعليه ان معظم التشريعات التي انجزت في اروقة مجلس النواب (الذي هو اعلى سلطة تشريعية في البلد ) كانت ضد مصالح الشعب العراقي وضد حرياته الاساسية, بدءأ بتهميش وخرق وانتهاك ( 63 ) مادة من الدستورالعراقي , والذي ادى الى اضعاف الكيان السياسي للدولة التي اصبحت ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والمحلية , حيث لم تستطيع الحكومات العراقية المتعاقبة منذ 2003 ولحد كتابة هذه الكلمات ,او بالاحرى الحكومة لم تكن تريد ان تحافظ على إستقلال العراق و سيادته , ولم تريد ان تتعامل مع دول الجوار على اساس المصالح المشتركة و التعامل بالمثل , وعليه اصبح العراق حديقة خلفية (لإيران ) الجارة السيئة جدا والتي تصول وتجول فيها تحت سمع وبصر الحكومة الخضراء( الوطنية والنزيهة جدا ) , طبعا بدعم ومساعدة الأحزاب السياسية العراقية المتنفذة و المرتبطة بها ارتباطها وثيقا , والتي تحمل اليوم شعارات انتخابية براقة و تدعي ولائها زوراً وبهتاناً للشرعية الوطنية , وتحاول استغفال الشعب وخداعه من جديد من خلال الخطب الحماسية والشعارات الانتخابية البراقة , وتشدد في خطابها زورا وبهتانا على مبدأ فصل السلطات الذي يعتبر عماد النظام الديمقراطي الذي يضمن تاسيس دولة مدنية وأجهزة سياسية وقانونية خارجة عن تأثير القوى والنزعات الفردية والحزبية والطائفية والمذهبية , والاكثر من هذا تدخلت هذه الاحزاب ولاتزال تتدخل في شؤون الهيئات المستقلة و تنتهك الحقوقوالحريات العامة والتي ادت الى انتشار ظاهرة زواج القاصرات بعد ان فتح مشروع قانون الأحوال الشخصية والذي عرف بمشروع قانون ( الجعفري سيئ الصيت) فتح الباب أمام تزويج فتيات لا تتجاوز أعمارهن (تسع) سنوات، وإجبار المتزوجات على الخضوع لرغبات أزواجهن على اساس (أن المعاشرة الزوجية حق أصيل لهم) , ومنعوا سفر المرأة بلا محرم اضافة الى حرمان الالاف من الاطفال من حق التعليم وحق العيش في حياة كريمة …

عنما نتمعن في قائمة الأسماء المرشحة للانتخابات القادمة , نتفاجئ بوجود اشخاص واسماء بعثية بارزة ومتورطة بالفساد والجرائم المتنوعة ضاربين الدستور والقانون وتحديدا المادة ( 7 ) عرض الحائط والتي تنص : اولاً :ـ يحظر كل كيانٍ او نهجٍ يتبنى العنصرية او الارهاب او التكفير أو التطهير الطائفي، او يحرض أو يمهد أو يمجد او يروج أو يبرر له، وبخاصة البعث الصدامي في العراق ورموزه، وتحت أي مسمىً كان، ولا يجوز ان يكون ذلك ضمن التعددية السياسية في العراق، وينظم ذلك بقانون.
ثانياً : ـ تلتزم الدولة بمحاربة الارهاب بجميع اشكاله، وتعمل على حماية اراضيها من ان تكون مقراً أو ممراً أو ساحةً لنشاطه.

والاكثر من هذا , تتصدرالشخصيات الأكثر نفوذأ ودعما من الدول الإقليمية رؤوس قوائم الانتخابات التابعة للكيانات والتحالفات ( الوطنية جدا ) والتي تدعي وتطبل وتزمرليلا ونهارا (للإصلاح والدفاع عن حقوق الانسان ومحاربة العنصرية والارهاب والتكفير وتحقيق السيادة الوطنية وترسيخ دعائم الديمقراطية ) , (ومن يشك في ذالك ليتفضل ويطلع على اسماء القوائم المعلنة للانتخابات البرلمانية المقررة في 12 أيار 2018 )..

وحتى لا اطيل اكثر اكتفي بهذا القدرو أقول : برأيي المتواضع ارى ان ما يحدث الان في العراق المثخن بالجراح والفساد والدّمار لا يمت للانتخابات بصلة لأنها( اي الانتخابات ) أقرب إلى مسرحية عبثية هزيلة ومتكررة وفاشلة , بكل بساطة لانها غير قادرة على افراز أية وجوه او قوى وطنية جديدة تنعش الحياة السياسية وتغيرها , ولا تستطيع ان تضخ دماء جديدة فى شرايين العملية السياسيةوتخلصها من افة المحاصصة المقيتة , اضيف الى ذالك , بمشاركتنا في هذه المهزلة نسمح (للفاسدين مجددا) ليظهروا للعالم بانهم يمارسون الديمقراطيه الحقيقية , في حين ان تجربة السنوات الماضية أثبتت لنا حقيقة مفادها : ان انتخاباتنا محصورة فقط بتغيير اسماء وارقام الائتلافات والتحالفات والكيانات المتنافسة وإستبدال (سيد فاسد ـ لااعزه الله ـ بآخر أفسد منه لعنه الله , هذا في افضل الاحوال ) ، وهذا هو سر بقاء هذه النخبة السياسية الفاسدة و( النادرة جدا في تاريخ العراق الحديث والتي تختبئ تحت يافطة الانتخابات والوطنية و حقوق الانسان والنصر العظيم والفتح المبين والاستقامة العابرة للمسميات والطائفية والتخندق والقومية ) , هذا هو سر بقاء هذه النخبة الفاسدة في الحكم منذ 2003 الى الان ، والتي لخصنا نماذج اعمالها وفسادها وخطابها الديماغوجي في هذه المقالة المتواضعة ,والتي تجدد شرعيتها على الصعيدين المحلي والخارجي عبر الانتخابات( النزيهة جدا ) كل اربعة سنوات …

وبمجرد إنتهاء( العملية الإنتخابية) تنتهي صرف الاموال المسروقة من قوت الشعب على المواطنين ,كما تنتهي حملات توزيع البطانيات والمدفئات والموبايلات ,و تنتهي توزيع سندات قطع اراضي وهمية للمواطنين ، فضلا عن تبخر كل الوعود التى تقدمت بها الكتل والاحزاب لتقديم خدمات وتحسين الاحوال المعيشة للطبقة الفقيرة والمعدمة والمحتاجة , وان تجربة الانتخابات السابقة خير دليل على ذالك …

لهذا السبب ولاسباب اكثيرة اخرى ارى ان مقاطعة الانتخابات العراقية المقبلة جملةً وتفصيلاً واجب وطني واخلاقي على الاقل في الوقت الحالي , عكس الذين يرون ان عدم المشاركة بالانتخابات يعني التخلي عن المسؤوليه او هروبا منها وافساح المجال للمتربصبن بالوطن لتحقيق اهدافهم الخاصة … في وقت الذي ينسون هؤلاء ان الذين يسرقون وينهبون ويبيعون بالوطن على اهوائهم الخاصه ولا تهمهم مصلحة الوطن والشعب هم نفس الذين سوف يجثمون على قلوب العراقيين لاربع سنوات مقبلة كما فعلوا في الانتخابات السابقة بعد ان استغفلوا الشعب وخدعوه من خلال الخطب الحماسية والشعارات والوعود المعسولة والزائفة …

اخيرا اسأل واقول : لماذا لم نسمع من رئيس الوزراء ( الحالي او السابق باعتباره القائد العام للقوات المسلحة )او اي مسؤول عراقي اخر، تصريحا ينم عن تحمله مسؤولية أي فشل او اخفاق في العراق ؟ من هو المسؤول عن تصاعد حدة العنف والارهاب وتفشي الفساد والفقر والجوع والبطالة في بلد تجرى من تحته انهار من النفط تكفى لضمان رفاهيه شعوب المنطقة ؟

اليس هولاء الذين انفردوا بالسلطة وكرسوا الهيمنة الفردية والحزبية والطائفية على مفاصلها منذ عام 2003 ولحد الان ، وكبلوا مؤسسات الدولة بالمحاصصة المقيتة , اليس هم أنفسهم من يتصدرون اليوم المشهد السياسي الاول في العراق( بحجة ان الانتخابات قد اوصلتهم الى الحكم وان الشعب هو من اختارهم) ؟

هل يحقّ لهولاء الذين دمرّوا العراق ارضا وشعبأ ورسخوا الطائفية ومزقوا نسيجه الاجتماعي ونهبوا ثرواته وخيراته, ان يستحوذوا اليوم على رؤوس القوائم الانتخابية كأَنَّ شيئًا لم يكن ؟

الجواب متروك لكل من يهمه الامر .

التعليقات معطلة.