الانتخاب المؤدي إلى الضحك والانتحاب

1

جعفر عباس

فقد أسفرت نتائج الانتخابات النيابية التي شهدها العراق في الأسبوع الثاني من أيار/ مايو الجاري، عن أمور مذهلة، ولم يكن الأمر يتعلق بالفوز المفاجئ للتيار الصدري بصدارة المجلس النيابي الجديد، ولا بأن الحشد الشعبي حشد الناخبين، وحشر أوراق الاقتراع في الصناديق، وجاء في المرتبة الثانية في قائمة التكتلات المنتصرة في الانتخابات.

العجب الذي سيجعلك لا تميز بين شعبان ورجب، ستجده في القائمة أدناه التي توضح أسماء بعض المرشحين في الانتخابات العراقية وما حصلوا عليه من أصوات:

محمد عبد حردان – ائتلاف تضامن: صفر صوت.

رقية مجيد عبدالحميد – الحزب المدني: صفر صوت.

أسعد علي عبد الأمير – ائتلاف كفاءات للتغيير: صفر صوت.

رفعت صباح كريمر – ائتلاف تضامن: صفر صوت.

نبراس زهير حنان بولص – حركة تجمع السريان: صفر صوت.

محمد إبراهيم داود – تحالف تمدن: 1 صوت.

صادق خضير عباس – ائتلاف كفاءات للتغيير: 1 صوت.

رضوان نافع داود – ائتلاف كفاءات للتغيير: 1 صوت.

سيف الدين عادل جمعة – حزب اليقين الوطني: 1 صوت.

سهاد موحان حاتم – تيار الحكمة: 1 صوت.

أسامة أكرم سلمان – حزب الأمانة: 1 صوت.

سارة خالد شنور – حزب اليقين الوطني: 1 صوت.

لمى يحيى موسى – حزب اليقين الوطني: 1 صوت.

نظير سامي قاسم – جبهة الصالحين: 1 صوت.

ثائر رمضان مجول – ائتلاف تضامن: 1 صوت.

شمعون شليمون – تحالف الرافدين: صفر صوت.

منى سرحان – تحالف الرافدين: صفر صوت.

أحلام شاكر شابا – حركة تجمع السريان : صفر صوت.

نبيل طلعت ناصر – حركة تجمع السريان: صفر صوت.

نبراس زهير – حركة تجمع السريان صفر صوت.

دنيا رفائيل – مجلس الشعب الكلداني السرياني: 1 صوت.

دريد حكمت – تحالف الرافدين: 1 صوت.

إبراهيم حنوش – اتحاد بيت النهرين الوطني: 1 صوت

ثلاثة وعشرون مرشحا ومرشحة في تلك الانتخابات حصلوا مجتمعين على ثلاثة عشر صوتا، والتحليل الموضوعي لهذه النتائج يشير الى احتمال أن المرشحين العشرة الذين لم يفوزوا بأي صوت، كانوا يعرفون أقدار أنفسهم ولم يصوتوا لأنفسهم.

ولا تثريب عليهم، ففي مصر، خاض مرشحان الانتخابات الرئاسية ضد الرئيس عبد الفتاح السيسي، وأعلنا أنهما سيدليان بصوتيهما لصالحه، ولا تسلني: ودي تيجي إزاي؟ وكيف يكون الإنسان “ضد” و”مع” في آن واحد؟

ولكن من المرجح أيضا أن المرشحين العراقيين العشرة، الذين كان مجموع أصواتهم عشرة أصفار، فازوا في الواقع بعدد قليل من الأصوات، ولكن القائمين على أمر الانتخابات، رأوا أن يستفيد من تلك الأصوات مرشحون “عليهم القيمة”.

ومصاب الثلاثة عشر الذين فاز كل واحد منهم بصوت واحد، جلل. لماذا؟ لأن أزواجهن/ زوجاتهم لم يصوتوا لهن/ لهم، كما أنهم فشلوا في كسب ثقة أمهاتهم وآبائهن وإخوتهم وعموم أقاربهم، وخانهم صنف الصديق الذي يختفي في “ساعة الضيق”.

ومعنى هذا هو أن العديد من البيوت العراقية ستتفركش: موجة طلاق وبائية، وقطيعة بين أفراد العائلة الواحدة، ومهما تعللت أطراف من الناخبين المتضررين من الفركشة المرتقبة بأن أصواتهم الانتخابية ضلت طريقها بفعل فاعل لصالح مرشحين آخرين، مستشهدين بما حدث في محافظة الأنبار، حيث شكت قيادات محلية من أن آلاف النازحين من مدن وقرى المحافظة هربا من الدعدشة، ولاحقا الدشدشة على يد الحشد الشعبي، والذين لم يتمكنوا قط من الوصول الى مراكز الاقتراع، اكتشفوا أن هناك من رأى أنه من مقتضيات تكريس الممارسة الديمقراطية استخدم أصواتهم لصالح مرشحين بعينهم.

مهما تعللوا بما حدث من تلاعب بالأصوات في الأنبار، فإن حصول مرشح على صوته الشخصي فقط، أمر مُر وشديد القسوة، وظلم ذوي القربى شديد المضاضة.

وفاز في الانتخابات العراقية تلك خمسون بريطانيا، و36 إيرانيا، و6 سوريين، و5 سويديين، و5 فرنسين، و4 هولنديين، و3 دنماركيين، و 3 إماراتيين، و 3 أردنيين، وتركيان، ولبنانيان.

وليس معنى هذا أن العراق استجلب خبراء أجانب ليساعدوه في الأمور التشريعية، بل يعني أن حزب البعث الذي حكم العراق لعقود طويلة، رافعا شعار “أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة”، كاد يجعل العراقيين من الشعوب البائدة، لأن خيرة بنيه وبناته فروا الى أركان الدنيا الأخرى طلبا للسلامة، وكان من البدهي أن يكون مسموحا للعراقي “مزدوج الجنسية” أن يخوض الانتخابات كمرشح لعضوية البرلمان
وهناك مرشح خاض تلك الانتخابات وملصقاته الدعائية تقول “نبي الديوانية – نبي العراق”، ونجا صاحبنا من التكفير والوصم بالهرطقة والزندقة، لأن جميع من قرأوا تلك الملصقات أدركوا أنه من ذوي الاحتياجات اللغوية (وتحديدا الإملائية) الخاصة، وأنه كان يريد أن يناشد الناخبين لوضع أيديهم في يده لـ”نبني الديوانية/ العراق”، وحسِب النون الثانية حرف علة لا مكان له بعد حرف الباء.

أما المواطن العراقي الذي أرشحه مستشارا لدونالد مسيلمة ترامب، فهو ذاك الذي قال: أقسم بالله أن الرسول “ص” أمرني بخوض الانتخابات.

كنا نحسب أن الوحي انقطع بوفاة الرسول فإذا بصاحبنا يقول لنا إننا كنا على خطأ.

طيب يا رجل، طالما أن الرسول أكرمك بمخاطبتك عبر القرون فلماذا لم تقل “صلى الله عليه وسلم” بدلا من وضع حرف “ص” المرتبط في الأذهان بمسائل الجبر، قرين اسمه الطاهر

التعليقات معطلة.