اخبار فنيه

البحرينية جويرية الشوملي: تقهرالمرض وتحول الألم إلى أمل وحياة 

بقوة وإردة وعزيمة وإيمان بالله، استطاعت تلك الطفلة اليافعة التي أصابها مرض السرطان “اللوكيميا” وهي لم تتجاوز 13 عاماً بعد، أن تقهر المرض وتحوّل الألم إلى أمل وحياة وسعادة، فتشملها رحمة رب العالمين بعد أن واجهت كل التحديات، بل عاد لها المرض مرة أخرى وواجهته بقوة وثبات حتى تغلبت عليه بفضل من الله، وها هي اليوم ترسم مستقبلها الدراسي بخطى ثابتة وكلها أمل وهي في عمر العشرينات لترتبط مؤخراً بشريك حياتها “يوسف” الذي كان يحمل نفس المرض أيضاً، إلا أنهما اليوم يصنعان معاً حياة أجمل بتوفيقات إلهية.. كثيرة هي الأحداث والمحطات في مسيرة جويرية الشوملي التي حلت ضيفة على “ليالينا” لنحكي عن تجربتها ورحلتها العلاجية وما بعد العلاج، وكيف هي جورية “المتفائلة بالحياة” اليوم .. في هذا الحوار الشيق:

مقابلة مع البحرينية جويرية الشوملي

مقابلة مع البحرينية جويرية الشوملي

كيف تعرّفين عن نفسك، وماذا تقولين بعد رحلتك وتجربتك مع “اللوكيميا”؟
تعرفت على نفسي عندما أراد الله، وعاد لي المرض مره أخرى، عندها عرفت مدى تفاهة هذه الحياة، وكيف لي أن أقاوم هاذا المرض وأصبر وأحاربه، تقربت من الله كثيراً وتغيرت من جويرية السلبية إلى جويرية الإجابية ولله الحمد، واكتشفت أني أستطيع بإذن لله أن أحوّل الألم إلى أمل، وأيضاً تعرفت على نفسي أكثر عندما شاركت في مدينة الشباب 2030 في سنه 2013، و كانت هذه السنه الأولى لي، عرفت أنني قادرة بفضل لله أن أتحدث أمام عدد كبير من الجمهور.

ثلاث سنوات مرت على إصابتك بالمرض وتغلبك عليه، ودائماً ما كنت تحمدين الله على ما ابتلاك، وتكررين إن تلك التجربة زرعت فيك الأمل أكبر وجعلتك قوية بشكل أوسع، فما سر ذلك؟ 
السر هو تقريبي من الله، المرض زادني وعياً في الدنيا أكثر، وعرفت أن الإنسان ضعيف و”شنو احنا من دون تقربنا لله”، لان نهايتنا كلنا معروفه، المرض علمني درساً كبيراً لم أكن أتعلمه لو حصلت على أعلى الشهادات في الدنيا. فالحمدلله على ماكان و الحمدلله على ما أنا عليه الآن و الحمدلله على ما سيكون.

منذ أن شوفيت من المرض، وأنت تمارسين حياتك الطبيعية، ورجعت لمقاعد الدراسة وتخرّجت بتفوق أيضا، كيف كانت فرحة تخرجك حينها؟
الحمدلله، فرحتي لا توصف، بعد أن تأخرت لثلاث سنوات من الدراسه تخرجت، وكان تكريمي مختلف عن باقي الطالبات وكانت مفاجآءه من مدرستي، سعادتي تفوق عن سعادة كل طالب جاهد في ميادين العلم 12 عاما، كنت أنا من ألقيت كلمة الخريجات وكانت دموعي تسبق كلماتي والتصفيق يعلو بالقاعه فاقشعر بدني، أخذت نفساً عميقاً، ثم اكملت كلمتي بالحمد لله و بالشكر لوزارة التربيه والتعليم التي لبت نداءاتي وسهلت لكل محارب بالسرطان، و لأمي وأبي اللذين كان لهما دور كبير في تخطي كل الصعاب ولله الحمد .

جويرية الشوملي

جويرية الشوملي

كان حلمك بعد أن رجعت لمقاعد الدراسة أن تصبحي معلمة أو اخصائية نفسية للأطفال، هل سعيتين بعد التخرج لتحقيق هذا الحلم أم أن هناك معوقات حالت دون ذلك؟
نعم ولله الحمد، كان من أحلامي أيضاً أن أصبح ممرضة لأطفال السرطان، و كانت قدوتي ممرضة تعالجني في سنغافورة فكانت تعرف حالتي جيداً. ولكن عند رؤتي للأطفال عند زياراتي لهم في أسوء حالاتهم وجدت نفسي أتأثر كثيراً وخصوصاً أنني أتعلق بسرعة بالأطفال، وأنا كوني متعافية من السرطان ولله الحمد، صحياً لا يجب علي أن أتأثر أو أحزن كثيراً، لأن ذلك سيؤثر على صحتي، فعندها قررت أن ألجأ إلى التعليم للأطفال، فأنا أعشقهم وأحب التعليم أيضاً، فكانت من هواياتي عندما كنت طفلة . ولله الحمد أنا الآن أدرس في كليه البحرين للمعلين وأتمنى أن يكون لي أثر جميل في نفس كل طفل.

البحرينية جويرية الشوملي تقهر مرض السرطان
البحرينية جويرية الشوملي تقهر مرض السرطان

بمساعدة جمعية أمنية طفل التي سعت معك أثناء مرضك لإصدار كتابك الأول “يوميات طفلة ستقهر السرطان بإذن الله”، فما كان هدف المبادرة بإصدار هذا الكتاب في الوقت الذي كنت فيه تتعالجين في الخارج وتكافحين المرض؟

قبل إصدار كتابي كنت أكتب في توتر، وكان هدفي عندها فقط أن أغير نظرة المجتمع عن مرض السرطان، فأنا كنت أخشى أن يعرف أحد بإصابتي، لأن الناس كانت تعاملني بالشفقة وكَأَنَّ هنا ستكون نهايه حياتي. بعدها كنت أرى مرضى في سنغافورة في فتره علاجي هناك، رأيت أولياء الأمور يبيعون منازلهم فقط من أجل معالجه طفلهم، فهنا شعرت بالحزن على حالهم وحمدت الله على النعم، فقررت مساعده الجمعية بإصدار الكتاب، وأن أخصص ريع كتابي بالكامل لعلاج مرضى السرطان في البحرين .

ما رأيك في مسمى ” سفيرة أطفال مرضى السرطان ” التي أطلقته عليك جمعية أمنية طفل في العام 2013؟
شعرت بالفرح، وفي الوقت نفسه شعرت بمسؤولية كبيرة، مسؤلية أطفالي وكيف لي أن أسعدهم لو بالأشياء البسيطة، وكيف أتعامل معهم من خبرتي بمروري بنفس مراحل علاجهم واحساسهم، وشعرت بالمسؤولية الأكبر عندما تجدد لقبي من قبل سفراء الوطن العربي في البحرين، و اطلق علي بسفيرة أطفال مرضى السرطان في الوطن العربي. و سال الله أن يقدرني بوصول رسالتي في الوطن العربي .

مؤخراً فرحنا جميعا بزواجك وارتباطك بشاب كان مصاباً أيضا بالمرض وشفي منه، حدثينا على هذه الخطوة، وكيف كانت مشاعرك حينها؟
الحمد لله ، ماكانت هذه الخطوة من توقعاتي، خصوصاً بأني محاربة للمرض وهناك من أعراض جانبية مؤثرة بحالتي، لكن الله أراد ذلك ولله الحمد، وسبحانه جمعني بشاب محارب للسرطان أيضاً، كانت بداي خطوتنا في “تويتر” عندما كنت أكتب قصتي مع المرض وكان “يوسف”، أيضاً محارباً للمرض، وكان يحكي لي كلمات تشجيعية وإيجابية لكونه عاش هذه التجربه أيضاً، وبعد سنين جمعني الله به وأصبح زوجي وبطل حياتي ولله الحمد، سعيدة الحمد لله بأن الله جمعني بشاب هو أعلم بحالتي وصحتي وكيف يمكنه التعامل معي و يُقدر كل ما عانيته لأنه ذاق طعمه الألم، فيحاول أن يبعد عني كل ما يؤذيني.

نسأل الله أن نفرح أيضا بإنجابكما مولودكما الأول لتربياه على الحب والأمل والتفاؤل والإرادة والإيمان، ولابد أنكما خططتما معاً لتسمية المولود إذا رزقكما الله به، فهل نستطيع معرفته؟

إذا رزقنا الله بمولود إن شاء الله، نحب أن نسميه باسم له معنى عن صبرنا أنا وبطلي “يوسف”، وكيف تألمنا فصبرنا وكان جزاؤنا في الدنيا هو زواجنا ، فكرنا عدة مرات أن نسميه “أيوب” تيمناً واقتداءً بصبر نبي الله أيوب (ع)، وربما يكون غير ذلك الاسم، المهم أننا لن نختلف أنا و يوسف على هذا الموضوع (تضحك).

ما الذي ستسعين أن تزرعيه في ابنك المستقبلي بناء على كل ما مر عليك في حياتك من تجارب وثبات وإيمان؟
أهم ما سأحاول أن ازرع فيه هو الرضى بما قسمهُ الله له في حياته، وأن يسعى لهدف سامٍ يثابر للوصول إليه، ويكون ابن يوسف له منصه افتخر به وبحبه للناس ومساعدتهم، أسأل الله أن يرزقنا بالذرية الصالحة.

ما الرسالة التي توجهينها أنت – ومعك زوجك أيضا- للمرضى والذين يأخذ اليأس منهم مأخذه؟
السرطان لا يعني نهايه الحياه، بل هو حياه جديدة يملؤها بالحب والأمـل والإصرار والتحدي والكثير الكثير من الإيمان، قصتي مع يوسف هي مثال لكل محارب و حاربة للسرطان.