البديل الوطني ليس شخصًا… بل مشروع دولة غائب منذ عقود

9

 

في لحظة سياسية معقدة ومجتمع مثقل بالإحباط، تأتي تغريدة د. معمر لتضع الاصبح على الجرح العراقي العميق .
يُعدّ الدكتور معمر الكبيسي من أبرز الأكاديميين في مجال فلسفة القانون في العالم العربي؛ فقد حاز درجة الدكتوراه في القانون الدستوري. من جامعة بغداد، حيث أسهم في تطوير مناهج التفكير القانوني النقدي وله مؤلفات بمثابة المراجع . 1 توزيع الأختصاصات الدستورية في الدولة الفيدرالية
2 أثر الرجعية في القرارات الأدارية .
ولتي تُدرس وتعتبر مراجع لطلبة الدكتوراه .
إلى جانب نشاطه الأكاديمي، عرف عنه دوره الوطني الفاعل من خلال مشاركاته في الحوارات المجتمعية والمبادرات المدنية التي تهدف إلى تعزيز قيم المواطنة والعدالة. تجمع كتاباته وتغريداتة ومحاضراته في المساحات عبر منصة X بين الرؤية الفلسفية العميقة والالتزام بالقضايا الوطنية، ما جعله صوتاً مساهماً في النقاش حول بناء دولة القانون والمجتمع الديمقراطي.
جاءت التغريدة ولتي تقول “لا تحدثني عن البديل، وحاط براسك أن يقودك واحد من المهابيل. معاييرك الوطنية مضروبة، وفهمك لاختيار القيادة يتعدى تأمين مخاوفك من الآخر فقط.” تغريدة موجزة، لكنها تفضح عمق الأزمة التي نعاني منها في فهمنا للقيادة والبديل الوطني.
العقلية الخائفة لا تنتج بديلاً
الكثير من الناس لا يبحثون عن بديل وطني حقيقي، بل عن بديل يطمئنهم نفسيًا، يزيل عنهم الخوف من “الآخر”، سواء كان الآخر طائفة أو فكرًا أو مذهبًا أو حتى لهجة. هذا الخوف يصنع قيادة مشوهة، مشغولة بترضية المكونات لا ببناء وطن. وهكذا نبقى ندور في حلقة مفرغة . نُسقط فاسدًا ونأتي بمرضيٍّ عنه، لا بكفء.
من الشخص إلى المشروع
البديل الوطني ليس “شخصية” أو “زعامة” تتصدر الشاشات وتُرضي الغرائز الجماهيرية، بل هو مشروع متكامل:
رؤية اقتصادية تنموية تنتشل البلد من الريع والفساد،
بنية إدارية شفافة وعادلة،
برنامج سياسي يعيد ثقة المواطن بالدولة،
وقيادة جماعية تُؤمن بالمؤسسات لا بالأفراد.
منظومة الدولة ليست “كرسي حكم”، بل منظومة معقدة من التشريعات والبُنى والموازين. ومن يظن أن بإمكانه تغيير كل شيء بوجه أو خطاب، لم يفهم جوهر المعركة.
مشكلتنا ليست في غياب الزعيم… بل في غياب العقد
العراق اليوم لا يحتاج إلى “قائد ملهم”، بل إلى “عقد وطني” جامع، يُنهي منطق المكونات، ويعيد تشكيل الهوية على أساس المواطنة. العقد هو الذي يصنع القيادة، لا العكس. أما من يراهن على الانفعالات أو الكاريزما العابرة، فهو يكرر نفس المسار الذي أوصلنا إلى الخراب.
البديل يولد من رحم التنظيم، لا من فوضى الغضب
من يرفع شعار التغيير دون أدوات، دون تنظيم، دون برنامج، هو مجرد غاضب يفتح الباب لصعود “مهابيل” جدد كما تقول التغريدة. أما التغيير الحقيقي، فيحتاج إلى نضج جمعي، ووعي سياسي، وشجاعة في مواجهة الذات قبل الآخر.
إذا أردنا بديلًا وطنيًا، فلنبحث عنه في وضوح الفكرة لا في بريق الاسم. في قوة البرنامج لا في صدى الصوت. في تحالف الإرادة مع الوعي، لا في تخدير الناس بشعارات ومقاطع مؤثرة.
البديل ليس مُنقذًا… بل منظومة وطنية ناضجة. وحتى نؤمن بذلك، سنبقى عالقين في مرحلة إسقاط الفاسدين… دون بناء دولة.

التعليقات معطلة.