البرلمان التركي يناقش الأبعاد الاجتماعية لحل «العمال الكردستاني»

2

عزل رئيس بلدية جديد من المعارضة وتوقيف 17 شخصاً بشبهات فساد بإسطنبول
جانب من اجتماع اللجنة المعنية بمناقشة الأساس التشريعي لنزع أسلحة حزب «العمال الكردستاني» بالبرلمان التركي (موقع البرلمان)
أنقرة: سعيد عبد الرازق
عقدت لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» بالبرلمان التركي، المعنية بوضع الأساس التشريعي لمرحلة نزع أسلحة حزب «العمال الكردستاني» وما بعدها، اجتماعها الرابع.
وانصب تركيز اجتماع اللجنة، الذي عقد بمقر البرلمان التركي في أنقرة، الثلاثاء، برئاسة رئيسه نعمان كورتولموش، على البعد الاجتماعي لعملية حل «العمال الكردستاني»، والتضامن بين الأتراك والأكراد، من خلال إحاطة قدمتها وزيرة الأسرة والخدمات الاجتماعية، ماهينور أوزدمير غوكتاش، في الجزء الأول من الجلسة. وفي الجزء الثاني استمع أعضاء اللجنة، التي كانت بدأت أعمالها في 5 أغسطس (آب) الحالي، في أعقاب عملية رمزية قام خلالها 30 من أعضاء «العمال الكردستاني» بإحراق أسلحتهم في السليمانية في شمال العراق في 11 يوليو (تموز) الماضي، إلى عائلات ضحايا الصراع بين «العمال الكردستاني» والدولة، ورؤساء وممثلين عن جمعيات المحاربين القدامى والمعاقين وأشر الشهداء واليتامى والأرامل.
لا مساومات أو تنازلات
وفي مستهل الجلسة، أكد كورتولموش أن العملية الجارية حالياً التي انطلقت بناء على «مبادرة تركيا خالية من الإرهاب» التي قادت إلى دعوة زعيم «العمال الكردستاني» السجين، عبد الله أوجلان، إلى حل الحزب ونزع أسلحته، لم ولن تشهد أي مساومات، أو تنازلات، قائلاً إنه لولا تضحيات الشهداء وقدامي المحاربين ما كنا وصلنا إلى النقطة التي وصلنا إليها الآن.
رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش وإلى يساره وزيرة الأسرة والخدمات الاجتماعية خلال التوجه لحضور جلسة اللجنة (موقع البرلمان)
رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش وإلى يساره وزيرة الأسرة والخدمات الاجتماعية خلال التوجه لحضور جلسة اللجنة (موقع البرلمان)
وأضاف كوراولموش: «أؤكد هذا بحضور عائلات شهدائنا وقدامى محاربينا… سيتحمل البرلمان مسؤوليته في إكمال هذه العملية في أقرب وقت ممكن، دون أي مساومات من أجل ترسيخ أخوة أبدية في هذا البلد». وحذر في الوقت ذاته من أن هناك من يحاول تسميم العملية وعرقلتها.
وفي إحاطتها أمام اللجنة، أطلعت وزيرة الأسرة والخدمات الاجتماعية، ماهينور أوزدمير غوكتاش، أعضاءها على أنشطة الوزارة المتعلقة بأسر الشهداء والمحاربين القدامى، قائلة إنه تم إجراء 803 آلاف و367 زيارة لأسر الشهداء، وتوفير فرص عمل لأبنائهم في القطاع الحكومي. وأضافت أن البلاد تمر اليوم بمرحلة حاسمة في طريق تحقيق هدف «تركيا خالية من الإرهاب، وأن كل تقييم يُجرى وقرار يتخذ داخل اللجنة يعزز أواصر الأخوة بيننا».
حادث عارض
وأحاطت باجتماع اللجنة أجواء من التوتر، حيث أضرم شخص النار في سيارة قرب البرلمان، قبل ساعات قليلة من الاجتماع. واندلعت النيران في سيارة قديمة من طراز «رينو توروس» بيضاء اللون خارج البوابة الرئيسية للبرلمان.
صورة تظهر اشتعال النار في سيارة «رينو توروس» قديمة أمام البرلمان قبل اجتماع اللجنة (من البث التلفزيوني)
صورة تظهر اشتعال النار في سيارة «رينو توروس» قديمة أمام البرلمان قبل اجتماع اللجنة (من البث التلفزيوني)
ويرتبط هذا النوع من السيارات بإحدى أكثر مراحل الصراع مع حزب «العمال الكردستاني» دموية في تسعينات القرن الماضي في جنوب شرقي تركيا ذي الأغلبية الكردية؛ إذ كانت تستخدم في عمليات اختطاف وقتل خارج نطاق القضاء نسبت إلى جماعات ذات صلة بالدولة، ولم يتم التوصل إلى مرتكبيها وظلت الجرائم مجهولة الفاعل… وقتل أكثر من 40 ألف شخص في الصراع بين الحزب والدولة التركية الذي انطلق عام 1984 إلى أن استجاب الحزب لدعوة زعيمه التاريخي، عبد الله أوجلان، التي أطلقها في 27 فبراير (شباط) الماضي، تحت عنوان: «نداء من أجل السلام والمجتمع الديمقراطي»، وأعلن في 12 مايو (أيار) قرار حل نفسه وإلقاء أسلحته.
وجاء نداء أوجلان بناء على مبادرة من رئيس حزب «الحركة القومية»، الحليف لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم في «تحالف الشعب»، دولت بهشلي، في 22 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، بدعم من الرئيس رجب طيب إردوغان.
وقالت وزارة الداخلية التركية، في بيان، إن الشخص الذي قام بإحراق السيارة، ويدعي «محمد أمين. ف»، هو تاجر خردة من مدينة مرسين، جنوب تركيا، ويمتلك 12 سيارة خردة، وكان يتوقع خصماً على ضريبة الاستهلاك الخاصة بموجب «حافز السيارات الخردة»، وله سجل إجرامي يتضمن 16 جريمة سرقة وتزوير وتشكيل منظمة إجرامية، وغيرها، وأمضى في السجن 10 سنوات، كما يعاني مشاكل واضطرابات نفسية وعقلية.
تحقيقات الفساد في إسطنبول
على صعيد آخر، أبعدت وزارة الداخلية رئيس بلدية باي أوغلو التابعة لإسطنبول، إنان غوناي، من منصبه مؤقتاً، بعد اعتقاله منذ فجر السبت الماضي، مع 44 آخرين من موظفي البلدية وبلدية إسطنبول، على خلفية تحقيقات في شبهات فساد.
رئيس بلدية باي أوغلو في إسطنبول إنان غوناي (من حسابه في إكس)
رئيس بلدية باي أوغلو في إسطنبول إنان غوناي (من حسابه في إكس)
وأضاف البيان أنه بناء على قرار الوزارة، سيجري مجلس البلدية تصويتاً، الجمعة المقبل، لانتخاب نائب لرئيس البلدية يقوم بأعماله بالوكالة.
وقررت محكمة في إسطنبول، ليل الاثنين – الثلاثاء، توقيف غوناي، المنتمي إلى حزب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة، مع 16 آخرين من بين الـ45 الذين ألقي القبض عليهم في إطار الموجة التاسعة من الاعتقالات ضمن التحقيق في شبهات الفساد في بلدية إسطنبول.
وانطلقت التحقيقات في 19 مارس (آذار) الماضي، حيث اعتقل رئيس بلدية إسطنبول، المرشح الرئاسي لحزب «الشعب الجمهوري» وأبرز منافسي إردوغان، أكرم إمام أوغلو، وعشرات آخرون، بينهم رؤساء بلديات تابعة لبلدية إسطنبول، واحتجزوا حتى الآن دون صدور لائحة اتهام بحقهم.
وتقول المعارضة إن التحقيقات والاعتقالات ذات دوافع سياسية هدفها إزاحة المنافس الأبرز لإردوغان (إمام أوغلو)، وإضعاف حزب «الشعب الجمهوري»، بعدما تمكن من إلحاق أول هزيمة بحزب «العدالة والتنمية» الحاكم، الذي يتزعمه إردوغان، منذ 22 عاماً، وعاد إلى الصدارة للمرة الأولى منذ 47 عاماً.

التعليقات معطلة.