مقالات

«البشير» يتخلى عن أراضيه لـ«أردوغان» وسط ترحيب إخوانى.. ويطمع فى أراضى مصر!!

دندراوى الهوارى
 
الدول الصغيرة، سياسيا واقتصاديا وعسكريا، تغريها ممارسة الأدوار الكبيرة، تجد فيها نوعاً من أنواع المتعة التعويضية للنقص الشديد وعدم القدرة على التأثير فى محيطها، دون الوضع فى الحسبان أن الأدوار الكبيرة تحتاج لموهبة ومهارة وقدرات تمكنها من تأديتها بسهولة ويسر، ماذا وإلا فإن مخاطرها جسيمة، كما أن الزعامة ليست بطولة فى لعبة التنس أو الإسكواش، وإنما اقتحام منطقة الوباء متعرضا للجراثيم وغرس الأقدام فى الطين ومد الأيادى للشعب الغارق فى الأوحال، وباختصار شديد، الزعامات السياسية، تخلقها المواقف والقرارات الكبيرة فى الداخل، وإجادة فن التأثير فى الخارج!!
والشعب السودانى الشقيق، شعب تربطه بالشعب المصرى، علاقات قوية، عبر التاريخ، ونحن نتألم لألم الأشقاء، ونفرح لفرحهم، وهو أمر يخلو من شوائب المزايدات، وطنطنة الكلمات، ويرسخه الواقع على الأرض!!
لكن للأسف، القيادة السودانية الحالية، والتى وصلت للحكم عبر انقلاب عسكرى، وارتمى فى أحضان جماعة الإخوان، وصار إخوانيا، عاشق للأدوار الكبيرة، دون مقومات، أو حتى سمات شخصية، وتقسمت السودان فى عهده، إلى دولتين، والثالثة تسير فى الطريق، ثم فاجأنا، بالتخلى عن جزء مهم من أراضيه لصالح مهبول إسطنبول «رجب طيب أردوغان» فى صفقة سيئة!!
وننوه إلى أمر حيوى وجوهرى، وهو أن لكل دولة حقا أصيلا فى تدشين سياستها كما يحلو لها، ومنها بالطبع الاحتفاظ بكامل أراضيها، أو اقتطاع أجزاء منها والتخلى عنها لصالح دول أو كيانات، ولها الحق الكامل أيضا فى تدشين علاقاتها وسياستها كيفما تحب وترغب!
لكن فى المقابل، لا يحق لنظام السودان أو غيره، وهو يقرر بإرادته الحرة، التخلى عن أراضيه للغير، أن يطمع فى أراضى الغير، ويصور له خياله المريض أنه يستطيع الاستيلاء والسيطرة واغتصاب أراضى الغير، بنفس السهولة، التى مكنته من التخلى عن جزيرة «سواكن» الاستراتيجية بالبحر الأحمر، لتركيا، وسط ترحيب وتصفيق حار من جماعة الإخوان الإرهابية فى السودان ومصر وقطر وتركيا..!!
هنا لابد أن نقولها، للرئيس السودانى عمر البشير، الرجاء عدم الانجرار وراء تركيا وقطر، اللتين تتخذان منك وقودا لمعركتهما وخصومتهما لمصر، ومحاولة افتعال أن حلايب وشلاتين سودانيتان، لأنها قضية خاسرة، قانونيا وسياسيا وعسكريا وأخلاقيا، فكيف تكون حلايب وأبورماد وشلاتين سودانية، فى الوقت الذى يعترف فيه القانون الدولى وكل الوثائق والخرائط، أن حدود مصر عند خط عرض 22 أى بعد حلايب جنوبا بما يقرب من 45 كيلو مترا؟ وهل يعقل أن حدود مصر خط عرض 22 وتأتى السودان لتؤكد أن حلايب التى تبتعد ما يقرب من 45 كيلو متر شمالا، وشلاتين التى تبتعد أيضا شمال خط عرض 22 بما يقرب من 300 كيلو متر سودانيتان؟!
إنه ادعاء تكذبه الجغرافيا والتاريخ والقوانين والوثائق والوضع على الأرض، والهدف من إثارة القضية، تبرير البشير لشعبه سبب عداوته لمصر والوقوف مع جماعة الإخوان، ومساندة إثيوبيا ضد القاهرة، ثم الارتماء فى أحضان قطر وتركيا!!
الأهم، أن ذهاب رجب طيب أردوغان للاستحواذ على جزيرة سواكن السودانية، مكايدة سياسية بحتة، فالجميع يعلم علاقة مصر القوية بقبرص واليونان، وتوقيع اتفاقيات ترسيم الحدود، وما نجم عنه من اكتشافات مبهرة للغاز، وهو أمر أغضب الرئيس التركى المهبول، وانزعج من التقارب والتعاون الوثيق بين مصر، وقبرص واليونان ألد أعداء أردوغان، فقرر أن يرد على مصر بالاستحواذ على جزيرة «سواكن» السودانية فى البحر الأحمر.
عمر البشير الذى تدرب وتخرج فى الكلية الحربية المصرية- حسب معلوماتى- يرد الجميل العسكرى بأن يكون أداة موجعة ومؤلمة لمصر فى يد أعدائها، من إثيوبيا التى يدعمها فى بناء سد النهضة لتعطيش الشعب المصرى، لتركيا، التى منحها جزيرة تهدد أمننا القومى، لقطر التى تساند منتخب العالم للإرهاب فى سيناء!!
المثير للدهشة، أن الذى أعلن عن استحواذ تركيا على جزيرة سواكن السودانية، هو رجب طيب أردوغان، ولم يأت الإعلان من القيادة السودانية، وهو الإعلان الذى يسىء للشعب السودانى الشقيق، ويبرز مدى عدم الاهتمام والاحترام من البشير ونظامه للشعب السودانى الطيب والمحترم، وهو أمر جلل لو وقع فى أى دولة أخرى، سواء كانت من دول العالم الثالث، أو الدول المتقدمة، لكان رد الفعل الغاضب قاسيا!!
وجزيرة سواكن الواقعة فى البحر الأحمر شرقى السودان، لمن لا يعرف، تضم ميناء سواكن الذى يعد الأقدم فى السودان ويأتى فى الترتيب من حيث الأهمية بعد ميناء بورسودان، ويستخدم فى الغالب لنقل المسافرين والبضائع إلى ميناء جدة السعودى، وتكتسب أهميته من قربه من الحدود المصرية، وأيضا من الساحل السعودى وتحديدا ميناء جدة!!
هذا التصرف، يؤكد ما يحمله أردوغان من كراهية لمصر، وللسعودية أيضا، وأن تحركاته تأتى وفقا لعدائه السياسى للنظام المصرى، لكن القاهرة استعدت مبكرا لمثل هذه التهديدات، عندما قررت تسليح جيشها، وتحديث أسطولها البحرى بإضافة حاملات الطائرات، وتحديث وتطوير قدرات سلاحها الجوى، كما وثقت علاقاتها العسكرية والسياسية والاقتصادية مع قبرص واليونان!!
التهديد التركى الجديد، وبمساهمة قوية من نظام البشير يؤكد بُعد نظر القيادة السياسية فى مصر، فيما استعدت له مبكرا، كما أجابت وبوضوح على الذين كانوا يطرحون الأسئلة لماذا تشترى مصر سلاحا، وتحدث أسطولها البحرى، وتقوى أذرعها الجوية، وتسيطر على البحرين الأحمر والأبيض المتوسط!!
ولَك الله يا مصر…!!!