التأفف المستمر لا يفيدك… وفّر أنفاسك لتمارين تفيد صحتك

1

كلّنا نعرف ذلك الشخص الذي يتأفّف ويتنهّد دائماً ويتململ من كل شيء، ولا يعجبه العجب. إنّه موجود في محيطنا، ربما في العمل أو العائلة أو بين الأصحاب. وعلى الرغم من بساطة هذه الممارسات الظاهرية، وأنّها لا تشكّل أي تهديد مباشر في حدّ ذاتها، إلّا أنّها قد تشير إلى مشاعر كامنة.

كلّنا نعرف ذلك الشخص الذي يتأفف ويتنهد دائماً ويتململ من كل شيء، ولا يعجبه العجب. إنّه موجود في محيطنا، ربما في العمل أو العائلة أو بين الأصحاب. وعلى الرغم من بساطة هذه الممارسات الظاهرية، وأنّها لا تشكّل أي تهديد مباشر في حدّ ذاتها، إلّا أنّها قد تشير  إلى مشاعر كامنة.

حينما نتأفف ونتنهد، نُصدر نفساً طويلاً وعميقاً مسموعاً يعبّر عن حزن، تعب، أو تململ. وتؤدي هذه العملية دوراً مهماً في الجهاز التنفسي. ففي الحالة الطبيعية، تعمل الرئتان على التبادل بين أوكسيجين الهواء وثاني أكسيد الكربون في الدم.

وأحياناً، تضطرب تلك العملية، ويمكن أن يساعد التنهد في إعادة ضبطها. ويرجع ذلك إلى أنّ التنهد يبدأ باستنشاق طويل قد يعطي رئتيك دفقة هواء ويحسّن مستويات الأوكسيجين في الدم. ويمكن أن يساعد التنهد في جعل تنفسك أكثر توازناً، فضلاً عن إطلاق بعض البخار العاطفي.

لذا، ليس من المستغرب أن يرتبط التأفف بمشاعرنا. وقد وجدت دراسة بعنوان “الفيزيولوجيا السيكولوجية للتنهّد، منظور سيكولوجي للتنهد” (The Psychophysiology of the Sigh: II: The Sigh From the Psychological Perspective ) أنّ ذلك النوع من الأنفاس مرتبط باستجابات عاطفية كالإثارة والقلق والألم، وحالات عاطفية سلبية كالخوف والقلق والحزن. وبصورة فعلية، ثمة علاقة بين المشاعر السلبية والتنهد بشكل متكرّر.

لماذا نتنهد ونتأفّف؟
الدكتور ماريو عبود- معالج نفسي ومستشار لدى “الهيئة الطبية الدولية” ومنظمة “أطباء بلا حدود”.

تمثّل سلوكيات التنهّد طرقاً للتعبير عن حالة عدم رضا دائمة لدى شخص ما، حيال ظروف حياته أو علاقاته أو محيطه. إنّها وسيلة لتنفيس المشاعر وتقليل التوتر.

قد يحدث التأفف العرضي لكلّ منا.  لكن، حينما يصبح ذلك السلوك ملازماً للشخص في جميع أوقاته وظروفه والأمكنة التي يحلّ فيها، نكون أمام مشاعر دفينة. إنّه ليس بالأمر السطحي، بل يملك عمقاً ويرتبط أحياناً بأنماط الشخصية أو ظروف معينة تجعل الشخص في حالة دائمة من عدم رضا والإحباط.

كذلك نجد أن الشخص المتأفف كثير التململ والشكوى والانتقاد. يفتتح حديثه بشكل سلبي، وطريقة صياغته للأمور سلبية، وقد يصل أحياناً إلى حدود الاكتئاب، خصوصاً إذا اقترن التنهد المتكرر مع فقدان الشعور الطبيعي بالفرح، وغياب الرغبة في الاهتمام بالأمور الحياتية العادية.
وعلى نحوٍ مماثل، قد يُكثر ذلك الشخص من انتقاد الأمور العامة والخاصة، وأحياناً ينتقد أوضاعاً لا يمكن التحكّم فيها أو تغييرها، كحالة الطقس. بالتالي، يضع التأفف صاحبه في حالة عجز وغياب عن الفعل، ويبعده عن محاولة التعامل مع ما يزعجه أو السعي إلى تغييره.

استكمالاً، يشكِّل إخراج النَفَس من الجسم طريقة في التخلص من بعض الثقل العاطفي. لكن، قد يؤدي التأفف المفرط إلى تفاقم القلق والتوتر والذعر ومشاعر سلبية متنوعة أخرى.

ويُزعِج المتأفف المحيطين به، فيبتعدون عنه لأنّه يوترهم. إنّهم يخشون أن يعديهم عبر نشر السلبية بينهم. وقد يلوم المتأفف الآخرين بأنّهم لا يتحمّلون حالته السيئة، وبالتالي فإنّه يضعهم تحت ضغط ليسوا مسؤولين عنه، فكأنّ عليهم فعل شيء ما  لإرضاء المتأفف وتخليصه من هذه الحالة.

بدّل تأفّفك السلبي بتنفّس يحسّن نفسيتك ومزاجك!
الدكتور رالف حبيقة – معالج بالتنفس.

إنّ معظم الذين يلجأون إلى جلسات العلاج بالتنفّس، سبق لهم أن زاروا أطباء شخّصوا حالتهم بأنّها معاناة القلق، فوجدوا في الجلسات طريقة للسيطرة على القلق وتنظيم جهازهم العصبي. في العادة، يلجأ الطبيب إلى وصف الأدوية أولاً. لكن الناس لا سيما في أعمار ما بين الثلاثين والأربعين، يحاولون الامتناع عن تناولها بسبب تأثيراتها الجانبية.

يملك التنفس أبعاداً عدّة تشمل النفسية والبيو-ميكانيكية. إذ تتمركز عضلة التنفس الأساسية [أي، الحجاب الحاجز Diaphragm] في وسط الجسم. ومن الناحية البيوكيمياوية، يتولّى التنفس المسؤولية عن وصول الأوكسيجين إلى جميع أعضاء الجسم.

تستغرق جلسة التنفس نحو ساعة ونصف. في بدايتها، يشعر  الشخص بنوع من التنميل والأوجاع وجميع المشاعر التي يشعر بها في حياته العادية واليومية، سواء أكانت أوجاعاً مزمنة في جسمه أو مشاعر عاطفية معينة. ويُصار إلى تزويد الأشخاص الذين يحملون غضباً ويريدون أن يخرجوه، بمخدة لكي يضغطوا عليها خلال الجلسة بغية تفريغ شحنتهم. وبالتالي، تساعدهم الجلسة في إدارة الغضب بشكل كبير.

يختلف تأثير تجربة التنفس من شخص لآخر. ثمة من يبكي وآخر يضحك. وكل جلسة تدعوه لاكتشاف ما في داخله، ويحظى بوعي أكثر تجاه نفسه بعد كل جلسة. وهنالك جانب داخلي لدى كل منا لكننا نجهله، وقد تكشف عنه جلسات التنفس. فور انتهاء الجلسة، مَن يعاني من آلام جسدية، سيشعر بأنّها تضاءلت نتيجة تعزّز الدورة الدموية خلال الجلسة. وكذلك يشعر من يعانون آلاماً عاطفية أو نفسية، بالراحة والسعادة والسلام. ويوفر التنفّس مساحة لكي يفرّغ الشخص كل مشاعره الداخلية.

يمكنك تعلّم بعض تقنيات التنفس لتمارسها في المنزل، من بينها:

التنفس البطني العميق. يبدأ بأخذ نَفَس طويل وعميق قد يجعلك تتخيّل أنّ أنفاسك تملأ جسمك. عليك أن توسّع بطنك وصدرك خلال الشهيق. مع الزفير ، يتوجب عليك أن ترخي صدرك، وتسحب صرَّتك نحو العمود الفقري.

تقنية 4-7-8 . تعتمد على الشهيق لمدة تقاس بجسِّ أربع نبضات. يلي ذلك حبس الأنفاس طيلة سبع نبضات، وبعدها، يُطلَق الزفير خلال ثماني نبضات.

التنفس الأنفي البديل. ابدأ بإغلاق فتحة أنفك اليمنى بواسطة إبهامك الأيمن. تنفّس باستخدام فتحة أنفك اليسرى وحدها.  احبس أنفاسك أثناء تبديل تنفسك بين الجانبين. حرّر إبهامك الأيمن واستخدم أصبع السبابة الأيمن للضغط على فتحة الأنف اليسرى أثناء الزفير من خلال فتحة الأنف اليمنى. توقف موقتاً، خذ نفساً عميقاً آخر، ثم كرر ذلك التناوب مرّة أخرى.

التعليقات معطلة.