التسوق لتخفيف التوتر…هل الأمر مفيد أم إنفاق لا حاجة له؟

2

الأرجح أنك مررت بتجربة انخفاض التوتر النفسي مع الإحساس بشيء من السعادة لدى شرائك شيئاً جديداً، سواء أكنت بحاجة إليه أم لا. وفي أحيان كثيرة، يرافق الإنفاق شعور بالسعادة، وتُضاف إليه مشاعر إيجابية متأتية من امتلاك الأشياء وضمّها إلى الممتلكات الذاتية. وتتآزر تلك المشاعر لتصنع ظاهرة تسمّى “العلاج بالتسوق” Retail Therapy.

الأرجح أنك مررت بتجربة انخفاض التوتر النفسي مع الإحساس بشيء من السعادة بعدما اشتريت شيئاً جديداً، سواء أكنت بحاجة إليه أم لا. وفي أحيان كثيرة، يرافق الإنفاق شعور بالسعادة، وتُضاف إليه مشاعر إيجابية متأتية من امتلاك الأشياء وضمّها إلى الممتلكات الذاتية. وتتآزر تلك المشاعر لتصنع ظاهرة تُسمّى  “العلاج بالتسوق” Retail Therapy.

ليست تلك الظاهرة علاجاً فعلياً. وقد تقف أسباب عدة خلف التوتر الذي يقودك إلى هذا السلوك الشرائي النافر، الذي قد يستدعي تشخيصاً وعلاجاً. لكن في المحصلة، لا يمكن أن ننكر تأثير السعادة الذي يمنحه التسّوق حينما يكون مزاجك سيئاً.

في العام 2018، نشرت “جامعة بوتلر” دراسة بعنوان “مولات أقسام البيع المباشر: استكشاف العلاج الشراء بالمفرق”  Emotional Outlet Malls: Exploring Retail Therapy “، أشارت إلى أنّ “العلاج بالتسوق” يعزز احترام الذات. فالعثور على شيء يتماشى مع أسلوبك الشخصي أو اهتماماتك يمكن أن يعزز احترام الذات. ويمكن أن يؤدي هذا الشعور إلى تحسين الحالة المزاجية العامة والثقة بالنفس.

هل يفيدك التسوق لتخفيف توترك فعلاً؟
الدكتور ماريو عبود- معالج نفسي ومستشار لدى “الهيئة الطبية الدولية” ومنظمة “أطباء بلا حدود”.

إن كلمة “العلاج بالتسوق” تتبع الاتجاهات والموضة لتصوير التأثير الإيجابي للتسوق على حالة الفرد النفسية. لكن التسوق لإزالة التوتر ليس علاجاً طبياً يوصى به. بالأحرى، إنه باب “لفشة الخلق” تماماً كتدخين السيجارة، لا يحل المشكلة الأساس.

يندرج هذا السلوك ضمن أنواع التنفيس عن التوتر والترويح عن النفس. وتصبّ في تلك الخانة، عملية الخروج من المنزل والبحث عن أشياء لشرائها.  وتكون كمية التسوق لدى الفرد فوق المعتاد، لأنها تأتي نتيجة ارتباط سلوك التسوق مع فترات نفسية صعبة، ويكون هدفها تحسين المزاج.

ومثلاً، حينما يشعر الإنسان أنه فاقد للسيطرة على محيطه وظروفه وحياته ومشاعره، تُشعره عملية التسوق بالسيطرة على كل ذلك. ويؤدي ذلك إلى إسعاد المرء لنفسه وتعزيز الثقة بذاته، والشعور بالرضا والإنجاز. وبالتالي، يتولّد شعور بالارتياح من الاكتئاب والقلق، لكن ذلك لا يدوم طويلاً.
إن مجرّد فكرة اقتناء شيء جديد أو شرائه، يزيل الإجهاد. وخلال التسوق وعملية الشراء، ينشغل الفرد بالاختيار والألوان والأشكال والأنماط، ويبتعد بتفكيره عمّا يقلقه ويوتّره، بذلك، وينفصل عن الوقت الصعب الذي يمرّ فيه ويركز تفكيره على أمر يحبه.

وبصورة عامة، قد يلجأ الأشخاص الذين يحبّون التسوق  إلى ممارسة ذلك النشاط أثناء معاناتهم حالات عصيبة، مهما كان جنسهم أو نوع شرائهم. وفي العادة، تبدو السيدات مهيئات أكثر من الرجال، للانخراط بهذا السلوك، لأن شراء الألبسة من اهتماماتهن. لكن قد يعمد رجل مُتعب نفسياً  إلى شراء ساعة مثلاً أو جهاز إلكتروني أو أي شيء آخر. وبالتالي، لا ينحصر “العلاج بالتسوق” بالملابس، ولا يقتصر على السيدات.

وفي المقابل، ترغب معظم النساء بشراء الملابس وأدوات التجميل بشكل دائم، لذلك يتّجهن إلى هذا النوع من الشراء في هذه الحالات، لكن هذا لا يعني أن هناك رجالاً لا يعنيهم شراء الملابس.

متى يصبح الأمر سيئاً؟
مبدئياً، هذا السلوك، إذا كان معتدلاً وليس دائماً، لا يُعتبر شيئاً سلبياً. لكن، قد ينقلب لأن يصبح مرضياً حينما يتّجه الشخص إلى التعويض والسيطرة عن حالته السيئة بالتسوق عبر الاستدانة مثلاً. وحينها، يتحول الأمر إلى نوع من الإدمان ويصبح هدفه تحسين مزاجه حصراً عبر التسوق، ويعود للإحباط مرّة أخرى فور انتهاء العملية.

ومن إيجابيات السلوك المعتدل في “العلاج بالتسوق”، هنالك نشاطات الخروج من المنزل والتعرّف على أشكال وتصاميم جديدة وألوان، ما ينمّي الإبداع لدى الشخص ويحسّن مزاجه، إضافة إلى تفاعله خلال التسوق مع أشخاص ورؤيته العالم الخارجي، وهذا بحدّ ذاته يوفر له راحة نفسية أثناء مرحلة صعبة.

وعلى غرار الحال مع معظم الأشياء التي تشعرك بالسعادة، فإن الاعتدال هو المفتاح. ويُعتبر هذا التسوق أمراً جيداً طالما يجعلك تشعر بتحسن، ولا ينطوي على مشاعر الندم. وإذا كنت تتسوق باستمرار للسيطرة على توترك، فلن يصبح طريقة مثالية للتعامل مع ما يزعجك، على غرار توليك مهمّة ضخمة ومرهقة في العمل أو مشاكل خطيرة في علاقتك.

ويمكن أن يمنعك التحسن الموقت في الحالة المزاجية المرتبط بالتسوق، من طلب المساعدة الطبية التي تملك فوائد أكثر أهمية وطويلة الأمد. كذلك، يمكن أن يؤثر وضعك المالي على تحوّل التسوق إلى ضرر إذا ما أنفقت أموالاً أكثر مما لديك، مما يزيد من ضيقك.

كيف تستفيد من “العلاج بالتسوق” بكلفة أقل؟
من عيوب هذا “العلاج”، الإغراء بإنفاق المال بشكل يفوق طاقتك، ما قد يؤدي إلى زيادة التوتر الذي يلغي في النهاية أي ميزة قد يوفرها التسوق.
ولتجنّب هذه النتيجة، يمكنك اتباع بعض النصائح المفيدة:
– حدّد مسبقاً المبلغ الذي يمكنك تحمّل إنفاقه
– ضع قائمة تضمّ المشتريات التي سيكون لها أكبر تأثير على مزاجك.
– خذ الوقت الكافي بعد إجراء عملية شراء، وفكّر في مدى غبطتك من عملية الشراء التي أنجزتها.
– تسوّق الأشياء التي تحتاجها بالفعل.
– تذكّر أنّ الشراء ليس الطريقة الوحيدة لتحسين مزاجك.
– فكّر في التبرّع بالمال للجمعيات الخيرية.
– انخرط في أعمال اجتماعية إنسانية.
– أنفق المال على تجربة شيّقة كالذهاب إلى حفل موسيقي، أو تناول العشاء في مطعم فاخر.

التعليقات معطلة.