يلعب دوراً في تعزيز التطور اللغوي المبكّر لدى الأطفال
- لندن: «الشرق الأوسط»
يحظى التأثير الإيجابي للموسيقى والكلام على قدرات التعلّم لدى الأطفال باعتراف علميّ واسع، ولكنّ أدلّة برزت أخيراً لتؤكّد الدور المعقّد الذي تلعبه إشارات سمعية محدّدة من محيط الطفل في تكوين شبكات معالجة اللغة في دماغه الصغير النامي.
التعرض للإشارات الصوتية
سلّطت الباحثة الشهيرة أبريل بيناسيش، المختصة في الليونة الدماغية المبكرة والنموّ الإدراكي واللغوي لدى الأطفال، الضوء على اكتشاف جديد رائد. في تجربة مدّتها 6 أسابيع، خضعت مجموعة من الأطفال إلى سلسلة من التعرّض السلبي لأصوات قصيرة غير كلامية.
وأظهر الأطفال المشاركون دقّة عالية في تحديد وتمييز المقاطع الصوتية، وسجّلوا نتائج لغوية مرتفعة في سنّ 12 و18 شهراً؛ في تباين ملحوظ عن نظرائهم الذين لم يخضعوا للتعرّض السمعي السلبي.
تُعدّ نتائج هذه الدراسة، التي نُشرت في دورية «سيريبرال كورتكس»، تطوّراً علمياً بارزاً؛ لأنّها تكشف عن القوّة التحويليّة للتعرّض السلبي للأصوات غير الكلامية. تشبه هذه المحفّزات السمعية، التي تتميّز بتغييرات صوتية صغيرة تظهر لبضع أجزاءٍ من الثانية، الإشارات التي تنبّه الأطفال لوجود اللغة، وتلعب دوراً محورياً في تقوية الاتصالات العصبية الضرورية للمعالجة الفعّالة للغة.
وكانت دراسات سابقة بقيادة باحثي مختبر بيناسيش قد سلطت الضوء على التأثير التحويلي للإشارات السمعية التفاعلية على شبكات الدماغ الرئيسية، والذي يؤدّي مع الوقت إلى تحسّن نتائج التركيز واللغة لدى الأطفال.
محفز لغوي
ولكنّ السؤال الذي يبقى ملحاً هو: هل يمكن للتعرّض السلبي لمحفزات سمعية مشابهة أن يولّد تأثيرات مماثلة على الشبكات اللغوية؟ وقد كشفت الدراسة الجديدة نتائج مهمّة تؤكّد تأثيره الجوهري على قدرات المعالجة اللغوية والتطوّر اللغوي المستقبلي.
ترجّح النتائج أنّ تطوير قدرات المعالجة السمعية السريعة في سنوات النموّ الأولى، حتّى من خلال التعرّض السلبي، قد يتمتّع بتأثير إيجابي على إتقان اللغة لاحقاً.
تشرح بيناسيش، أستاذة علم الأعصاب المتميّزة في «مركز روتغرز – نيوارك» لعلم الأعصاب الجزيئي والسلوكي، بأنّ «القدرة على التأثير على الشبكات اللغوية النامية سلبياً تمثّل قفزة نوعية. تفتح هذه المقاربة السلبية الباب لوسائل أكثر سهولة وفاعلية لناحية التكلفة لتنشيط الشبكات العصبية، وتمكّن الوالدين من دعم النمو في المنزل، وتتيح الفرصة للتدخّل الضروري في العيادات أو مراكز طبّ الأطفال لمساعدة الصغار الذين يواجهون تحديات في نموّ اللغة».
وكانت أبحاث بيناسيش السابقة قد أثبتت أنّ تقييمات المعالجة السمعية السريعة قد تُستخدم بوصفها مؤشرات لرصد الأطفال الذين يواجهون خطراً مرتفعاً في تأخّر الكلام والاعتلالات في هذا المجال، مما يمهّد الطريق للتدخّلات المبكّرة بهدف تخفيف النتائج المتوقّعة. وتؤكّد الباحثة المختصة أنّ «الاختلافات الصوتية المعقّدة التي يتوجّب على دماغ الطفل تحليلها أساسية لنموّ اللغة. والمعروف أن الدماغ يُوجَّه بشكلٍ فطري لتحليل الأصوات المحيطة المألوفة. فإذا أصدرت هذه الأصوات تردّداً وقوّةً متماثلين ومنتظمين، فقد تتراجع حساسية الدماغ للاختلافات الضرورية، مثبطةً بالتّالي تشكّل شبكات لغوية قوية».