كتبت الدكتورة هلا حسين القعقور
إن عدد المصابين بالسكري آخذ بالارتفاع بسرعة في العالم، بالرغم من بذل جهود عديدة للوقاية منه.
بمناسبة اليوم العالمي لمرضى السكري، سوف أحاول في مقالي هذا الإجابة قدر المستطاع عن الأسئلة الشائعة حول مرض السكّري وتأثير التغذية عليه، وسُبل الوقاية منه.
كيف تؤدّي التغذية دورًا في #مرض السكري؟
إذا كنت مصابًا بداء السكري، فلن يتمكّن جسمك من صنع الأنسولين أو استخدامه بشكل صحيح. هذا يؤدي إلى ارتفاع مستويات السكّر في الدم.
يساعد الأكل الصحيّ على توازن #نسبة السكر في الدم ضمن النطاق المستهدف. إنه جزء مهمّ من إدارة مرض السكري، لأن التحكّم بنسبة السكّر في الدم يمكن أن يمنع مضاعفات مرض السكري.
هل مرض السكري مرض غذائي؟
داء السكري هو مجموعة من الاضطرابات الأيضيّة في استقلاب الكربوهيدرات، التي تتميّز بارتفاع مستويات السكّر في الدم، وهو عبارة عن 3 أنواع:
السكّري من النوع الأول: مرض ذاتيّ المناعة، أي يعمل جهاز المناعة في الجسم ضدّ أجزاء الجسم، وعادة ما ينتج عن عدم كفاية إنتاج البنكرياس لهرمون الأنسولين.
السكّري من النوع الثاني: يُعدّ من أكثر أنواع مرض السكّري انتشاراً بين النّاس بنسبة 90-95% من إجمالي مرضى السكّري، وهو عبارة عن استجابة غير فعّالة من الخلايا للأنسولين؛ وتعرف هذه الحالة باسم مقاومة الأنسولين.
سكّر الحمل: يحدث عندما تصاب المرأة بالسكّري خلال فترة الحمل فقط.
ما هي أسباب الإصابة بمرض السكّري؟
1 – الوراثة
2 – الوزن الزائد والسمنة
3 – التقدّم في العمر
4 – سوء النغذية
5 – الضغوطات النفسية
6 – خلل في وظائف البنكرياس
ما هو نظام السكّري الغذائي؟
نظام السكّري الغذائي يعني ببساطة تناول الأطعمة الصحيّة بكمّيات معتدلة، والالتزام بأوقات الوجبات المنتظمة. النظام هو عبارة عن خطّة غذائيّة صحيّة غنيّة بالعناصر الغذائية الأساسية الموجودة في الفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة قليلة الدهون والسعرات الحرارية.
ما هي الاحتياجات الغذائية لمرضى السكّري؟
النظام الغذائي الصحيّ غنيّ بالألياف وقليل الدهون والكوليسترول والملح والسكّر.
يجب تناول الكربوهيدرات من الفاكهة والخضراوات والحبوب الكاملة والبقوليّات والحليب قليل الدسم أو الخالي من الدسم. واختر الكربوهيدرات الصحية، مثل الفاكهة والخضراوات والحبوب الكاملة والفول والحليب قليل الدسم، كجزء من خطة وجبات مرض السكّري الخاصّة بك.
ماذا يعني الأكل الصحيح بالنسبة لك؟
إذا كنت مصابًا بداء السكّري من النوع 1، فإن احتساب الكربوهيدرات مهمّ جداً للحفاظ على مستويات السكّر ثابتة في الدم. لذا يجب أن تقدّر وتحسب عدد الكربوهيدرات في وجبتك، وتطابقها مع كمية الأنسولين التي تحتاج إلى تناولها.
أما إذا كنت تعاني من النوع 2، وتعاني من زيادة الوزن، فإن إيجاد طريقة لفقدان الوزن أمر مهمّ، لأنه يحسن حقًا إدارة مرض السكّري. هذا لأنه يُمكن أن يساعد على خفض نسبة الجلوكوز في الدم وتقليل خطر حدوث مضاعفات أخرى.
هناك طرق مختلفة لفعل ذلك مثل الحميات منخفضة الكربوهيدرات أو الحمية المتوسّطية أو منخفضة السّعرات الحرارية. يُمكن أن يساعدك فقدان الوزن على خفض مستويات الجلوكوز في الدم، ونحن نعلم الآن أن فقدان الوزن بشكل كبير يمكن أن يؤدّي إلى تعافي بعض الأشخاص من مرض السكّري من النوع 2.
سواء أكنت مصابًا بداء السكّري من النوع 1 أو من النوع 2، فقد تحتاج إلى فقدان وزنك الحالي أو اكتسابه أو الحفاظ عليه لكي تحصل على جسم صحي. ولكن من المهمّ اتّخاذ خيارات غذائيّة صحيّة أثناء القيام بذلك.
يعتبر احتساب الحصص الغذائية مهمّاً جداً لأنه يجعل حساب الحقائق الغذائية عند حساب الكربوهيدرات أو التحكّم بوزنك أسهل كثيرًا. تذكّر أن أحجام الحصص تختلف من شخص لآخر، لذا فإن ما هو مناسب لشخص آخر قد لا يكون مناسبًا لك.
ما هي النصائح الغذائية لمرضى السكّري؟
1- اختر الكربوهيدرات الصحية
تؤثر جميع الكربوهيدرات في مستويات الجلوكوز في الدم؛ لذا من المهم معرفة الأطعمة التي تحتوي على الكربوهيدرات. اختر الأطعمة الصحية التي تحتوي على الكربوهيدرات، وكن على علم بأحجام حصصك.
بعض المصادر الصحيّة للكربوهيدرات هي:الحبوب الكاملة، مثل الأرزّ البنيّ والحنطة السوداء والشوفان الكامل.
الفاكهة والخضروات
البقول مثل الحمص والفول والعدس
منتجات الألبان مثل اللبن غير المحلّى والحليب.
ومن المهم أيضًا استهلاك ما لا يقلّ عن نصف الحبوب الكاملة من مجمل كمّية النشويات، وتقليل الأطعمة منخفضة الألياف مثل الخبز الأبيض والأرزّ الأبيض والحبوب عالية المعالجة.
ويجب التحقّق من ملصقات الأطعمة عندما تبحث عن أطعمة غنية بالألياف، إذا لم تكن متأكدًا.
2- استهلاك الفاكهة والخضراوات
لقد ارتبط استهلاك الفواكه مع قشرتها مثل التوت البري والعنب والتفاح بشكل كبير بانخفاض خطر الإصابة بمرض السكّري حسب بعض الدراسات.
3- التقليل من تناول الملح
يمكن أن يؤدّي تناول الكثير من الملح إلى زيادة خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم، ممّا يؤدّي بدوره إلى زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغيّة. وعندما تكون مصابًا بمرض السكّري، فأنت بالفعل أكثر عرضة للإصابة بكلّ هذه الحالات.
4- حاول أن تتناول 6 جرامات (ملعقة صغيرة) فقط من الملح يوميًا كحدّ أقصى.
تحتوي الكثير من الأطعمة المعلّبة على الملح، لذا تذكّر أن تتحقّق من ملصقات الطعام، واختر تلك التي تحتوي على ملح أقلّ. سيساعدك الطهو من نقطة الصفر على مراقبة كمّية الملح التي تتناولها. يُمكنك أيضًا أن تكون مبدعًا، واستبدل الملح بأنواع مختلفة من الأعشاب والتوابل لإضافة تلك النكهة الإضافية.
1- التقليل من تناول اللحوم الحمراء والمعالجة
إذا كنت تقلّل من الكربوهيدرات، فقد تبدأ بالحصول على أجزاء أكبر من اللحم. ولكن ليس من الجيّد فعل ذلك باللحوم الحمراء والمصنّعة، مثل لحم الخنزير ولحم الخنزير المقدّد والنقانق ولحم البقر والضأن. كلّ هذه لها صلات مع مشكلات القلب والسرطانات.
2- اختر الدهون الصحية
نحتاج جميعًا إلى الدهون في نظامنا الغذائيّ لأنها تمدّنا بالطاقة. لكن الأنواع المختلفة من الدهون تؤثر في صحتنا بطرق مختلفة.
تعدّ نوعية الدهون أكثر أهمية من إجمالي كمية الدهون المتناولة، والوجبات الغذائية التي تحتوي على الدهون النباتية أفضل من الدهون الحيوانية. على وجه الخصوص، ارتبط تناول كمّيات أكبر من أحماض أوميغا 6 الدهنيّة المتعدّدة غير المشبعة بانخفاض خطر الإصابة بمرض السكّري.
توجد الدهون الصحيّة في الأطعمة مثل المكسّرات غير المملّحة والبذور والأفوكادو والأسماك الزيتية وزيت الزيتون والزيوت النباتية الصحية. يمكن لبعض الدهون المشبعة الموجودة في اللحوم الحمراء والمصنّعة، السمنة، البسكويت والفطائر …، أن تزيد من كمية الكوليسترول في الدم، ممّا يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب.
3- كن ذكيّاً مع الوجبات الخفيفة
إذا كنت ترغب في تناول وجبة خفيفة، فاختر الزبادي والمكسّرات غير المملّحة والبذور والفواكه والخضراوات بدلاً من البطاطس المقليّة ورقائق البطاطس والبسكويت والشوكولاتة. لكن راقب حصصك، ليُساعدك ذلك على مراقبة وزنك.
4- شرب الكحول باعتدال
يحتوي الكحول على نسبة عالية من السّعرات الحرارية. لذلك إذا كنت تشرب وتحاول إنقاص الوزن، ففكّر في التقليل. وبالنسبة إلى الكمية فإنها تختلف بين النساء والرجال. كمية استهلاك الكحول لدى النساء يجب أن تكون أقلّ من 50 غ/اليوم، لدى الرجال أقلّ من 60 غ/اليوم.
وإذا كانت لديك الرغبة في الشرب، وكنت تتناول الأنسولين أو أدوية أخرى، فيجب أن تتناول الكحول مع الطعام وليس على معدة فارغة، لأن الكحول تسبّب انخفاضًا حادّاً في مستويات سكّر الدم.
5- لا تهتمّ بالتسويق للأغذية التي تسمّى أغذية مرضى السكّري، وقم بنفسك بتحديد خياراتك الأفضل، وتأكد من مكوّنات الطعام الجاهز دائماً، لأنه لا يوجد أي دليل على أن هذه الأطعمة تقدّم لك فائدة خاصّة. ويمكنها أن تحتوي أيضًا في كثير من الأحيان على نفس القدر من الدهون والسعرات الحرارية مثل المنتجات المماثلة، ويمكن أن تؤثر في مستوى الجلوكوز في الدم. ويُمكن أن يكون لهذه الأطعمة أحيانًا تأثير مليّن.
9 – احصل على المعادن والفيتامينات من الأطعمة
لا يوجد دليل على أن مكمّلات الفيتامينات والمعادن تساعدك على إدارة مرض السكّري. لن تحتاج إلى تناول مكمّلات إذا كان غذاؤك كاملاً.
من الأفضل أن تحصل على العناصر الغذائيّة الأساسيّة عن طريق تناول مزيج من الأطعمة المختلفة؛ وذلك لأنّ بعض المكمّلات يمكن أن تؤثر في أدويتك، أو تجعل بعض مضاعفات مرض السكّري أسوأ، مثل أمراض الكلى.
10- ممارسة الرياضة
لا تنسَ أن تكون أكثر نشاطاً مع تناول طعام صحيّ. يمكن أن يساعدك على إدارة مرض السكّري وتقليل خطر الإصابة بأمراض القلب، لأنّه يزيد من كمّية الجلوكوز التي تستخدمها عضلاتك، ويساعد الجسم على استخدام الأنسولين بشكل أكثر كفاءة. حاول أن تتمرّن ما لا يقلّ عن 30 دقيقة 5 مرات في الأسبوع.
يعدّ العلاج بالتغذية الطبيّة مهمًا في الوقاية من مرض السكّري، وفي إدارة مرض السكّري الموجود، أو على الأقل إبطاء معدّل تطوّر مضاعفات مرض السكّري. لذلك، هو مهمّ على جميع مستويات الوقاية من مرض السكّري. يعدّ العلاج بالتغذية أيضًا جزءًا لا يتجزأ من تعليم الإدارة الذاتية لمرض السكّري.
لذا، فإن النظام الغذائي ونمط الحياة ليسا فقط من العوامل المهمّة في مسبّبات مرض السكّري، ولكنهما من العوامل الرئيسية للوقاية والعلاج لمرضى السكّري. إذا شعرت بالإرهاق حيال مشاعرك تجاه الطعام ومرض السّكّري، فلدينا الكثير من المعلومات لمساعدتك ويمكنك استشارة المختصّين.