حسن فليح / محلل سياسي
اطلعت على كتاب قيد الطبع بعنوان ” التنمية المضاعفة ……ثورة بلا عنف” للمؤلف الاستاذ نصيف الخصاف، يتحدث فيه عن دور التنمية في حياة الشعوب والبلدان وتطورها ، يستحق الكتاب القراءة والاقتناء ، لما تضمنه من احصائيات وارقام من مراكز عالمية مرموقة. لااريد ان اتحدث اكثر عن الكتاب لكي لا افسد متعة قراءته ، الكتاب اثارني عنوانه ومضمونه وحفزني ان اكتب مقالة عن ثورة التنمية واهميتها لأي مجتمع يسعى لضمان تقدمه ورقيه الحضاري، شرط ان تتوفرفيه قيادة وطنية مخلصة غير مؤدلجة وغير تابعة لطرف خارجي، تؤمن بالتنمية طريقا للارتقاء بحياة الإنسان ورفاهيته ، لذلك يجب ان تسبقها تنمية الإنسان لضمان تكوين مواطن صالح ، بتوفير تعليم جيد وضمان صحي ممتاز وفرص عمل متاحة للجميع ، من خلال تثوير التنمية في جميع القطاعات، باعتبار العملية التنموية هي عملية تكاملية تقوم على جهود الدولة والأفراد ومجتمع متعلم ينعم بالحرية . العراق كبلد وشعب وتاريخ حضاري يمتلك ثروات طبيعية غير عادية وقدرات علمية وهو مؤهل تماما لهكذا مشروع واكاد اجزم ان العراق هو أكثربلدان المنطقة استجابة وشغف ِواستعداد شعبي للتنمية ، ما يعني إن ارضية التنمية وعواملها الجوهرية متوفرة تماما ولكن غير المتوفر ،هي القيادة الوطنية الحقيقية التي تسعى باخلاص لتحقيق ذلك ، علما ان الخيارات الوطنية والمطالب الشعبية دائما ماتكشف لنا ضحالة وزيف المسؤلين عن ادارة البلد .
كلنا نعلم ان اليابان خرجت من الحرب العالمية منهكه ومدمره ووقعت وثيقة استسلامها امام الولايات المتحدة وومثلين من دول العالم عام 1945، ولكي تحول اليابان هزيمتها بالحرب الى نصر اختارت ثورة التنمية مفتاحا للنصر والنجاح الدائم في جميع مناحي الحياة طريقا للتقدم والانتصار العلمي وقادة ثورة علمية تنموية غير مؤدلجة بلا دماء ولا عنف وآمنت بالخيار العلمي والتطور طريقا للحياة . التجربة اليابانية مثال رائع للشعوب التي ادمتها الحروب والصراعات الجانبية والسياسات غير المجدية والانحرافات الوطنية والارتباط باجندات خارجية على حساب مصالح الشعب والبلاد العليا ، العراق هو المثال الاقرب لما اصاب اليابان من تجربة مشابهه من جراء الحرب، هنا خيمة صفوان الحدودية وماحصل من استسلام ، وهناك سفينة يو اس اس الامريكية في خليج طوكيو حيث وقعت اليابان وثيقة استسلامها ولكن الفرق واضح بين التجربتين، اليابان مثال رائع للنجاح والتقدم وتجاوز النكسات والعراق المثال السيء للدول وشعوب المنطقة والعالم ، بعدم اغتنام الفرصه بتحويل الهزيمة الى نصر ، فالذي حصل هو العكس تماما انعدام التنمية وتبديد الثروات والاقتتال الطائفي واستشراء الفساد والسلاح المنفلت وانعدام السلم الاهلي ، هكذا هي صورة ووصف العراق الان عشرين عاما من التغيير.كان للعراق فرصته التاريخية ان يكون نموذجا يحتذى به بعد غياب الدكتاتورية ونظام الحزب الواحد ، تشير احصائيات وزارة التخطيط ان نسبة الفقر وصلت الى ربع الشعب العراقي ونسبة الامية تجاوزت 13% ، وبذلك تحول الفقر إلى آفة اجتماعية ، بسبب غياب السياسات التنموية وفقدان العدالة الاجتماعية التي أدت إلى ارتفاع الجهل ونسبة البطالة ، فمتى تعي الطبقة السياسية ذلك وتقوم بمواجهة الخطر الجدي من غياب التنمية الخالية من الفساد والخالية من المواقف المسبقة غير المجدية والمعطلة لحياة العراقيين؟ اليوم نجد القوى السياسية والحكومة مهتمة بالجانب الامني الاحادي دون الاكتراث للجانب التنموي وهذا هو الخطأ الاستراتيجي القاتل لها ، حيث لا أستقرار امني ولا مجتمعي دون تنمية حقيقية والتي تعد من ابرز مقوماتهما ولايجوز الفصل بينهما او تقدم احداهما على الاخر، الاثنان يكملان بعضهما ، فللحصول على امن جيد ومجتمع مستقر خالي من العنف وينعم بخيرات وطنه ، التنمية مفتاح الحلول وثورة بلا دماء .