فسحت الجزائر في الأيام الأخيرة المجال أمام استيراد سمك السردين من تونس لتغطية الطلب المتزايد عليه، ولمحاولة كسر الأسعار المرتفعة في السوق المحلية التي بلغت سقف 1500 دينار. وفي تصريحات صحافية قال مدير مراقبة نشاطات الصيد البحري وتربية المائيات وتنظيم سوق المنتجات الصيدية عبد الرحمن هنتور إن “أولى عمليات الاستيراد تمت من طرف موردين، وقدرت الكمية المستوردة بـ10 أطنان وُزّعت على بعض المحافظات الشرقية كقسنطينة، سكيكدة، سطيف، باتنة ومدن أخرى مجاورة”. وأكد أن “السمك المستورد هو سمك طازج تُحترم فيه كل شروط الحفظ والتوزيع، لأنه يوزع في شاحنات مبردة ومراقبة على مستوى كل المعابر الحدودية لضمان تسويقه للمواطنين في أحسن الظروف”. ردود فعل متباينة وأثار القرار ردود فعل متباينة على منصات التواصل الاجتماعي ما بين مرحب بالقرار ومستغرب، وغرد أحد النشطاء في “فايسبوك” قائلاً: “الجزائر تستورد السردين التونسي لبيعه بـ500 د.ج، أي بأقل من نصف ثمن السردين المحلي، للتذكير ساحل الجزائر 2100 كلم؟”. وعلق آخر ساخراً: “بعد لحم البقر البرازيلي ولحم الخروف الروماني، جاء دور السردين التونسي”، وأرفق ملاحظته بالتعليق التالي: “السردين التونسي يعيش في البحر الأبيض المتوسط نفسه”. وتساءلت صفحة أخرى عن أسباب هذا التوجه قائلة: “برأيك أين الخلل… السردين المستورد من دولة تونس”. في المقابل، رحبت المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك بقرار استيراد السردين من تونس، ورأى العضو البارز في المنظمة فادي تميم أن “القرار من شأنه أن يساهم في استقرار أسعار سمك السردين داخل السوق المحلية، في ظل نقص العرض عن الطلب”. ولا تختلف المقاربة التي تبنتها الجزائر لمعالجة أزمة الأسماك عن المقاربة المماثلة التي انتهجتها لمعالجة أزمة اللحوم الحمراء والبيضاء من خلال منح تراخيص للمتعاملين بصفة موقتة.
زورق صيد تونسيأسباب القرار وخلفياته ويقر عبد القادر صحراوي، وهو ناشط في تربية المائيات ويشغل منصب نائب رئيس الشركة العربية المشتركة لمنتجي الأسماك بـ”الاختلالات الشديدة في العرض والطلب”، ويرجع أسباب تراجع مخزون الثروة السمكية على طول الشريط الساحلي الجزائري إلى أسباب من بينها “الصيد الزائد الذي يعتبر أحد الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى انخفاض المخزون السمكي الطبيعي، فالكثير من الصيادين يمارسون الصيد بكميات كبيرة من دون احترام حصص الصيد المسموح بها في الموسم الواحد، إضافة إلى التلوث البيئي، لا سيما التلوث النفطي الذي يعتبر من أكثر أشكال التلوث خطورة على الحياة البحرية”. “تغيّر المناخ”وإضافة إلى ذلك أشار إلى عامل “تغير المناخ”، وقال إن “تغيرات المناخ تسببت في تأثر التوازن البيئي في المحيطات والبحار وزادت من انخفاض المخزون السمكي الطبيعي”. ومن بين الأسباب التي ذكرها صحراوي لـ”النهار العربي” “قلة الإجراءات الوقائية التي تتعلق بتحديد حصص الصيد المسموح بها وكذلك تطبيق أنظمة الأمانة الغذائية ومنع الصيد غير المشروع أو غير المسؤول”. وأثار صحراوي “مسألة الصيد في أوقات الراحة البيولوجية للأسماك”، وقال إنه “يجب العمل على إيجاد الحلول المناسبة لحماية المخزون السمكي الطبيعي وتعزيز استدامة هذا القطاع الحيوي، وذلك عن طريق تحسين ممارسات الصيد وتنظيمه وتعزيز العمليات الوقائية للحفاظ على البيئة والحياة البحرية”. حلول بديلة من الاستيراد وبدل اللجوء إلى الاستيراد من أجل تلبية الطلب المتزايد على البروتين الحيواني البحري وضمان توفيره باستمرار للمواطنين، اقترح صحراوي “تربية المائيات باعتبارها أحد الحلول البديلة الأساسية لتدارك النقص السمكي في الجزائر، غير أن هذا الحل يتطلب تخطيطاً مسبقاً واستثماراً في البنية التحتية والتمكين من التقنيات اللازمة لتحقيق الإنتاجية المرجوة بأفضل جودة وكفاءة وباستدامة، كما تتطلب التربية توفير دراسات أكثر دقة حول تطوير الأنواع المناسبة لهذا النوع من الزراعة وتحديد الطرق المناسبة لإدارة الموارد المائية والغذائية اللازمة لتلك الأنواع”. وبحسب صحراوي، فإن “تربية المائيات في الجزائر تواجه بعض التحديات، أهمها نقص المعدات والأدوات اللازمة، ما يستلزم استيرادها من الخارج، وتأثير التلوث البيئي والبكتيريا الضارة بسبب التفريغ المباشر لمياه الصرف الصحي في السواحل، وأخيراً نقص العقار اللازم بالقرب من السواحل”.