المعلومة/ خاص..
لا تزال تداعيات أزمة المياه التي تواجه العراق خلال السنوات القليلة الماضية، تسبب مخاطر كبيرة على جميع أوجه الحياة في البلد، الا أن الكارثة المقبلة قد تصيب أقدم حضارته المائية.
نهرا دجلة والفرات واللذان كانا السبب الأساس وراء ظهور الكثير من الحضارات، ووصل صيتهما لمشارق الأرض ومغاربها وكانا السبب باطلاق تسمية “بلاد الرافدين” على العراق، يتواجدان اليوم بدائرة “الخطر”.
الأزمة الحادة التي يعاني منها العراق، أسبابها كثيرة ومنها الداخلية والخارجية، فسياسات تركيا المائية انهكت البلد، اما الممارسات الخاطئة وعدم استغلال الكميات الواصلة للبلد اطلقت رصاصة الرحم ببلد تتجاوز حضارته أكثر من 10 الاف عام.
“أسباب فعلية”
الكوارث الطبيعية وكثرة التقلبات المناخية، قد تكون سبباً بزيادة معاناة نهري دجلة الفرات، وهو ما “يزيد الطين بلة” لاسيما أن البلد واقع تحت رحمة تركيا من جهة وسياسته داخلية من جهة أخرى.
عضو مجلس النواب السابق، جاسم البياتي، رجح اندثار نهري دجلة والفرات خلال السنوات المقبلة، وفيما بين الأسباب التي تؤدي لجفاف الأنهر، حدد اشكالين لازمة العراق المائية الحالية.
ويقول البياتي، في حديث لوكالة / المعلومة /، إن “الوضع المائي في العراق حاليا يبدو جيداً الا أن هناك اشكالين؛ الأول يتمثل بسياسة تركيا المائية مع العراق ومحاولة تنفيذ اتفاقية الماء مقابل النفط”، معتبرها “سياسية مجحفة من أنقرة بحق بغداد”.
ويضيف، أن “الاشكال الثاني يدور حول مدى استفادة البلد من الكميات المائية الداخلة، وحجم الكميات التي نستطيع خزنها؟ ولماذا تدخل من الشمال وتخرج من الجنوب بدون أي استفادة؟”، مبيناً أن “السبب ليس بتركيا فقط بل اننا كذلك غير قادرين على حفظ الكميات الواردة لنا”.
ويوضح عضو مجلس النواب السابق، أن “الامطار الساقطة في موسم الشتاء وحدها تكفي للاستخدام طوال موسم الصيف”، لافتاً الى أن “النظام العالمي وبظل الثقب الذي حصل في طبقة الأوزون وارتفاع درجات الحرارة جميعها عوامل ستسبب بزيادة تبخر الماء وقلة كمياتها على الكرة الأرضية بشكل عام”.
ويبين البياتي، “سيكون هناك جفافاً عاماً يضرب الأنهر ومن ضمنها دجلة والفرات وكذلك النيل، وحتى البحار والمحيطات”.
“تحذيرات مائية”
استمرار العراق عبر حكوماته المتعاقبة باستخدام سياسات مائية خاطئة، قد يتسبب بكارثة مائية “هائلة”، مضارها ستقع بالدرجة الأساس على نهري دجلة والفرات.
بدوره، حذر الخبير المائي والزراعي، عادل المختار، من استمرار العراق باتباع السياسات المائية الخاطئة، فيما شخص “كارثة” بالملف الزراعي، وجه طلباً يخص السياسات المتبعة.
ويذكر المختار في حديث لوكالة / المعلومة /، إن “العراق اذا استمر باتباع السياسات المائية الخاطئة، فمن المؤكد ان يتعرض لإشكالية كبيرة وأزمة مياه حادة وجفاف نهري دجلة والفرات خلال السنوات المقبلة”.
ويلفت الى، أن “البلد لا يزال يستخدم الري السيحي والقديم رغم رفض وزارتي المائية والزراعية، لكن مع ذلك هناك استمرار بالزراعة واستخدام هذا الأسلوب”.
ويتابع الخبير المائي، أن “الخطة الشتائية للعام الماضي كانت بحدود 6.5 مليون دونم على الري السطحي، و4 مليون دونم على المياه الجوفية، ومليونين على الابار، اي بحدود 12 مليون دونم”، مبيناً أن “من يزرع هذه الكمية الكبيرة فكم يحتاج الى كميات من الماء؟”.
ويشير عادل الى، ان “هذه الزراعة تمثل كارثة، ومن المفترض أن تكون هناك دراسة جدوى بين استخدام المياه وزراعة الحنطة، وستخرج بنتائج مفادها أن البلد سيفقد المياه من خلال هذه الزراعة”.
ويطالب، بـ”ضرورة إعادة النظر بالسياسة الزراعية وتطبيق الحلول اللازمة على أرض الواقع”.
ازمة المياه التي تهدد العالم، يتضرر منها العراق أكثر من غيره لاسيما أن تركيا الذي لم تعينه على ما بلاه، بل زادت من حجم معاناته، وهو ما يزيد الأوضاع سوءا، إضافة الى ذلك سياسات البلد الداخلية وعدم الاستفادة من الحصص المائية الواردة.