سلام مكي
حاجة العراق الى القوانين، توازي حاجته الى الأمن والخدمات والنزاهة، على اعتبار ان أي نشاط يخص الدولة لابد ان يتم بناءً على قانون يضع الخطوط العامة والخاصة لذلك النشاط. التطور التقني ساهم الى حد كبير في اطلاع الجمهور على النشاطات التشريعية للمجلس، عبر نشر مشاريع القوانين والقوانين قيد التشريع والقوانين الصادرة، مما أتاح فرصة كبيرة لقراءة تلك القوانين ومعالجة الثغرات الموجودة فيها بما يسهم بتشريع قانون متكامل يسعى الى تحقيق الغاية التي من اجلها شرع. من يطالع القوانين المشرعة والقوانين قيد التشريع المنشورة في موقع مجلس النواب، يجد ان ثمة بونا شاسعا بين الاثنين، على اعتبار ان ما شرع من قوانين ليست بذات الأهمية ولا لها حاجة ملحة، مقارنة بالقوانين التي مازالت قيد التشريع. فمثلا هناك قوانين تم إقرارها مثل قانون انضمام جمهورية العراق الى الاتفاقية المتعلقة بالضمانات الدولية على المعدات المنقولة والبروتوكول الملحق بها بشأن المسائل التي تخص معدات الطائرات والاعلانات المكملة اليها الخاصة بجمهورية العراق وقانون انضمام جمهورية العراق الى اتفاقية الحرية النقابية وحماية التنظيم النقابي.
هذه القوانين مهمة، لكن ثمة قوانين اكثر أهمية وإقرارها يستدعي حاجة ملحة، فكان الأجدى بالمجلس إقرار القوانين الأكثر أهمية وإرجاء مثل هذه القوانين الى أوقات أخر. في خانة القوانين قيد التشريع نجد قوانين مهمة وملحة كقانون الانتخابات وقانون الموازنة العامة وقانون الغاء مكاتب المفتشين العموميين وقانون تعديل قانون مجلس النواب. إضافة الى القوانين غير المدرجة في جدول الاعمال والتي مازالت تنتظر منذ سنوات. والخلافات السياسية تمنع إقرارها رغم أهميتها. ان بروز الخلافات وعدم الانسجام بين الكتل السياسية، عامل رئيس في تأخر إقرار القوانين المهمة، ولاشك ان القوانين المشار اليها قوانين ليست خلافية ولا تمثل جنبة مالية على خزينة الدولة، بالتالي، من السهولة إقرارها، في حين ان قانون الانتخابات وقانون الموازنة لهما أهمية كبيرة في رسم ملامح الوضع القادم، سواء من الناحية المالية او السياسية. ومن جانب آخر يتم الانشغال بقوانين لا حاجة لها ولا يمثل تشريعها ضرورة ملحة، كقانون تعديل الأحوال الشخصية الذي أثار جدلا واسعا بين النخب والاوساط الشعبية والثقافية الرافضة لهذا المشروع. في وقت، تعاني شريحة واسعة من الأطفال والنساء العوز والفقر، إضافة الى التشرد والتسول الذي لا يجد من يفعّل النصوص الخاصة به. كما ان هناك قوانين يستلزم إقرارها وفقا لسقوف زمنية، بمعنى ان الحكومة والبرلمان ملزمان، بإقرارها في تاريخ محدد، كقانون الموازنة الذي الزم قانون الإدارة المالية والدين العام، تقديمها في 10 تشرين الثاني من العام الماضي الى البرلمان للموافقة عليها او تعديلها. في حين ان الاخبار تتحدث عن تأجيل إقرار الموازنة حتى مطلع هذا العام.
كما نلاحظ ان الجهد التشريعي لمجلس النواب، لا يوازي الاستنفار الحكومي والبرلماني، لمكافحة الفساد، على اعتبار انه من ضرورات نجاح الحرب على الفساد، وجود قوانين تساند الجهات الرقابية والقضائية. ونلاحظ ان مجلس النواب اكتفى بالتصويت على عرض قانون الغاء مكاتب المفتشين العموميين من حيث المبدأ وعن قانون من أين لك هذا. في حين يفترض ان تتم مناقشة هذين القانونين بشكل أكبر بغية توفير الأرضية المناسبة لمكافحة الفساد وفقا للخطط التي وضعتها الحكومة. كما ان اقتراب موعد الانتخابات، يعني ضرورة إقرار قانون تعديل قانون الانتخابات، او الإبقاء على القانون الحالي دون تعديل، وهذا يتطلب موقفا من المجلس، اما إبقاء الأمور على وضعها الحالي، فسيجعل من مسألة اجراء الانتخابات في موعدها امرا غير مؤكد. ان الجهد التشريعي لمجلس النواب، لا يمكن له النجاح مع وجود الخلافات والتكتلات الحزبية وغياب الهم الوطني الذي بدونه، لن ينجح المجلس بتشريع أي قانون يهم الشعب