حسن فليح / محلل سياسي
على امتداد اكثر من أربعة عقود عاشت العلاقات الأمريكية الإيرانية بين حالتي اللاسلم واللاحرب، وتتغذى من التوترات الإقليمية وتعيش على وقع الأزمات التي لا تنتهي بين الطرفين ، العلاقة بين أمريكا وإيران تتخذ وجهين أحدهما ظاهر يتسم بالعداء، والآخر خفي يتسم بالتعاون وتبادل المصالح على حساب دول المنطقة وشعوبها غير أن الوجه الأول من هذه العلاقة يطغي على الثاني عندما تتعارض المصالح، وتسعى إيران للتمرد على الولايات المتحدة من جديد ، تعتقد ايران ان دورها التخادمي مع امريكا بالمنطقة يجعلها ان تحقق مصالحها ونفوذها اكثر ، ويبعدها قدر المستطاع عن المواجهة العسكرية معها ، وقد ادركت الولايات المتحدة تلك السياسة تماما ولكنها قلقه من تهديد مصالحها خاصةً بعد التقارب الايراني مع روسيا والصين واستفحال نفوذها ، استدركت امريكا مؤخرا أن هذا القلق هو نتيجة لسياستها المهادنة والسماح لايران بالتمدد والنفوذ بغية السيطرة واضعاف ارادة شعوب المنطقة بالعامل الطائفي وشق الصف وتهديد وحدتها وبمباركة امريكية ، الامر الذي تحول الى عقدة تهدد الوجود الامريكي ومصالحها ولم تعد تلك السياسة مجدية بالقدر الذي كان مخططا له وخشيتها ان يتحول ذلك الى قوى مسلحة بيد ايران ضدها ، وهذا الذي يحصل الان بالفعل ، حيث اصبحت الفصائل المسلحة لم تعد حامية لانظمة الحكم الموالية فقط وانما اصبحت قوى مسلحة ولائية تدافع عن المصالح الايرانية ولا علاقة لها بالدوافع الوطنية والقومية لدولها ، واصبحت
عبارة عن اذرع تأتمر بأوامر ورغبات ولاية الفقيه وماتريده ايران من اهداف بالمنطقة ! وهي اهداف تتقاطع في كثير من الاحيان مع الاهداف والمصالح الامريكية ، كما ان ايران تريد ان تفرض نفسها لاعبا وشريكا لايمكن تجاهله او عبوره من قبل الولايات المتحدة وعليها ان تدرك ذلك وتقر به !! بالمقابل قامت امريكا بقلب المعادلة تريد الولايات المتحدة تحييد القوى التابعة لايران من الصراع الحالي في غزة وتبقي الحرب تحت السيطرة في المكان والزمان وعدم الخروج من قبضتها ، شكل ذلك حرجا كبير لمحور المقاومة بعدم التصدي الجدي للحرب الوحشية التي يشنها الكيان الصهيوني على الفلسطينيين في غزة ، لهذا نجد بعض المشاغلة الخجولة التي تصدر من حزب الله في لبنان ومن الفصائل في العراق والحوثين في اليمن لحفظ ماء الوجه الذي توشح بالعار ، بالتزامن مع الرسائل لايران عن طريق التصريحات المعلنه او عن طريق قطر السرية لضبط ايقاعات تلك المنازلة وعدم خروجها عن اليد التي تديرها !! العلاقة بين الولايات المتحدة وإيران، غامضة ومثيرة للتساؤلات، حيث يتبادل الطرفان التصريحات العدائية في الإعلام في الوقت الذي يسعى فيه كل طرف للتهدئة مع الآخر ، امريكا الغبية سياسيا والقوية عسكريا امام ايران الذكية سياسيا والضعيفة عسكريا بالمقارنة مع الولايات المتحدة ، حيث قام الصراع المعلن والتوافق الخفي على تلك المعادلة ، جائت عملية طوفان الاقصى لتعري الجميع اولهما اسرائيل ومنظومتها الامنية التي لاتقهر ، والمجتمع الدولي بقيادة امريكا وكذبة الحفاظ على السلم العالمي وحقوق الانسان، والدول العربية وموقفها الهزيل من الذي يجري في غزة وكذلك ايران التي تقود محور المقاومة ، التي وقفت متفرجة امام الخيارات
الصعبة !! امريكا تريد ابقاء لعبة الحرب مفتوحة ولن تسعى لحلها وان الحشود البرية والبحرية في الخليج وفي البحر الابيض المتوسط لم تأتي لمساعدة اسرائيل في حربها على غزة اسرائيل بمفردها قادرة على مواجهة حزب الله وحماس في آن واحد وأن تلك الحشود جائت برسالة واضحة لطهران مفادها “لا تدخلي الحرب ياايران” حتى في حالة ضرب حزب الله والفصائل الموالية لكم في المنطقة !! وفي حالة عدم التزامكم فأن عملية استهدافكم واستهداف نظامكم ستكون ضمن سيناريو الحرب الشاملة والخيار متروك لكم !! هكذا هو الموقف الان الذي يثير السؤال التالي، هل تستمر ايران بسياسة التخادم مع امريكا وتتخلى عن اذرعها بالمنطقة كما تخلت عن حماس وتصبح ايران الدولة وليست ايران الثورة ، ام انها تختار طريق الحرب؟!