منذ قيام دولة إسرائيل عام 1948، كان الصراع العربي الإسرائيلي محوراً رئيسياً في تاريخ المنطقة. نشبت سلسلة من الحروب بين الدول العربية وإسرائيل، بداية من حرب 1948 وحتى حرب أكتوبر 1973. وعلى الرغم من أن الهدف العربي كان تحرير الأراضي الفلسطينية واستعادة حقوق الشعب الفلسطيني، إلا أن النتائج جاءت مخيبة للآمال، حيث توسعت إسرائيل جغرافياً وعززت سيطرتها على المزيد من الأراضي العربية.
حروب التحرير العربية وتوسعات إسرائيل:
- حرب 1948: بعد إعلان قيام دولة إسرائيل، اندلعت الحرب بين الجيوش العربية والقوات الإسرائيلية. على الرغم من أن الدول العربية دخلت الحرب بهدف منع قيام إسرائيل، إلا أن النتيجة كانت عكسية. انتهت الحرب بسيطرة إسرائيل على مساحات واسعة من الأراضي التي كانت مخصصة للعرب بموجب قرار التقسيم الأممي، بما في ذلك غرب القدس.
- حرب 1956 (العدوان الثلاثي): تدخلت إسرائيل إلى جانب بريطانيا وفرنسا في الهجوم على مصر بعد تأميم قناة السويس. وعلى الرغم من انسحاب القوات الإسرائيلية في نهاية المطاف، إلا أن هذه الحرب أظهرت مدى التعاون العسكري بين إسرائيل والقوى الكبرى، وزادت من النفوذ الإسرائيلي في المنطقة.
- حرب 1967 (النكسة): تُعد هذه الحرب نقطة تحول رئيسية في الصراع العربي الإسرائيلي. خلال ستة أيام، تمكنت إسرائيل من تحقيق انتصار ساحق واحتلال شبه جزيرة سيناء المصرية، وقطاع غزة، والضفة الغربية، ومرتفعات الجولان السورية. شكل هذا التوسع الإقليمي تحولاً جذرياً في ميزان القوى بالمنطقة، وعمّق الجرح العربي.
- حرب 1973 (حرب أكتوبر): رغم أن الدول العربية تمكنت من تحقيق انتصارات أولية خلال هذه الحرب، إلا أن النتائج النهائية لم تغير من الخارطة الجغرافية بشكل كبير. إسرائيل بقيت تسيطر على الأراضي التي احتلتها في 1967، مما دفع بعض الدول العربية فيما بعد إلى التفاوض معها بدلاً من خوض مزيد من الحروب.
إسرائيل اليوم: توسع غير معلن وحدود غير محددة
اليوم، وبعد مرور عقود على تلك الحروب، لا يزال التساؤل مطروحاً حول حدود إسرائيل النهائية وأهدافها التوسعية. في الحروب التقليدية السابقة، كان الهدف الإسرائيلي هو السيطرة على أراضٍ عربية وتحقيق تفوق جغرافي وعسكري. لكن اليوم، ومع الصراعات الجديدة التي تخوضها إسرائيل ضد الفصائل المسلحة المدعومة من إيران والموجودة في لبنان، سوريا، العراق، وحتى قطاع غزة، يبدو أن الحدود الجغرافية للصراع قد تداخلت مع الحدود السياسية.
إسرائيل تبرر تدخلاتها في الدول العربية على أنها دفاع عن أمنها في مواجهة “التهديد الإيراني” والفصائل المسلحة المرتبطة به مثل حزب الله في لبنان وحماس في غزة. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: أين ستتوقف إسرائيل في هذه الحروب؟ وهل تفصح إسرائيل بوضوح عن حدودها النهائية؟
الحرب الحالية ضد هذه الفصائل لا تقتصر على أرض واحدة، بل تنتشر على أربع دول عربية (لبنان، سوريا، العراق، وغزة) إضافة إلى إيران، الداعم الرئيسي لهذه الفصائل. هذا يعني أن الصراع قد اتسع جغرافياً بشكل كبير، ما يفتح الباب أمام احتمالات جديدة للتوسع الإسرائيلي، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
حجة الحرب ضد الفصائل: باب لتوسعات أخرى؟
إسرائيل، التي تركز اليوم على مواجهة الفصائل المسلحة، قد تستخدم هذه الحجة لتعزيز نفوذها في المنطقة على المدى الطويل. فالتدخلات العسكرية أو العمليات الأمنية في دول عربية أخرى قد تصبح ذريعة لمزيد من التوسع أو لتعزيز سيطرتها الأمنية. ومع غياب الوضوح حول الحدود النهائية لإسرائيل، فإن الصراع الحالي قد يُستغل لفرض واقع جغرافي وسياسي جديد في الشرق الأوسط.
منذ الحروب الأولى مع إسرائيل، كانت النتيجة دائماً توسعاً إسرائيلياً على حساب الأراضي العربية. واليوم، في ظل الحروب الجديدة ضد الفصائل المدعومة من إيران، يبدو أن السيناريو لم يتغير كثيراً. لكن الفارق أن الحدود هذه المرة غير واضحة، والأطماع قد تتجاوز السيطرة على الأرض إلى فرض هيمنة أمنية وعسكرية في جميع أنحاء المنطقة. فإلى أين ستصل إسرائيل؟ وهل ستقف عند حدود معينة أم أن حربها على الفصائل ستفتح الباب أمام مزيد من التوسع؟