ريم خليفة
أثار الفيلم الهندي ” بادمافاتي” ضجة كبيرة في الهند عند بدء عرضه
في دور السينما الهندية والعالمية بما في ذلك دول الخليج وغيرها . في الوقت الذي قامت بسببه احتجاجات وأعمال شغب وتهديدات في أرجاء الهند من قبل الهندوس.
متنجو الفيلم أشاروا انهم لم يكونوا ينوون الإساءة إلى أحد ، ولكن فريق العمل لم يوفق لأنه رفع كفة جماعة دون الأخرى بعيدا عن التعددية والتسامح الديني والعرقي الذي تتميز به الهند على غيرها في عالم مملوء بالصراعات والأحقاد.
الفيلم يحكي قصة رومانسية بطلتها ملكة هندوسية يطاردها حاكم مسلم متوحش وتقوم هذه الملكة في نهاية الفيلم بحرق نفسها على أن ينال جسدها ذلك المسلم المتوحش والغادر وغير الملتزم بأدنى مستوى من المبادئ والقيم.
الهندوس الذين احتجوا على الفيلم يقولون انه لا يظهر الملكة الهندوسية بمستوى أكثر قداسة. الفيلم يغذي مشاعر الكراهية ضد المسلمين إذ يظهر الحاكم المسلم كعابث و أحد الرجال وأنه لا يلتزم بشرف الكلمة ويغدر ويفتك ويحكم عبر البطش والقتل وانتهاك المواثيق. بينما يقابله حاكم هندوسي شريف، أمين ، خلوق، نزيه ، لا يغدر حتى بعدوه
ويضحي من أجل شعبه وعرضه ومملكته.
يأتي هذا الفيلم في سياق أوسع مع بروز موجة من القومية الهندوسية التي تتقارب يوما بعد يوم مع إسرائيل على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية بحيث أصبح هناك محور هندي -إسرائيلي يتعاظم في منطقة الشرق الأوسط.
وتشهد الهند تحولا كبيرا في السياسية الخارجية بقيادة حزب بهاراتيا جاناتا الذي طبع علاقاته مع إسرائيل وتبادل زيارات مشتركة ومشاريع استراتيجية بين الجانبين. واليوم أصبحت الهند أقل حميمية اتجاه القضايا العربية.
هذا في الوقت الذي يتواجد مجتمعا هنديا في دول الخليج يبلغ عدده نحو 8 ملايين نسمة يشكلون القوى العاملة والطبقة المتوسطة والثرية التي تمتلك نفوذا واسعا ومفصليا في دول الخليج.
ان التواجد الكبير للهنود في الخليج له أسباب موضوعية من بينها ثقافة التسامح في المجتمع الهندي وهي ثقافة لا تتناسب مع الاتجاهات الشوفينية الهندوسية التي بدأت تنمو مؤخرا بقيادة الحزب الحاكم وانتشرت في أفلام بوليوود.
هذا الفيلم نذير شئوم لأنه يناقض القيم والمبادئ التي نشرها المهاتما غاندي. وهي تمثل خيبة أمل في حكمة الهنود الذين قد يضحوا بتراثهم الجميل من أجل حسابات سياسية ضيقة.