هناك أكثر من معضلة عالقة في المنطقة، إسرائيل طرف في كل واحدة منها، بعضها قد يمكن حله بالتفاوض بعد أن نفد الحل العسكري، وهي غزة، وثانية كثر الحديث عنها وهي الأراضي السورية المحتلة قديماً وحديثاً، وثالثة قديمة تتجدد كل فترة وهي الأراضي اللبنانية المحتلة، والسلاح غير الشرعي الموجود على الأراضي اللبنانية، ورابعة يبدو أنها شائكة قد يكون حلها عسكرياً، يدفع بالوصول إلى حل يوافق عليه الطرفان وهي إيران، وخامسة هي المعضلة الحقيقية ورأس النزاع وأسه وتلك تتجلَّى في قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة عاصمتها القدس الشريف.
غزة كما يعلم ويرى ويسمع الجميع تتعرَّض لإبادة جماعية، ولم يبقَ فيها غير أطلال وأشباح، أسقط عليها آلاف الأطنان من كل أنواع القنابل، بكل الوسائل العسكرية من الطائرات، والمدافع، والبواخر، والدبابات، وحاملات الجند، والمشاة، وغيرها كثير، ولا يخلو يوم من وابل من تلك القنابل تقع على أجساد المدنيين وغير المدنيين، وتهدم البيوت على من بها، وتحرق الخيام بمن فيها، ولا أحد يستطيع أن يوقف ذلك الظلم الظاهر أمام مرأى البشر جميعاً، وآخر ما وصلت إليه الوسائل المستخدمة في الإبادة، استخدام الغذاء كسلاح، وقتل طالبي المساعدة الذين يتزاحمون على قليل من الدقيق يغطي قليلاً من حاجتهم اليومية، لكن بعضاً منهم قد يتعرضون لبعض من زخات تلك القنابل الماسحة لتلك الأجساد البريئة المعوزة، وعلينا أن نعلم أن هذه الحرب قد أبادت أكثر من 4% من عدد سكان القطاع البالغ أكثر من مليوني نسمة، كما تقول الإحصاءات الرسمية، لكن الواقع قد يكون أكبر من ذلك بكثير.
احتلال هضبة الجولان السورية كان نتيجة حرب عام سبعة وستين والخسارة المدوّية لحرب كانت الشعارات فيها هي مع كل أسف السلاح البارز، ولم تكن الساحة السياسية مهيأة لعمل شيء ما، وأما ما تم احتلاله في الفترة الأخيرة من الأراضي السورية، فقد كان استغلالاً سيئاً غير قانوني لأرض دولة أخرى بالقوة دون رادع، طالما أن القوى العالمية الفاعلة قد تركت يد إسرائيل تمتد لما تريد، وأن الحكومة السورية الفتية ما زلت تلملم أوراق الماضي لعلها تكون قادرة على وضع سوريا في الاتجاه الصحيح.
الأراضي اللبنانية المحتلة، قد يكون لها حل لاعتبارات كثيرة، ومنها انقراض حزب الله أو وصوله إلى حافة الانقراض، وأيضاً حرص الدول الفاعلة وسعيها للوصول إلى حل لهذه المعضلة القابلة للحل لتوفر الإرادة الدولية، أما موضوع إيران وهو مرتبط بلبنان فحلُّه قد يكون ممكناً، لكن بالسير في طريق شائك، قد يسبب الخطأ في معرفة السير جيداً إلى كارثة غير محمودة العواقب.
المعضلة الخامسة الكبرى والأساسية والصعبة هي قيام دولة فلسطينية، بسبب بسيط أن الحاكمين في إسرائيل لا يؤمنون بالقضية الفلسطينية، ولا يهتمون بالقرارات الدولية، ولا يرونها مرجعاً لهم، واضعين نصب أعينهم أن الحل الوحيد هو فرض ما يريدون بالقوة، ويبقى موقف المملكة شامخاً وحائلاً دون تحقيق حلم حكومة إسرائيل، فقد كانت وما زالت واضحة في موقفها، وهي الدولة الداعية للسلام وأمن المنطقة وإعطاء الفلسطينيين حقهم المشروع، والعالم العربي والعالمي يدركان حجم المملكة وثقلها، ومواقفها المتوازنة المبنية على القانون الدولي لتحقيق العدل لتنعم المنطقة بالتنمية والازدهار.