مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
يبدو أن الجماعة في صنعاء يريدون التفوّق على حاتم الطائي والسموأل بن عادياء وهانئ بن مسعود الشيباني، جملة واحدة!
الحوثي، ممثلاً بمحمد البخيتي تارة، وبمَن يهيمن على جامعة صنعاء منهم، تارة أخرى، عرَض «إجارة» الحوثي للطلبة الأميركيين وغير الأميركيين، المتمردين المغضوب عليهم من السلطات الأميركية، في جامعة صنعاء. لم يقف الكرم «الحاتمي الحوثي» عند هذا الحدّ، فعرض القيادي الحوثي الفصيح محمد البخيتي استضافة قادة «حماس» في صنعاء أو صعدة -موش مهم- حين تتقطّع السُّبلُ بمشعل وهنيّة وأبي مرزوق والرشق والبقيّة. تجاوز الحوثي كرم حاتم طيء ووفاء سموأل تيماء وشهامة الشيباني، الذي حمى أمانة النعمان وأسرته من كسرى الفرس وجيوشه.
مع تعديلات طفيفة في التاريخ، فالحوثي هذه المرّة اختلف عن الشيخ العربي الشيباني في أنَّه يعمل تحت مظلة إيران.
تفصيلة لا تحفل بها، أيها الكريم، نركّز على جواهر الأمور:
هل تعاني «حماس» اليوم من أزمة مقرّ؟! وهل بمقدور الحوثي تعليم ودعم طلاب جامعات هارفارد وكولومبيا وبرنستون مثلاً؟!
في الأولى، يقول موسى أبو مرزوق مثلاً، إن «حماس» لا تعاني من مشكلة في قطر، ولو عانت فخيارها الأول سيكون في الأردن لا غير… هكذا قال، واختلف معه قادة حمساويون آخرون، مثل غازي حمد.
مسؤول مطّلع كشف لوكالة «رويترز» عن أنَّ الدوحة تدرس ما إذا كانت ستسمح لـ«حماس» بمواصلة تشغيل مكتبها السياسي، مضيفاً أنَّ المراجعة الأوسع تشمل النظر فيما إذا كانت قطر ستواصل التوسط في الصراع بين «حماس» وإسرائيل.
هناك أنباء أخرى تحدثت عن إمكانية انتقال مكتب الحركة إلى أنقرة أيضاً، إلا أنَّ مصادر «حماس» عادت ونفت الأمر جملة وتفصيلاً، مؤكدة ألا ضغوط عليها من قطر للمغادرة.
هكذا يُقال، والله أعلم بحقيقة الأمر، لكن في كل الأحوال، لم يطرح قادة «حماس»، ولا حتى مَن يسعى للبحث لها عن مقرّ، أكان الباحث هذا قطرياً أم تركياً أم مصرياً أم أردنياً أم أميركياً، كلّ هؤلاء لم يطرحوا اليمن – بنسخته الحوثية – بديلاً، لعلم السيد محمد البخيتي فقط، ولعلّه يلقي باللائمة على هؤلاء للتقليل من قدرات الحوثي العظيمة، صاحب أعظم قوة بحرية على وجه الكوكب، تحدّت كل الأساطيل، رغم أنف المساطيل…
البخيتي قال في عرضه المنشور بحسابه على منصة «إكس» إن الجماعة الحوثية «أنصار الله» لا خوف لديهم من استضافة الحمساوية «حتى لو أطبقت السماء على الأرض»، كما قال، والواقع أنَّه بالفعل السماء مطبقة على الأرض باليمن الحوثي، دون الحاجة لاستضافة «حماس»!
لكن دعونا نُبصر الضوءَ اللامع في هذه الإشراقات الحوثية، فلو جاء طلاب هارفارد وبرنستون، وحتى جامعات فرنسا (لم يذكرها الحوثي) لليمن، فيعني ذلك انتعاش التعليم والبحث والتطوير في اليمن، ومَن يدري ربَّما بعد حين، يكون هؤلاء الطلاب الثوريون، نواةَ التظاهر والتمرد على السلطة الحوثية الأصولية الغيبية، نتذكر أنَّ الطلاب فيهم ملاحدة وأنصار لحركات الاستقلال الجنسي والنسويات الراديكالية، ومعهم أيضاً أنصار الحركات السوداء، وأنصار الثورة للأبد وهدم كل نظام، أي نظام، حتى لو كان نظام «قرين القرآن» و«علم الهدى».