الحياة الصحية تبدأ بأن تأكل مع مَن تحب!

1

تؤثر حالتك الذهنية والنفسية على كيفية استقبال جسمك للطعام. ومع التغذية الحدسية، تتمرس في التعامل مع مشاعر تتلاءم مع الأكل.
أن تحيط نفسك بأشخاص تحبّهم هو أمر بديهي، ومبتغى كل منّا. لكن ماذا لو كان تناولك الطعام مع هؤلاء الأشخاص، يمنع ارتفاع نسبة الكوليسترول، حتى لو احتوت المآكل نسبة عالية من الدهون؟ الأمر غريب فعلاً، لكنّه يحتمل تفسيراً بالطبع. إذ تؤثر حالتك الذهنية والنفسية على كيفية استقبال جسمك للطعام.

ففي دراسة شهيرة أجرتها جامعة “أوهايو”، بعنوان “البيئة الاجتماعية بوصفها عنصراً في تصلب الشرايين المتأتي من النظام الغذائي” (Social environment as a factor in diet-induced atherosclerosis)، أقدم الباحثون على إطعام أرانب مأكولات تحتوي نسبة عالية من الكوليسترول. ونالت مجموعة من تلك الحيوانات رعاية خاصة شملت اللعب والاحتضان والكلام والتربيت عليها، فيما لم تنل مجموعة أخرى تلك الرعاية المحمّلة بالعواطف. واكتشفوا أن المجموعة الأولى لم تعانِ من ارتفاع الكوليسترول لديها، فيما عانت المجموعة الاخرى من ذلك التأثير المضر.

تناول الطعام مع أشخاص تحبّهم، لهذه الأسباب! 
رولا غدار – إختصاصية تغذية حدسية

بصورة جزئية، يرتبط الطعام مع الأكل الحدسي  Intuitive eating، وهو نهج يهدف إلى تغيير عاداتك الغذائية، ويقوم على 10 مبادئ أساسية تنظّم طريقة تناولك للطعام من خلال العقل والتواصل والتعامل مع الجسم والمشاعر . ويعتبر الاستمتاع بين أهم هذه المبادئ. ويشمل ذلك الاستمتاع ببيئة محببة ولطيفة لتناول الطعام فيها، إضافة إلى المآكل نفسها.

بيئة تناول الطعام عامل مهم جداً في هضمه وفي العمليات الفيزيولوجية التي تنتج من بعده. فعندما تشعر أنك مرتاح وسعيد لحظة تناولك للطعام، يكون جهازك العصبي مرتاحاً غير متشنج، ولكل هذه المشاعر تأثير مباشر على كمية الأكل المتناولة، على عملية الأيض، وعلى سرعة اشتهائك الطعام بعد انتهائك من تناول الوجبة.

في هذا الإطار، أجريت دراسة شهيرة بعنوان “تأثير روزيتو” (the Roseto effect ). وجاء ذلك المصطلح من إسم قرية “روزيتو فالفورتوري”   Roseto Valfortore  الإيطالية التي سجلت نسبة متدنية من الوفيات الناجمة عن أمراض القلب بالمقارنة مع القرى المجاورة. وخلال الدراسة وجد الباحثون أن أهالي هذه القرية يتناولون لحم الخنزير واللحوم العالية بالدهون المشبعة بكثرة، التي يُعرف عنها أنها تساهم في ارتفاع نسبة الكوليسترول وأمراض القلب. وتفاجأوا بالعمر الطويل الذي يصل إليه سكان القرية، إذا أُخذت في الاعتبار النسبة العالية من الدهون التي يتناولونها. وبعد دراسة جميع العوامل، توصلوا إلى أنّ عدم تأثر سكان القرية بتلك العوامل السلبية يعود إلى الروابط المجتمعية القوية والدعم الاجتماعي والعلاقات الحبية بين السكان، وتناولهم الطعام مع بعضهم دائماً كأنهم عائلة واحدة.

وبصورة عامة، يرتبط الجهاز الهضمي بشكل وثيق بالجهاز العصبي. وتؤثر مشاعرك بشكل كبير على معدتك. فمثلاً، حينما تعاني الأعصاب من التوتر، يشعر أشخاص كثيرون بأن معدتهم تشنجت، وهضم الطعام صار صعباً، وأمعاءهم تعاني الانتفاخ. ولكن، مع تسيُّد الراحة في الجهاز العصبي، تصبح عملية الهضم أفضل بكثير.

وهناك نظرية أخرى تعتبر أن 90 في المئة من هورمون السيروتونين المسؤول عن السعادة، موجود أيضاً في الأمعاء، بالتالي حينما تكون صحتك النفسية جيدة وتتناول الطعام مع أشخاص تحبهم، سيرتفع إفراز السيروتونين في الأمعاء وهضمك سيكون أفضل.

ولكن، ماذا يحدث إذا ما تناولت الطعام مع أشخاص لا تستسيغهم وشعرت بالتوتر في أثناء الأكل؟

في تلك الحالة، لن يأتِي ارتفاع الكوليسترول بعد جلسة واحدة، لكن تعرض المرء بشكل متواصل ولمدة طويلة لهذا النوع من الإجهاد، يزيد نسبة الدهون في جسمه. وقد يترافق ذلك مع زيادة في معدل الالتهاب الخفيف والمزمن بالجسم. وقد أثبتت الدراسات أنّ لهذا الالتهاب تأثيراً مباشراً على مشاكل عدّة منها ارتفاع الكوليسترول.

يرتبط التوتر بارتفاع نسبة الكوليسترول. وحينما تشعر بالتوتر، يفرز جسمك الأدرينالين والكورتيزول، وهي الهورمونات التي تنشّط قلبك وتحسّن من ذكائك وتساعدك على التعامل مع المشاكل. وإذا كان التوتر مستمراً لمدة طويلة، فتظل هورمونات التوتر لديك عند مستويات عالية، وتضع ضغطاً خطيراً على قلبك وأجزاء أخرى من جسمك.

وكذلك لا يرتبط ارتفاع نسبة الكوليسترول لديك بالطعام وحده، بل يشمل أيضاً وعيك ومستوى إدراكك وحالتك العاطفية أثناء تناول الطعام.

التعليقات معطلة.