أوضح المحلل والكاتب، حيدر الموسوي ، أسباب اصرار البعض على إجراء الانتخابات المحلية مقابل محاولة المقاطعين إقناع أكبر عدد ممكن بعدم جدوى تلك الانتخابات، وبينما أشار إلى أن المفاجأة في نتائج الانتخابات هي تراجع التصويت لرمزية شخصيات كبيرة ومهمة في المشهد السياسي لما بعد عام 2003، أكد أن الخدمات كانت لها الغلبة على “أحزاب الشهداء” نتيجة تغير الظروف.
وقال الموسوي لـ”جريدة“، إنه “طلبت من بعض الأطراف السياسية قبل اشهر بترك الاصرار على اجراء انتخابات مجالس المحافظات وتأجيل الامر لفترة اطول ريثما يتمكن السوداني وحكومته من ترميم العلاقة بين الشارع والنظام السياسي ككل واعادة الثقة، لانه من اولويات البرنامج الحكومي هو ارجاع الوضع كما كان عليه قبل حراك تشرين، وتقييم الوضع بشكل عام ودراسة الاسباب الموجبة التي وصلت اليها الأمور خاصة في جغرافية الوسط والجنوب”.
وأضاف، “وبالفعل اختلفت تلك الحكومة عن سابقاتها في محاولة تعتبر جيدة مقارنة بالآخرين في الاستجابة لتقديم الخدمات واكمال المشاريع المتلكئة وتوفير فرص العمل وإنعاش العلاقات الخارجية خاصة مع المحور العربي والغربي”.
وتابع، “غير ان اراء اصرت على اجراء تلك الانتخابات كوجهة نظر تقول بأن العودة اليها يعني الحصول على السلطات المحلية ومحاولة تقديم أشياء تشعر الجماهير بأن ثمة بارقة امل جديدة ترطب الاجواء بين القوى التقليدية والقواعد الشعبية المخاصمة لهم تمهيدا لعودتهم من اجل الاستعداد المبكر للانتخابات التشريعية القادمة في ظل تهديد وجودي منافس وهو التيار الصدري صاحب الجمهور الثابت”.
وبيّن، أن “اهم المعوقات كانت فيها هي عملية التثقيف إلى المقاطعة ومحاولة إقناع اكبر عدد ممكن بعدم جدوى تلك الانتخابات كون مجالس المحافظات هي حلقة زائدة وهذه اتفق عليها جهد كبير خاصة من قبل المحافظين الذين يخشون عودتها لانها ستقيد اوضاعهم وتحد من نفوذهم”.
وأكمل، أن “الانتخابات جرت في موعدها وكان هذا يعتبر انتصاراً لكسر ارادة الآخرين وإجرائها بانسيابية عالية، على الرغم من معرفة العزوف مسبقاً، لكن المفاجأة ان لا تكون بهذا الحجم الكبير، فضلا عن حصول حزب الحلبوسي على المركز الاول في العاصمة بغداد، رغم انها من حيث عدد المقاعد لا قيمة لهذا الفوز لكنه استثمر اعلامياً ومؤثر معنوياً بلا شك، وهذا له عدة أسباب يطول سردها هنا”.
وأوضح، لكن “اللافت هذه المرة هو حصول محافظين لثلاث محافظات البصرة وكربلاء وواسط على الاغلبية التي قد تمكنهم من تشكيل الحكومة المحلية وربما بعض منها لا يتمكن بسبب طبيعة التحالفات التي ستحدث ما بعد إعلان النتائج النهائية والمصادقة عليها، وإن هذه المفاجأة تعني تراجع التصويت لرمزية شخصيات كبيرة ومهمة جداً في المشهد السياسي لما بعد عام 2003 حينما نتحدث عن الدعوة وبدر والمجلس والحكمة في تلك الجغرافية”.
وأشار إلى أن “الاسباب هي عزوف كبير مع تصويت الفئات الاجتماعية من الاجيال الجديدة إلى المحافظين الذين سخروا كل مقدرات محافظاتهم مع الهالة الإعلامية الضخمة التي تشبه إلى حد ما قصة الحلبوسي والأنبار كدعاية انتخابية لاستقطاب اكبر عدد ممكن من الناخبين”.
وبيّن، أن “ورقة التاريخ الجهادي واحزاب الشهداء وورقة المقاومة والدماء، ممكن لها ان تكتسح كل شيء في ظروف الحرب والقتال لانه هنا ستكون ورقة الحصول على الامن هي الاهم بالنسبة للناخب وينسى شيء اسمه الخدمات”.
وتابع، “لكن في ظروف الاستقرار السياسي والأمني هنا ستكون الغلبة والعلوية لمن يقدم خدمة افضل حتى وإن كان هناك نهب لجزء من الاموال وانفاق المتبقي على الخدمات والجيوش الإلكترونية الاعلامية التي تجعل من تلك الأمور صورة نمطية تشعر القواعد الجماهيرية بانها انجازات لا مثيل لها حتى في اميركا واوروبا وبحكم وجود مجتمعات متعددة الثقافات والعقل الجمعي تتجه تلك المعادلة إلى ذلك”.
وأضاف، أن “زمن الرمزيات والعمامة والتاريخ العائلي لم يعد كافياً لاقناع الناس اطلاقا، بل التبليط والجسر والنافورة وبعض فرص العمل هنا وهناك، واستغلال المقدرات المالية والحكومية هي من تتفوق في نهاية الأمر”.
ولفت إلى أن “التحدي الحقيقي سيكون في الانتخابات النيابية بقاء الحرس القديم بهذه الادوات الكلاسيكية في التعاطي مع القواعد الشعبية او محاولة تقليد الآخرين في الشعبوية ايضاً لن يغير شيء، لان بعد عشرة سنوات من الان ستنتهي تلك الاحزاب وتحل غيرها ان بقت الامور على هذه الوتيرة وهنا سينتهي كل اثر مع زوال الحرس القديم.