الخطاب الطائفي يُعاد تفعيله من جديد من المستفيد؟

7

 

 

 

في كل مرحلة حرجة يمر بها العراق، تعود نغمة الخطاب الطائفي لتتصدر المشهد، وكأنها الوسيلة الأكثر ضمانًا لإطالة عمر القوى السياسية التي أثبتت فشلها على مدى أكثر من عقدين. لا يختلف الوضع اليوم عن السابق، حيث تتزايد التصريحات التي تضع مكونات المجتمع العراقي في مواجهة بعضها البعض، في محاولة يائسة لصرف الأنظار عن الأزمات الحقيقية التي يعاني منها المواطن.
لماذا يعود الخطاب الطائفي؟
الخطاب الطائفي لم يختفِ يومًا، لكنه يتخذ أشكالًا متفاوتة حسب الظروف السياسية. واليوم، مع اقتراب استحقاقات انتخابية جديدة، ووسط تصاعد الغضب الشعبي من الفساد المستشري وسوء إدارة الدولة، يعمد بعض الساسة إلى إعادة إحياء هذا الخطاب، لإعادة اصطفاف الشارع خلفهم بناءً على الانتماءات الطائفية بدلًا من البرامج السياسية والإنجازات الفعلية.
هناك أسباب رئيسية وراء هذه العودة المكثفة:
فشل الحكومات المتعاقبة في تحقيق أي نهضة اقتصادية أو خدمية، ما يدفع السياسيين إلى خلق أعداء وهميين لإشغال الناس عن محاسبتهم.
البيئة القانونية الضعيفة التي تسمح بنشر الكراهية دون أي رادع حقيقي، رغم الحديث عن محاسبة مثيري الفتنة.
غياب الوعي المجتمعي الكافي الذي يجعل بعض الشرائح تنجرف وراء هذه الخطابات، إما بدافع الخوف أو الانتماء غير الواعي.
النفط الشيعي والماء السني.. تقسيم جديد؟
من أخطر ما يطفو على السطح اليوم هو التصريحات التي تلمّح إلى تقسيم الثروات على أسس طائفية، وكأننا أمام تمهيد لفكرة الانفصال تحت غطاء “حقوق المكونات”. فبينما يروج البعض لفكرة أن “النفط شيعي”، يرد آخرون بأن “الماء سني”، في معادلة خطيرة لا هدف لها سوى إثارة الشارع وإعادة إنتاج صراعات الماضي.
لكن من يتحدثون بهذه اللغة ينسون أن النفط والمياه ليست ملكًا لطائفة دون أخرى، بل هي ثروات وطنية يجب أن تكون في خدمة جميع العراقيين، بعيدًا عن المحاصصة التي لم تجلب سوى الخراب والتخلف.
ما الحل؟
إن محاربة الخطاب الطائفي لا تكون فقط عبر الإدانات الإعلامية، بل تحتاج إلى خطوات عملية وجذرية، أهمها:
محاسبة أي شخصية سياسية تستخدم الطائفية كأداة تحريضية، بغض النظر عن انتمائها.
تعزيز الخطاب الوطني في الإعلام والمنابر الدينية والتعليمية، بحيث يكون العراق هو الهوية الأولى قبل أي انتماء آخر.
إنهاء النظام السياسي القائم على المحاصصة، واستبداله بنظام يعتمد على الكفاءة والمواطنة.
إعادة تفعيل الخطاب الطائفي ليست صدفة، بل هي خطة مدروسة من قبل قوى لا تستطيع البقاء إلا في بيئة من الانقسام والاحتراب الداخلي. لكن العراقيين اليوم باتوا أكثر وعيًا بهذه اللعبة، ويدركون أن الطائفية لم ولن تجلب لهم سوى المزيد من الأزمات. التحدي الحقيقي هو: هل سيستطيع العراقيون تجاوز هذه الفخاخ، والمطالبة بوطن يتسع للجميع؟ أم أن الطائفيين سينجحون مجددًا في إعادة العراق إلى دوامة الصراعات؟

التعليقات معطلة.