ان القراءة التحليلية للإصلاح الاقتصادي الصيني منذ عام 1977 القائم على الانفتاح نحو العالم الخارجي ، والذي إطاره العام (نظام اقتصاد السوق الاشتراكي) ، الذي أحدث تطورًا هائلًا في الحياة الصينية بخاصة في الاقتصاد والتنمية والتحديث والتكنولوجيا ، والذي أساسه الشركات المتعددة الجنسية بخاصة الامريكية ، وما حصل من تشابك بين الاقتصادين الامريكي والصيني ، وفي ظل جائحة كورنا وتداعياتها الاقتصادية والبشرية ، يجعل ذلك من الصعوبة بمكان إستخدام العملة الصينية (يوان) كأحد خيارات الاستراتيجية الصينية في تهديد الاقتصاد الامريكي ( الدولار) وذلك يستند الى مجموعة من الحقائق والأسباب أبرزها الآتي :
1- ان الذي يصدر عملة الدولار الامريكي ليس الخزانة الامريكية أي ليس جهة حكومية وإنما البنك المركزي الامريكي الذي ملكيته خاصة ، بخاصة الشركات متعددة الجنسية أو العابرة للقارات ، بمعنى ان هذه الشركات هي الداعمة لعملة الدولار ، والتي لها استثمارات هائلة في الاقتصاد الصيني وكان وما زال لها دور كبير في تطوير وتحديث هذا الاقتصاد ..
2- ان الدولار الامريكي يمثل احتياطي عملة قابلة للتحويل في العديد من دول العالم المتقــــدم والنامي ،. دولا رأسمالية او اشتراكية ، وهذا يعني ان هذه الدول ليـــــــس من السهولة بمكان ان تتخلى عن هذا الدولار وإنما حاجتها تقتضي ان تدافع عن احتياطياتها النقدية الدولارية . وبخاصة الدول الغربية التي تتشابك اقتصاداتها مع الاقتصاد الامريكي .
3- إن الدولار الامريكي يمثل العملة الرئيسية في تسعير السلع الاستراتيجية في السوق العالمية بخاصة سلعة النفط ، بمعنى ان الدول المنتجة للنفط من الصعوبة بمكان ان تستغني عن هذه العملة التي تمثل ضمانة لها في تسوية معاملاتها الاقتصادية والنفطية في العالم.
4- ان الصين تمتلك كتلة نقدية كبيرة من أذونات الخزانة الامريكية اي بالدولار الامريكي ، وهذا يشكل قيدًا على البنك المركزي الصيني وخسارة مالية ان تخلت عنها واستبدلتها بعملتها (يوان). فضلا عن ذلك فإن العديد من دول العالم هي الاخرى تحوي بنوكها المركزية على تلك الأذونات ، مما يجعل استقرارها الاقتصادي اقرب للدولار الامريكي من عملة اخرى ومنها العملة الصينية .
5- ان العملة الصينية التي تستند الى اقتصاد قوي يعد ثاني قدرة اقتصادية في العالم ، ولكن ناتجها القومي لم يتجاوز شبيهه الامريكي المدعوم من الدول الغربية ومعظم الدول النامية السائرة في طريق اقتصاد السوق .. ولهذا يصعب تحويل العملة الصينية الى عملة قيادية دولية في المرحلة الحالية ..
6- ان السوق الامريكي يمثل السوق الأكبر لاستيراد السلع والخدمات الصينية ، كما ان التبادل التجاري الدولي يستند بشكل أساسي لعملة الدولار ، وهذا يعني صعوبة احلال عملة اخرى في هذا التبادل التجاري ، لان كفتي الصراع الاقتصادي ستكون لصالح امريكا ..
7- بالرغم من ان التقدم والتحديث التكنولوجي الصيني ينمو بمعدلات اعلى مما هو عليه في الولايات المتحدة ودول أوروبا لكن لا زالت امريكا تسبقها تكنولوجيا .. وعلى أساس ماتقدم يصعب استخدام ال(يوان) في عمليات الصراع الاقتصادي وغير الاقتصادي بين الصين وأمريكا وفي ظل جائحة كورونا و عدم استقرار أسعار النفط نحو الانهيار ..

