مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024، يظهر دونالد ترامب مرة أخرى كلاعب محوري على الساحة السياسية، رغم كل ما واجهه من انتقادات وتحقيقات قضائية. في المقابل، الديمقراطيون يشعرون بتزايد القلق بشأن مستقبلهم السياسي، حيث يبدو أن الزخم الذي كان يصب في مصلحتهم بدأ يتلاشى تدريجيًا، وسط تحركات ترامب الدؤوبة لاستعادة السيطرة على البيت الأبيض.
منذ أن غادر ترامب منصبه في يناير 2021، سعى الديمقراطيون إلى تثبيت إنجازاتهم التشريعية في ظل إدارة الرئيس جو بايدن، والترويج لرؤية أكثر شمولية واعتدالًا. لكن يبدو أن هذه الإنجازات لم تكن كافية لطمأنة القاعدة الانتخابية في ظل التحديات الاقتصادية المتفاقمة، مثل التضخم والركود المحتمل، بالإضافة إلى الانقسامات الداخلية داخل الحزب.
على الرغم من أن ترامب واجه العديد من العقبات القانونية، من بينها التحقيقات في قضية اقتحام الكونغرس في 6 يناير، وملاحقته بتهم فساد مالي، إلا أن قاعدته الشعبية لا تزال متينة. بل إن هذه التحديات القانونية عززت من شعبيته لدى أنصاره الذين يرون في ذلك جزءًا من “حملة مضايقات” تشنها النخبة السياسية ضده. هذه الموجة من التأييد تزيد الضغط على الديمقراطيين، الذين باتوا يشعرون بخطر خسارة السلطة لصالح الجمهوريين.
في المقابل، تواجه إدارة بايدن تحديات كبرى في استعادة ثقة الطبقة العاملة الأمريكية، التي تشكل إحدى الكتل الانتخابية الهامة والتي انجذبت إلى ترامب في انتخابات 2016 و2020. ومع تزايد انعدام الثقة في واشنطن والسياسات التقليدية، أصبح من الصعب على الديمقراطيين تقديم بديل جذاب وقوي بما يكفي ليتجاوز جاذبية ترامب الشعبوية.
كما أن الخلافات داخل الحزب الديمقراطي بين الجناح التقدمي والجناح المعتدل تعيق تقديم جبهة موحدة، وهو ما يستغله ترامب والجمهوريون لتعزيز فرصهم في الانتخابات القادمة. هذه الانقسامات تجعل من الصعب على بايدن أو أي مرشح ديمقراطي آخر توحيد القاعدة الانتخابية الحزبية وتعبئتها.
مع اقتراب الانتخابات، يدرك الديمقراطيون أن إعادة انتخاب ترامب لن تعني فقط عودة سياساته المثيرة للجدل، بل قد تؤدي إلى تغييرات جذرية في النظام السياسي الأمريكي نفسه. ترامب يسعى لتقويض العديد من المؤسسات التي يعتبرها خصومه حاسمة للديمقراطية الأمريكية، وهو أمر يثير قلق الديمقراطيين الذين يرون في ولايته الثانية تهديدًا وجوديًا لمستقبل الحزب.
بينما يتأهب ترامب لجولة جديدة من المعركة الانتخابية، تبدو الديمقراطية الأمريكية على مفترق طرق. ويبدو أن الديمقراطيين، رغم أنهم ما زالوا يحتفظون بالبيت الأبيض وبعض النفوذ في الكونغرس، يواجهون معركة شرسة قد تحدد مستقبلهم السياسي لسنوات طويلة قادمة.
إذا لم يتمكن الديمقراطيون من تقديم رسالة قوية وجذابة للناخبين، فإنهم قد يجدون أنفسهم عاجزين أمام موجة “ترامبية” جديدة تعيد صياغة المشهد السياسي الأمريكي بشكل دائم، وهو ما يجعل فرائصهم تهتز حقًا خوفًا على مستقبلهم.