” الدين والدولة “

1

د. جميل عبد الله
نبتدء سواء في أسس فلسفة الحق أو في فلسفة التأريخ أفكار حول علاقة الدين والدولة بالأدعاء القائل ” قد يكون الدين قاعدة للدولة ” ولكنه في الوقت نفسه يبين أنه يرى هذه العلاقة تفتقر الى الحكمة ووضوح الدلالة , على الرغم من أنها كثيرآ ماكررت في عصور حديثة . جوهريأ توجد حجتان يأتي بهما أكثر الفلاسفة والمؤرخين والمفكرين ضد تأسيس الدولة على الدين , واحدة تميل الى الشكلية ,والأخرى تميل الى المضمون التاريخي . فلو يعد الدين قاعدة للدولة , فأن هذا قد يمكن أن يثير الأنطباع الخاطئ , كما يتصور البعض ” أنه قد يفنى بذلك علم الدولة ” لا يوجد تصور مقبول لمنظر الدولة ” العقلانية ” قد يرفض جميع المحاولات لفهم الدولة بوصفها نظام معقد من المؤسسات لصالح نموذج توضيحي ” بسيط ” أن التجارب الغزيرة حول دور الأسرة والمجتمع المدني في الدولة وتشديده على فصل السلطات من ناحية النظام والقانون وأهمية الطبقات , هذا كله قد يصبح عديم الأهمية اذا حل بالذات المعتقد الديني محل الدولة بشكل مطلق . يذكر بأستمرار أن الدين يلجأ اليه خاصة في أزمات الضنك العام , والخراب والاضطهاد . والطرح الهيجلي يبدو كمقدمة لانتقاد ماركس للدين على أعتباره ” زفرة المضطهد ” عندما تترتب بديهيآ نتائج مختلفة كليآ عن الفهم أنه قد يكون من السخرية ” أن ينصح الفرد المستعبد من قبل دكتاتور ” بالمؤاساة في الدين ” , فبينما يستنتج ماركس من ذلك رفعآ عامآ ” للسعادة الوهمية ” للدين , ينهم هيجل أشارته الى مثل هذا الاستخدام السيء للدين ” سواء نقدآ لدين خاص , الذي يبيح لوظيفته المسئولة عن بناء الوعي بمثل هذا النوع من الاستغلال .وبذلك يخرج كما يقول هيجل عن ادعائه الذاتي يذكر هيجل في فلسفة التاريخ حجة أخرى ضد أتخاذ الدين قاعدة للدولة أو الافضل ضد أي تفسير خاطئ حسب مايراه وذلك لأنه تفسير تبسيطي لهذا الفكر . فلو فرضا جدلآ أن الدولة قد تتخذ من الدين قاعده وأن الافراد بوصفهم يخشون الله وهم الاكثر أستجابة لتنفيذ واجبهم عن طيب خاطر لأن الاذعان الى الامير والقانون هو مرتبط ببساطة ” بمخافة الله ” , لتوجب الاجابة على ذلك بلغت النظر الى أن الدين قد يمكن أن يصبح عنصريآ ويكون بذلك مدمرآ للدولة . ولكن طبقآ لما أرى فانه لا يتوجب فقط قراءة الجزء الثاني من هذه الحجة بوصفه نقدآ , بل أيضآ الجزء الأول . فلا يمكن لهيجل قبول فكرة ” مخافة الله ” بوصفها وسيلة نقل للالتزام بالقانون بناءآ على الافكار المنظمة والمذكور حول علاقة الدين والدولة , لأنه سيهمل القيمة الباطنية للدين بوصفه شكلا للروح المطلق .

التعليقات معطلة.