الديوانية “المنكوبة”.. فقر وخدمات متدهورة رغم الغنى الزراعي والعراقة التاريخية

5

شفق نيوز- الديوانية
تعاني محافظة الديوانية وسط العراق، من تحديات عديدة أبرزها النقص في البنى التحتية الأساسية مثل الطرق والكهرباء والماء، وكذلك في المستشفيات والمدارس وتلكؤ في إنجاز المشاريع وارتفاع البطالة، ما أثر على واقعها الصحي والتربوي وفرص العمل وحياة السكان عموماً.
وتضم محافظة الديوانية 13 قضاءً و3 نواحٍ، أما الأقضية فهي الديوانية، الشافعية، السنية، الدغارة، سومر، الشامية، غمّاس، المهناوية، عفك، آل بدير، الحمزة الشرقي، الشنافية، والسدير، والنواحي هي الصلاحية، نفر، والبسامية.
وأكبر الأقضية في المحافظة من حيث الكثافة السكانية هو الديوانية مركز المحافظة، أولاً، ثم الحمزة الشرقي ثانياً، وغمّاس ثالثاً.
وتقدّر كثافة سكان محافظة الديوانية بنحو مليون ونصف المليون نسمة، وفقاً لإحصاء عام 2014، أما نتائج التعداد السكاني الأخير الذي أجري عام 2024 فلم يعلن عن سكان كل محافظة، وإنما كان الإعلان لكل العراق، وكذلك في نسب الأمية والبطالة.
وتعد الديوانية ثالث أفقر محافظة بعد المثنى (في المركز الأول) وبابل (في المركز الثاني) بنسبة فقر تصل إلى 29%، بحسب نتائج المسح الاجتماعي والاقتصادي للأسرة في العراق التي تم إعلانها في شباط/ فبراير 2025.
وتعود أغلب التحديات في محافظة الديوانية إلى التأخر المستمر في إنشاء المشاريع التنموية والبنية التحتية والرعاية الصحية والتعليم بسبب النقص في التمويل وتلكؤ الشركات المنفذة للمشاريع.
ونتيجة لذلك، يخرج أهالي محافظة الديوانية بين فترة وأخرى بتظاهرات للمطالبة بتحسين الواقع الخدمي المتردي، فيما يصف مراقبون المحافظة بـ”المنكوبة” نتيجة الفشل في تقديم الخدمات وعدم استغلال الأموال التي تُصرف للمحافظة بطريقة صحيحة.
ويقول المواطن أبو عباس من قرية الحفار التابعة لقضاء السنية بمحافظة الديوانية، إن الخدمات متردية سواء في المركز أو النواحي أو القرى، رغم المطالبات المتكررة بتوفير الخدمات وخاصة مياه الشرب.
ويضيف المتحدث لوكالة شفق نيوز، أن محافظة الديوانية تعاني من نقص الخدمات الضرورية جراء “الإهمال الحكومي الذي يطلق الوعود بالخدمات والمشاريع دون تنفيذ فعلي على أرض الواقع”.
وإلى جانب الخدمات، يشير إلى أن القطاع الزراعي في تدهور مستمر بسبب تراجع مستوى مياه نهر الحفار بالمحافظة محولاً الأراضي الزراعية إلى مناطق جرداء، ما اضطر السكان وخاصة المزارعين إلى ترك بساتينهم والهجرة إلى مناطق أخرى للعيش فيها.
وتعتبر الديوانية من المحافظات الزراعية نظراً لوفرة الأراضي الخصبة، وتصل نسبة المزارعين فيها إلى 60% من السكان، إذ تمتاز بكونها منطقة جغرافية مهمة على نهر الفرات، وتضم مناطق زراعية كبيرة وبحيرات للأسماك وبساتين للنخيل، إضافة إلى الأهوار وخصائص فريدة أخرى.
لكن تسبب الجفاف وتراجع نشاط الزراعة، إلى تكبد المزارعين خسائر كبيرة ما اضطرهم إلى النزوح نتيجة ضعف عوامل الاقتصاد فيها.
ويرجع الناشط من محافظة الديوانية، ضياء المهجة، الواقع المتدهور لـ”جميع القطاعات في محافظة الديوانية إلى الضعف الإداري والتجاذبات والمحاصصة السياسية والصراع على المناصب الحكومية في داخل المحافظة”.
ويؤكد المهجة خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، على ضرورة “تشديد الرقابة من قبل الجهات المعنية سواء من داخل الديوانية أو من الحكومة المركزية في بغداد، وإحالة المشاريع إلى شركات كفوءة للنهوض بالواقع الخدمي في المحافظة”.
ومن بين أبرز المشاريع المتعثرة في الديوانية هو مشروع مجاري الديوانية الكبير المتلكأ منذ عام 2011، فضلاً عن تأخر الشركة الإسبانية التي تم إحالة 42 حيّاً إليها، وتباطؤ إنشاء مشاريع المدارس والمستشفيات.
وأدت مشاريع البنى التحتية المتعثرة، لا سيما مشروع مجاري غمّاس الكبير، إلى تعطيل تنفيذ مشاريع تأهيل وتبليط الشوارع، في وقت تعاني فيه المحافظة من ضعف في القطاعات الصحية والزراعية والسياحية.
إذ يوجد في الديوانية 5 مستشفيات حكومية و3 مستشفيات أهلية، ومراكز صحية موزعة على أقضيتها، لكن الاعتماد الرئيسي هو على مستشفى الديوانية التعليمي الواقع في مركز المدينة، لعدم توفر الإمكانيات والمستلزمات عند باقي المستشفيات والمراكز الصحية، بحسب مصادر محلية.
وتؤكد المصادر لوكالة شفق نيوز أن 11 قضاء في المحافظة من أصل 13 يفتقر إلى مستشفيات، فيما يحتاج قضاء المركز (قضاء الديوانية) وحده إلى 3 مستشفيات إضافية بسبب الكثافة السكانية التي تجاوزت 500 ألف نسمة، جراء الهجرة من الريف إلى المدينة نتيجة التصحر وتراجع الزراعة، مما فاقم الضغط على القطاع الصحي.
ومن الصحة إلى التعليم، تحتاج الديوانية إلى العديد من المدارس خاصة فيما يتعلق بالمناطق الريفية والمناطق المزدحمة في المدينة سواء بالتعليم الابتدائي أو الثانوي.
ومما يلاحظ أن المحافظة تخلو من المراكز الترفيهية بعدما تحوّلت “مدينة السعادة الترفيهية” إلى مكب للنفايات ومرتعاً للحيوانات السائبة.
وتتميز محافظة الديوانية بآثارٍ تعود إلى ستة آلاف عام من أبرزها “مملكة نيبور” في قضاء عفك، ومدينة “مرد” في ناحية السنية وغيرها من المدن التاريخية، إضافة إلى هور “الدلمج” الذي يملك مقومات سياحية.
ومع أن هذه المناطق توفر أرضاً خصبة لجذب السياح لتكون رافداً اقتصادياً للمحافظة وللبلاد عموماً، لكن لا يوجد اهتمام بها، لذلك يلجأ السكان إلى محافظة بابل المجاورة لزيارة المناطق الأثرية فيها لغرض الترفيه.
ويتفق مسؤول محلي في الديوانية مع ما طرحه ضياء المهجة بأن “الانقسام السياسي داخل مجلس المحافظة يؤثر في الأداء العام، في وقت يتم إحالة الكثير من الأعمال إلى شركات أما تفتقر إلى المتابعة أو يكون اختيارها وفق العمولات (الكومشنات) وليس على الأداء الأفضل”.
ويشير المسؤول الذي رفض الكشف عن اسمه خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن “محافظة الديوانية كان يُقال عنها سابقاً إنها مظلومة في الموازنات، لكن رغم إطلاق مئات المليارات إلى المحافظة نهاية عام 2019 لم يطرأ أي تحسن على وضع المحافظة”.
ويعزو المتحدث ذلك إلى “سوء الإدارة المستمر في تنفيذ المشاريع سواء الإدارة المحلية المتمثلة بالمحافظ ومجلس المحافظة، أو الحكومة الاتحادية”.
وفي ظل هذا الواقع، يقول المتحدث باسم وزارة التخطيط العراقية، عبد الزهرة الهنداوي، إن “محافظة الديوانية تعد من المحافظات الأكثر فقراً، وفي الوقت نفسه تواجه تحديات في تنفيذ المشاريع، لذلك لدى الوزارة توجهاً للنهوض بالواقع التنموي فيها، وكذلك في المحافظات الأخرى التي تواجه نفس التحديات التنموية”.
ويوضح الهنداوي لوكالة شفق نيوز، أن وزارة التخطيط أخذت بنظر الاعتبار الفجوات التنموية في المحافظة وفي المجالات كافة سواء في الخدمات أو البنى التحتية أو الزراعة، “وسيتم إطلاق إستراتيجية تخفيف الفقر في العراق للسنوات الخمس المقبلة، والتي ستتضمن مساحة لدعم المحافظات الأكثر فقراً”.
ويشير المتحدث إلى أن “تلك الإستراتيجية سبقها صندوق دعم المناطق الأكثر فقراً الذي يُعنى بتوجيه المشاريع ذات الصلة بالخدمات أو البنى التحتية أو المشاريع التنموية الاستثمارية إلى الديوانية والمحافظات الأخرى التي تواجه نفس التحديات التنموية”.

التعليقات معطلة.