“الدّفاع الوطني” في دير الزّور تتمرّد على الميليشيا الإيرانيّة.. هل يكون مصيرها مشابهاً لفرع الحسكة؟

2

عناصر من الدفاع الوطني في دير الزور

ارتفع في الأسابيع الأخيرة منسوب التوتّر بين قوات “الدفاع الوطني” في محافظة دير الزور وميليشيا “قاطرجي” والميليشيات الإيرانية الأخرى. وقد وصل الأمر إلى مستوى متقدم هدد فيه قائد “الدفاع الوطني” بالمواجهة أو الانشقاق، في تطوّر بات يذكِّر بالأحداث التي شهدتها محافظة الحسكة في خريف العام الماضي وانتهت بتصفية عبد القادر حمو قائد “الدفاع الوطني” هناك، في عملية أمنية استمرت لأكثر من أسبوعين بعد تمرده وإعلانه العصيان على الجيش السوري الذي كان يعمل إلى جانبه طوال سنوات. وثمّة اختلاف جوهري بين حالتي “الدفاع الوطني” في الحسكة ودير الزور، وهو أن عبد القادر حمو كان يتمتع بعلاقات وطيدة مع القوات المحسوبة على الإيرانيين في المنطقة، لا سيما قيادات “حزب الله” اللبناني، بينما انتقل فراس جهام المعروف باسم فراس العراقية، قائد “الدفاع الوطني” في دير الزور، من تحت الكنف الإيراني إلى الكنف الروسي منذ سنوات عدة، وهو ما يمنحه ميزة الاحتماء بالقوات الروسية ما لم تكن هذه الأخيرة قررت الاستغناء عنه. وتلعب عوامل كثيرة في تغذية الخلافات بين ميليشيا “الدفاع الوطني” في دير الزور والميليشيات الأخرى مثل ميليشيا “قاطرجي” المسؤولة عن حماية قوافل المحروقات من مناطق سيطرة “قسد” إلى مناطق سيطرة الحكومة السورية، وتتمتع بعلاقة وطيدة مع الفرقة الرابعة، وكذلك الميليشيات الإيرانية المنتشرة في المنطقة والتي تتعرض لضغوط كبيرة في هذه المرحلة بسبب القصف المتبادل بينها وبين القوات الأميركية. وأهم هذه العوامل هو التنافس على تهريب المواد الممنوعة والمحروقات، وكذلك الاختلاف في مسألة الولاء والانتماء، بالإضافة إلى سعي كل طرف إلى تعزيز مصالحه الشخصية ومراكمة مكاسبه المادية. واعتقلت أخيراً قواتُ الأمن السورية في دير الزور عدداً من المتورطين بتجارة المخدرات، وتبين أنهم محسوبون على ميليشيا “الدفاع الوطني”. وتبع الحادثة بأيام قليلة حدوث خلاف بين ميليشيا الدفاع والحرس الثوري حول شحنة مخدرات تم ترويجها لمصلحة “المركز الثقافي الإيراني” في مدينة دير الزور، اعتُقل على إثرها عناصر من الدفاع داخل حديقة كراميش قبل تدخل قائد الميليشيا المدعو فراس العراقية لحل الإشكال والإفراج عن عناصره، وفق ما ذكر موقع “عين الفرات” السوري المعارض.   

  وتصاعد التوتر كذلك بين ميليشيا “الدفاع الوطني” وميليشيا “القاطرجي”، نتيجة خلافات حول تهريب المحروقات وتجارتها من مناطق سيطرة “قسد” إلى مناطق سيطرة الحكومة. ووصل التوتر إلى ذروته في بلدة صبيخان بعد إطلاق عناصر من “القاطرجي” النار باتجاه سيارة محملة بالمحروقات المهربة تابعة لميليشيا الدفاع، لتشهد المنطقة ومدن العشارة والميادين استنفاراً كبيراً من كلا الطرفين. وفي محاولة منها لفرض سياسة الأمر الواقع، نشرت ميليشيا “الدفاع الوطني” حواجز جديدة لها في مختلف مناطق الريف الشرقي الخاضعة لسيطرة النظام، ومنها على طريق دير الزور – البوكمال.وزار فراس العراقية مواقع ميليشياته في تلك المناطق، وأعطى أوامره باستهداف كل من يعترض طريقهم بغض النظر عن انتمائه. وطلب العراقية الاجتماع مع قائد فرع “الأمن العسكري” العميد مهند محمد لحل المشكلة الحاصلة بين ميليشياته وميليشيا “القاطرجي” والفرقة الرابعة، وفق المصدر السابق ذاته. ونقل المصدر أن العراقية هدّد في حال التعرض لعناصره خلال عملهم بتهريب المحروقات ضمن المنطقة، اللجوء إلى أحد خيارين: يتمثل الخيار الأول بتحويل عناصره إلى “دواعش” في إشارة منه إلى استهداف قوات النظام والميليشيات المتحالفة معها أينما وجدوا بالمحافظة. ويتمثل الخيار الثاني بانشقاق ميليشيا “الدفاع الوطني” عن صفوف النظام، وانتقال كل العناصر إلى الضفة المقابلة للانضمام لصفوف “قسد” شرق  الفرات. تهديدات العراقية السابقة لم تكن وليدة اللحظة أو ناجمة عن فراغ، بل سبقها العديد من الضغوط التي مارستها الميليشيات الإيرانية وصولاً إلى الفرقة الرابعة تجاه “الدفاع الوطني”. وكانت البداية بمنع حاجز البانوراما التابع للفرقة الرابعة في مدينة دير الزور، عناصر “الدفاع الوطني” وآلياته من المرور عبره تحت أي ظرف كان.واشترطت الفرقة على العراقية، إشرافها الكامل على تهريب المحروقات من مناطق سيطرة “قسد”، إلى مناطق الحكومة بالكامل، والحصول على نصف الأرباح.ووصلت ضغوط الفرقة الرابعة تجاه ميليشيا “الدفاع” إلى حدِّ فتح مكتب الأمن التابع لها، تحقيقاً حول استيلاء عناصر الدفاع على آليات تتبع دوائر حكومية، قبل سحبها منهم وإعادتها إلى الدوائر المعنية. وتهدف الفرقة الرابعة من وراء كل تلك الضغوط إلى إجبار العراقية على التخلي عن الحليف الروسي، والانضمام إليها كونها مقربة من الحرس الثوري الإيراني، وفق المصدر ذاته. وكان قائد “الدفاع الوطني” في الحسكة عبد القادر حمو قد أعلن التمرد ضد قوات الجيش السوري بسبب خلافات مع كبار القادة العسكريين والأمنيين، ونشر مقطع فيديو اتّهم فيه رئيس مكتب الأمن الوطني علي مملوك والأمين القطري المساعد لحزب البعث الحاكم هلال هلال بأنهما طلبا منه رشوة مقدارها 3 ملايين دولار من أجل تسوية وضعه وإنهاء الخلاف معه. وقد انتهى التمرد في منتصف شهر أيلول (سبتمبر) الماضي عبر عملية عسكرية انتهت باقتحام المبنى الذي كان يتحصن فيه مع قواته.

التعليقات معطلة.