اللقب سيمنح النجم السعودي أضواء مختلفة بوصفه أحد كبار المتسابقين عالمياً
حينما يكون الشغف والهواية هما الدافع، حتماً ستكون جميع العقبات بمثابة تحديات لا تؤثر في المسار، بل تمنحه دفعات معنوية خلف كل مرحلة يتحقق معها أي مُنجز صغيراً كان أم كبيراً، هذا ما يحدث تماماً مع المتسابق السعودي يزيد الراجحي المتوج لأول مرة برالي داكار، أمس الجمعة، وهو الإنجاز الذي يحققه أول سائق راليات سعودي عبر التاريخ.
«صوت المحركات، تطاير ذرات الرمل خلف المركبة، وتجاوز السائقين، الصعود لمنصة التتويج»… تلك هي جزء من متعة كبيرة للسائقين في سباقات الراليات الصحراوية، ومؤكداً أن داكار يحضر على رأسها، وهذا حتماً ما يدفع الأشخاص للمغامرة في هذه التحديات الكبيرة والخطرة، كما فعل الراجحي سائق الراليات السعودي الذي توج الجمعة بلقب رالي داكار 2025.
صعود يزيد الراجحي لمنصة التتويج ورفع لقب رالي داكار البطولة الأكبر في عالم الراليات الصحراوية، سيُنسيانه عقبات تلك السنين التي سبقت هذا المُنجز الكبير، من حوادث كبيرة وإصابات قادته للانسحاب في محافل كثيرة، ومن أعطال وأحداث عاشها في مختلف التضاريس والصحاري خلال مشاركته المختلفة عبر سنوات مضت.
ولد يزيد الراجحي لعائلة ثرية، تملك واحداً من أكبر المصارف في الوطن العربي، سجل نجاحاته منذ وقت مبكر باهتمامه بالتجارة، وأصبح اليوم رئيس مجلس إدارة كثير من الشركات التي تملكها مجموعة الراجحي، كان شغفه منذ الصغر بعالم الدراجات النارية الذي تطور شيئاً فشيئاً حتى بات سائق راليات، انطلقت رحلته سائقاً في 2007 حتى بلغ ذروة المجد بصعوده إلى منصة تتويج رالي داكار.
ابن الـ43 عاماً، يتلذذ بقيادته في الصحراء، ويعشق المركبات والمحركات، لم يكترث بالحوادث التي اعترت مسيرته، فهي أشبه بإصابات الملاعب التي تطول اللاعبين.
يتحدث الراجحي في حوار موسع نشرته «ماركا الإسبانية»: «رياضة المحركات أشبه بإدارة الأعمال، تبدأ موظفاً عادياً ويمكنك أن تصبح الرئيس التنفيذي، وعندما تصل إلى هذا المنصب، لا تقول سأتقاعد، لا، بل تستمر لعشرين عاماً أخرى»، مضيفاً: «رياضة السيارات أشبه بذلك، لقد وصلت لهذا المستوى الذي مكنني من الفوز برالي داكار ولن أتركه الآن».
يضع الراجحي، النجم الإسباني كارلوس ساينز البالغ من العمر 63 عاماً نموذجاً وأيقونة ينشد السير بمسار مشابه لمسيرته التي جاوزت العشرين عاماً في رياضة السيارات، يقول الراجحي، أريد أن أستمر عشرين عاماً مقبلة.
لم يكن لقب داكار الذي حققه يزيد الراجحي نتاج يوم أو أسابيع قليلة، بل خبرة أعوام تجلت في النسخة الحالية التي أظهر معها السائق السعودي الكثير من المعرفة في إدارة مراحل السباق الطويلة والمُرهقة.
في عالم الراليات لا يكفي أن تكون سائقاً شجاعاً إن جاز الوصف بذلك، بل يتطلب إمكانات في المركبة وملاحاً مثالياً، واستراتيجيات وخبرة تُدير معها المنافسات الطويلة مثل داكار.
لم يكثر الراجحي في النسخة الحالية لداكار بتحقيق بطولة المراحل، وهي ميدالية يومية تمنحها اللجنة المنظمة لمن يحقق الأفضلية في سباق اليوم، ويترتب عليها ترتيب انطلاق المتسابقين في اليوم الذي يليه، وهو الأمر الذي كان يتعامل معه الراجحي بمثالية حيث فضل دائماً منح الآخرين التقدم حتى اختار المراحل الأكثر وضوحاً بالنسبة له وحقق فيها الفوز والانتصار.
أظهر مقطع فيديو متداول ليزيد الراجحي وهو يقف بجانب خط نهاية إحدى مراحل السباق دون بلوغه ينتظر عدداً من المتسابقين لتجاوزه لكونه لا يريد الانطلاق بوصفه أول المتسابقين في اليوم الذي يليه، تجنباً لخسارة أي وقت.
رحلة الراجحي في داكار بدأت منذ عام 2015 واستمر في المشاركة محققاً الفوز في عدد من المراحل، لكنه لم يرض طموحاته وأحلامه، شيئاً فشيئاً أصبح الراجحي يقترب من المراكز الأولى، ففي عام 2020 حقق المركز الرابع، وكانت اللحظة الأجمل حينها صعوده لمنصة التتويج في 2022 بعد أن حقق المركز الثالث لكنه يُدرك أن اللحظة لم تأت بعد في داكار.
في عام 2024 تعرض الراجحي لحادث أفقده القدرة على إكمال المنافسة رغم أنه كان يسجل أرقاماً مثالية، ونجح في العام الحالي بالتتويج باللقب الذي طال انتظاره لنجم الراليات السعودي.
يحضر الألماني تيمو غونشالك بجوار الراجحي ملاحاً له، ويعد من أحد أفضل الملاحين في رياضة الراليات، عطفاً على كونه دراجاً متمرساً، إذ سبق له تحقيق المزيد من الألقاب بصفته ملاحاً مع سائقين كبار في الرالي.
يمتلك الراجحي سلسلة طويلة من الألقاب المحلية والدولية في سباق الراليات، لكن تحقيق لقب داكار سيمنحه وهجاً لم يسبق له الحصول عليه، بصفته بطلاً لأكبر بطولات السيارات والراليات الصحراوية.