في السياسة الإقليمية، لا تأتي العمليات العسكرية بمعزل عن أبعادها الرمزية والدبلوماسية، خصوصًا عندما تتشابك المصالح السرية بين اللاعبين الإقليميين. الضربة الإسرائيلية الأخيرة في قطر لم تكن حدثًا عسكريًا عاديًا، بل رسالة رمزية متعددة المستويات، غامضة المعالم أمام الشبكات السرية للعلاقات الدوحة-تل أبيب، وبخلفية علاقة قطر كحاضنة لحماس التي جاءت نتيجة صناعة إسرائيلية .
الردع المباشر: رسالة لكل القوى
الهدف الواضح هو إظهار قدرة إسرائيل على الردع المباشر والفوري ضد أي تهديد، سواء من فصائل فلسطينية أو دول إقليمية. الضربة جاءت لتذكير الجميع أن إسرائيل تمتلك القدرة على تنفيذ ضربات دقيقة في مناطق بعيدة، وأن أي محاولة للتحدي ستواجه ردًا سريعًا وفعالًا .
قطر: ساحة العلاقات السرية
اختيار قطر لمكان العملية ليس عشوائيًا. العلاقة القوية والخفية بين الدوحة وتل أبيب تجعل أي تصعيد هناك أكثر حساسية وتعقيدًا. الضربة لم تحقق أهدافها المعلنة بشكل واضح، ما يفتح المجال لتفسيرات متعددة: هل كانت الرسالة موجهة لإيران، للفصائل الفلسطينية، أم لإعادة ترتيب النفوذ الإقليمي؟
حماس: أداة إسرائيلية أم تحدٍ حقيقي؟
وجود حماس كعامل في المعادلة يزيد من الغموض. الحركة، بصيغتها الحالية، هي نتاج صراعات إسرائيلية وإقليمية، وأداة إسرائيلية لتوجيه الأحداث بحسب مصالح تل أبيب. الضربة الأخيرة لا تبدو مواجهة تقليدية، بل تجربة لاختبار سيناريوهات مستقبلية لم تتضح معالمها بعد .
رسالة مزدوجة ومعقدة
يمكن تفكيك الرسالة الإسرائيلية إلى ثلاثة محاور رئيسية:
تحذير مباشر للفصائل والقوى الإقليمية: أي تهديد لم يعد مقبولًا.
إظهار القدرة على التحرك خارج الحدود: بدقة وفعالية عالية.
إشارة إلى سيناريوهات مستقبلية: ربما لإعادة ترتيب النفوذ الإقليمي أو اختبار ردود الفعل الدولية .
الضربة الإسرائيلية على قطر ليست مجرد عملية عسكرية، بل رسالة استراتيجية متعددة الأبعاد. العلاقة السرية بين الدوحة وتل أبيب، دور حماس كأداة إسرائيلية، والغموض في تحقيق الأهداف، كل ذلك يجعل المعادلة الإقليمية في حالة ضبابية. يبقى السؤال: هل هي مقدمة لإعادة رسم خرائط النفوذ في المنطقة، أم مجرد اختبار لمواقف اللاعبين قبل التحرك الأكبر؟
الجواب
حماس، كأداة إسرائيلية، مزقت وحدة الصف الفلسطيني وخلقت الانقسام الذي يخدم المشروع الصهيوني. وبعد أحداث 7 أكتوبر، وفرت حماس الذريعة لإسرائيل لاجتياح غزة والتوسع أكثر . وتدمير الشعب الفلسطيني هناك .
قطر، المساهم الأكبر في دعم حماس واستكمال دورها لخدمة المشروع الصهيوني، جاءت ضربة الدوحة لتذكير الجميع بحدود النفوذ. العملية خلقت ضبابية استراتيجية أثرّت على التناغم الإقليمي للأدوار، وأظهرت أن إسرائيل قادرة على تحريك مسارات المشهد بحسب مصالحها. الخاسر الأكبر، كما كان دائمًا، الدول العربية التي تجد نفسها أمام واقع جديد سيحدد مستقبلها الإقليمي ويؤكد عجزها في مواجهة الاخطار .
باختصار، الضربة على قطر ليست نهاية المشهد، بل تحريك لمساراته القادمة، وتهيئة أرضية لإعادة رسم النفوذ في المنطقة، حيث تصبح إسرائيل اللاعب المسيطر والأكثر قدرة على توجيه الأحداث، بينما الدول العربية تتراجع أمام هذه الديناميكية.