ما يبعث على التفاؤل، تسجيل السعودية أعلى رقم تاريخي في إنفاق الزوار القادمين من الخارج بحوالي 36 مليار دولار خلال عام 2023، بنسبة نمو 42.8% مقارنة بعام 2022. من ضمن سلسلة النجاحات، ارتفاع مساهمة القطاع السياحي إلى 10% من الناتج المحلي في المملكة، كما تصدّرت السعودية القائمة الرسمية للأمم المتحدة للسياحة في نمو عدد السياح الدوليين عام 2023، مقارنة بعام 2019، بزيادة نسبتها 56%.
لعلي أكون أكثر إيضاحاً، فقد ارتفعت أعداد السياح إلى أكثر من 100 مليون سائح من الداخل والخارج خلال عام 2023، كما أنّ بيانات البنك المركزي السعودي تؤكّد أنّ إنفاق الزوار القادمين من الخارج يصل إلى 135 مليار ريال. هذه التطورات جاءت نتيجة الجهود والأنشطة المتواصلة في المملكة، لا سيما بعد تسجيل 70 موقعاً أثرياً جديداً، إضافة لحوالى 8917 موقعاً في السعودية موثقة في السجل الوطني للآثار.
من النجاحات الأخرى، ضخ السعودية نحو 8.7 مليارات ريال (2.3 مليار دولار) خلال العام الماضي؛ دعماً لتوظيف مواطنيها، تزامناً مع إعداد برامج متطورة لتحفيز منشآت القطاع الخاص، وتمكين التوظيف لدى الشركات والمؤسسات. أثمرت الجهود، فسجّلت البطالة بين المواطنين تراجعاً في نهاية الربع الأخير من العام الماضي إلى 7.7%، وتقترب من مستهدف “رؤية 2030” عند 7%.
الإنجاز الثاني صعود السعودية 10 مراتب على مؤشر “كيرني” لثقة الاستثمار الأجنبي المباشر، ولعلي أطرح بعض الأمثلة. تدفقات الاستثمار الأجنبي الداخلة إلى اقتصاد السعودية ارتفعت 19 مليار ريال، أي بنسبة 16.6% عن العام الماضي. بالمناسبة، إجمالي رصيد الاستثمار الأجنبي في السعودية بلغ 762 مليار ريال في نهاية عام 2022، كما أنّ الرياض تستهدف جذب استثمارات أجنبية جديدة خلال 2024 بحوالى 109 مليارات ريال، وبحوالى 100 مليار دولار بحلول عام 2030. على سبيل المثال، الاستثمارات الصينية في السعودية تضاعفت 11 مرّة خلال عام واحد، وضخّت 16.8 مليار دولار في المملكة في 2023. كذلك تدرس أكبر شركة أدوية مغربية افتتاح مصنع إقليمي في السعودية.
لعلي أضيف أيضاً، أنّ السيولة النقدية في السعودية سجّلت ارتفاعاً مبهراً بمقدار 136 مليار ريال منذ بداية 2024. أما موجودات المصارف التجارية في السعودية، فقد سجّلت أعلى مستوى لها على الإطلاق في شباط (فبراير) 2024، مرتفعة بنسبة 1 في المئة لتصل إلى 4.049 تريليون ريال (1.078 تريليون دولار). كذلك طرحت السعودية 6 فرص تعدينية جديدة للمستثمرين المحليين والدوليين، وأصبحت تكلفة فواتير الكهرباء في المملكة الأقل عالمياً.
باختصار، نجحت المملكة في تقليص عجزها المالي تدريجياً، بل حققت أول فائض مالي منذ 2013 في 2022 و2023، بدعم من تحسن أسعار النفط، وترشيد الإنفاق، ورفع الإيرادات غير النفطية.
آخر الكلام. التطورات الاقتصادية السعودية الأخيرة تثير اهتمام العالم، ومن ضمنها تحقيق القطاعات والأنشطة غير النفطية في السعودية أعلى مساهمة لها في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي خلال عام 2023 بنسبة 50%، وهو أعلى مستوى تاريخي تصل إليه على الإطلاق. في نفس الوقت، تتوالى انتكاسات صدمة الطاقة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، والخلافات المستمرة بين الكونغرس الأميركي ووكالة الطاقة الدولية، والنمو المتواضع للاقتصاد الأوروبي نتيجة موجة الواردات من الصين، وعجز المالية العامة في المانيا بحوالى 100 مليار يورو، والانخفاضات المفرطة في الين الياباني، واحتمال الإعلان عن نتائج سلبية إذا فرضت أميركا تعريفات جمركية ضخمة جديدة على الصادرات الأوروبية.
كل عام وأنتم بخير.
*كاتب سعودي