من نيمار إلى كريم بنزيمة ورياض محرز وساديو ماني وقبلهم كريستيانو رونالدو، أبرمت السعودية صفقات كروية مدوية لكبرى أنديتها خلال الصيف الماضي، وهي الآن تأمل أنّ ترى “أثر الفراشة” لذلك على أداء ونتائج المنتخب الوطني في كأس آسيا التي لم يظفر بلقبها منذ 28 عاماً. ويلعب منتخب “الصقور الخُضر” في مجموعة سادسة تضمّ عُمان، قرغيزستان وتايلاند، محاولاً إحراز اللقب الرابع في تاريخه بعد أعوام 1984، 1988، 1996. وتراجعت أخيراً نتائج السعودية في العرس القاري، فخرج مرتين في دور المجموعات عامي 2011 و2015، قبل أن يكتفي بتأهل إلى دور الـ16 في النسخة الأخيرة عام 2019 في الإمارات. وخلال أولى مبارياتها في كأس العالم 2022، أذهلت السعودية العالم بعدما قلبت تأخرها بهدف لفوز نادر على الأرجنتين، بطلة العالم لاحقاً، لكنّ ستة لاعبين سعوديين ممن شاركوا أساسيين في هذا الانتصار التاريخي فقدوا مراكزهم للاعبين أجانب متوافدين على المملكة. احتلت أندية الدوري السعودي المركز الثاني عالمياً في الانفاق على اللاعبين الجدد خلال الفترة الصيفية، بإجمالي بلغ 875,4 مليون دولار أميركي، وراء إنكلترا (1,98 مليار). واعتبر البرتغالي نيلو فينغادا، آخر من قاد السعودية لتحقيق اللقب عام 1996 في مقابلة مع موقع “كووورة” الأسبوع الماضي أن سياسة استقطاب اللاعبين الأجانب “لن تفيد المنتخب” السعودي. وقال إنّ: “جودة الدوري السعودي أصبحت أفضل الآن، لكنها في رأيي لن تفيد المنتخب، نظراً لسيطرة المحترفين على التشكيل الأساسي للأندية، وهذا ليس جيدا”. بدوره، قال أحمد عز الدين المحلّل المصري في “تلفزيون شركة الرياضة السعودية” إنّ أثر توافد “لاعبين أجانب على أعلى مستوى” يكون “أكبر على المدى البعيد أكثر منه على المدى القصير”. وأفاد عز الدين وكالة “فرانس برس” أنه: “على المدى القصير يأخذ اللاعبون الأجانب فرص ودقائق لعب اللاعبين المحليين”، لكنّ: “على المستوى البعيد يحتك اللاعبون المحليون بنجوم بمصاف رونالدو وهو ما ينعكس إيجاباً على صعيد الفنيات والفكر الكروي والالتزام والانضباط”. منافسة قويةاستبعد مدرب المنتخب روبرتو مانشيني 14 لاعباً من القائمة المشاركة في مونديال قطر 2022، بعضهم للإصابة وآخرين لأسباب فنية أبرزهم أيقونة الهلال سلمان الفرج. في مباراة الأرجنتين الافتتاحية التي اصبحت فيها السعودية المنتخب الوحيد يفوز على بطل العالم في المونديال الاخير، شارك تسعة من لاعبي الهلال أساسيين. احتفظ الثلاثي، الجناح سالم الدوسري أفضل لاعب في آسيا، والمدافعان علي البليهي وسعود عبد الحميد بموقع ثابت في تشكيلة “الزعيم”، لكن قدوم لاعبي الوسط الصربي سيرغي ميلينكوفيتش-سافيتش، البرازيلي مالكوم والبرتغالي روبن نيفيش وقلب الدفاع السنغالي خاليدو كوليبالي عكّر حياة آخرين في فريق العاصمة. دفع لاعب الارتكاز محمد كنّو الذي استهل مباريات السعودية الثلاث في المونديال، ثمناً باهظاً فنزل أساسياً ست مرات فقط و12 مرة بديلاً في الدوري المحلي، كما لم ينزل لاعب الوسط عبد الاله المالكي، أحد أبرز لاعبي المنتخب في المونديال، أساسياً في أي مباراة وشارك بديلاً ثلاث مرات. فيما لم ينزل المدافع حسان التمبكتي، القادم بصفقة كبيرة من الشباب وأحد أساسيي المونديال، أساسياً سوى مرتين. وفيما يتنافس الصربي ألكسندر ميتروفيتش على صدارة ترتيب الهدافين مع رونالدو (النصر)، لم يخض المهاجم الأساسي للسعودية في المونديال صالح الشهري أية دقيقة ونزل بديلاً أربع مرات. ورغم ذلك، استدعى مانشيني اللاعبين الأربع لقائمة البطولة. وقال صالح خليف نائب رئيس تحرير صحيفة “الرياضية” السعودية إنّه: “حتى لو تراجعت دقائق لعب بعض اللاعبين السعوديين فأنهم يخوضون منافسة قوية جداً لحجز أماكنهم ولم يعودوا يضمنون اللعب مسبقاً”. وأضاف لـ”فرانس برس”: “مستحيل أن تلعب على أعلى مستوى ولا تستفيد”، وتابع: “نتمنى أنّ يكون لذلك التنافس القوي أثر الفراشة على المنتخب”. تاريخياً، لم يعرف اللاعبون السعوديون الاحتراف خارج بلادهم إلا بحالات نادرة ولفترات قصيرة، وأشار محلّلون محليون إلى تكاسل وعدم انضباط كثير من المواهب السعودية بسبب غياب المنافسة وضمان مراكزهم. وأكّد عز الدين أنّ: “جماهيرية وتنافسية الدوري بالإضافة للتنافس مع اللاعبين الأجانب رفع بالفعل من مستوى اللاعبين المحليين”، مشيراً إلى خطف “مهاجم الأهلي فراس البريكان المركز الأساسي من البرازيلي (روبرتو) فيرمينو” لاعب ليفربول الإنكليزي السابق. مشروع سعوديتستضيف السعودية كأس آسيا عام 2027 وهي المرشح الوحيد لاستضافة كأس العالم 2034. يأتي ذلك ضمن مشروع سعودي رياضي واعد يتضمن إنفاق مليارات الدولارات على جذب النجوم وتطوير البنى التحتية. ورفع مانشيني، الذي قاد بلاده للظفر بلقب كأس أوروبا صيف 2021، التوقعات في مؤتمر تقديمه في آب (أغسطس) الماضي حين قال: “هدفنا الفوز بكأس آسيا لأول مرة منذ 27 عاماً”. واعتبر الصحافي السعودي عبد الرحمن المشبب أنّ مانشيني “يقود مشروعاً سعودياً يتخطى البطولة”، مشيراً إلى أنّه “محب للشباب وبدأ بالفعل المزج بين الشباب والخبرة للبطولات المقبلة”. واستدعى المدرب البالغ 59 عاماً أربعة شبان هم لاعبو الوسط فيصل الغامدي (22 عاماً)، عباس الحسن (19 عاماً)، عيد المولد (22 عاماً) والمهاجم عبدالله رديف (20عاماً). ورغم رفع سقف التوقعات، يعتقد المشبّب أنّه: “سيكون مرضياً الوصول لنصف النهائي” الذي لم تبلغه السعودية منذ 2007″. وهو يعتقد أنّه بالإضافة للخبرات الجديدة التي اكتسبها اللاعبون السعوديون فأنّ: “هيبة الفوز على بطل كأس العالم ستصنع الفارق نفسياً للسعودية أمام المنافسين” في كأس آسيا. وإذا تصدرت السعودية مجموعتها، السهلة نظرياً، ستلاقي في ثمن النهائي ثاني المجموعة الخامسة التي تضم كوريا الجنوبية والأردن والبحرين وماليزيا، قبل صدام محتمل مع أستراليا في ربع النهائي.
التعليقات معطلة.