بغداد: عمر عبد اللطيفشهدت العاصمة بغداد منذ قيام الدولة العراقية قبل قرن من الزمن؛ متغيرات عدة أسهمت بتشويه الطابع الحضري للمدينة التاريخية للعراقيين، وحولتها إلى مدينة فوضوية مكتظة سكانياً وبات العيش فيها شبه مستحيل إلا للطبقة الثرية. وإضافة لتشويه معظم معالمها العمرانية والجمالية؛ فإن الخدمات الأساسية باتت حلماً غير قابل للتحقق للبغداديين، وبهذا الصدد وفي شهادة أمام الناس والتاريخ، أقر الرئيس السابق لـ”لجنة التخطيط الستراتيجي” في مجلس محافظة بغداد، نزار السلطان، بانتهاء صلاحية التصميم الأساسي للعاصمة منذ نحو ربع قرن، في حين أكد وجود مخطط لها يمتد حتى عام 2040 .وقال السلطان : إن “مشكلة التشظي الحضري أصبحت مزمنة، بسبب أن التصميم الأساسي للعاصمة استنفد منذ عام 2000، إذ يرجع آخر تصميم للمدينة اعتمد به قانون العاصمة رقم 156 لسنة 71 وأعدته شركة (بول سيرفس) البولندية عام 1967، وقد اعتمد كمخطط أساسي للمدينة لعام 2000، وكان يفترض أن يكون فيها 6 ملايين نسمة وتستوعب الفعاليات الخدمية لهذا العدد من السكان”.وأضاف أنه “بموجب هذا التصميم أعدت خطة رئيسية لجميع القطاعات أهمها النقل والطرق من قبل شركة (سكوت ولسن) البريطانية منذ الثمانينيات، شملت الطرق الحلقية والمجسرات والكراجات والأنفاق ومترو بغداد والكهرباء والماء، إلا أن ظروف الحرب التي مر بها العراق في الثمانينيات والتسعينيات استنزفت كل طاقته، وغالبية المشاريع المتبناة ضمن الخطة الرئيسية لم تنفذ في توقيتاتها الزمنية نتيجة ذهاب الأموال للحروب”.وتابع أن “الحكومات المتعاقبة تسلمت بعد عام 2003 مدينة تعاني من عجز في الخدمات”، مشيراً إلى أن “الحكومات المحلية للعاصمة أخطأت كثيراً لأنها لم تحُدّث التصميم الأساسي بموجب المتغيرات التي حصلت، في حين أن المدينة في نمو مستمر خاصة في قطاع السكن، بحيث أدى ذلك إلى اختناق العاصمة وباتت لا تستوعب الزيادة السكانية”.وأكد السلطان أن “مساحة بغداد تبلغ 4 آلاف كم مربع، ربع هذه المساحة هي العاصمة التي يسكنها نحو 6 ملايين نسمة في حين يسكن نحو 3 ملايين نسمة بباقي المساحة المتبقية”.ونبّه إلى أن “كل هذا خلّفته السياسة العبثية والإدارة غير المسؤولة لتنظيم الفعاليات في العاصمة”، وأكد أنه “ليس من مسؤولية البرلمان تشريع قوانين لـ(تمليك العشوائيات) التي يروّج لها أيام الانتخابات، بل يجب أن يتسلم من أمانة العاصمة (المخطط الإنمائي الشامل) الذي أنجز في مرحلته الأخيرة منذ أكثر من 5 سنوات، ليتحول إلى قانون ويُحدّث الإطار القانوني لاستخدامات الأرض للعاصمة بحدودها الإدارية”.وحذر من أن “استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى انهيار البنى التحتية لقطاعات مهمة وحيوية نتيجة التكدس، لأن المدينة مصممة لاستيعاب 6 ملايين نسمة بحدودها الإدارية، في حين أن العاصمة وحدها عبرت هذا العدد، مما أدى إلى استنزاف الأموال المخصصة للبنى التحتية لتذهب باتجاه ترقيع الطرق والمدارس”.وألمح إلى أن “لجنة التخطيط الستراتيجي عملت على المخطط الإقليمي لبغداد عام 2040، وهو رؤية شاملة لتحديث استخدام الأرض للمدينة بالاشتراك مع المحافظات المجاورة الخمس التي تحيط ببغداد”، مبيناً أن “هذا المخطط الذي نطالب بتحويله إلى قانون يعالج المشكلات خلال فترة زمنية لا تتجاوز 20 سنة لتبدأ المدينة بإيقاف تشظيها وتستعيد عافيتها تدريجياً وتعود إلى وضعها الأصلي”.• تحرير: محمد الأنصاري
التعليقات معطلة.