انسوا أمر كريمات التجميل الليلية التي تحتوي على السيرومات المقاوِمة للشيخوخة، فقد يكون السفر أفضل طريقة لتحدي علامات التقدم في العمر.
وفيما تعتبر الشيخوخة عملية طبيعية لا مفرّ منها، يسعى إلى تبنّي استراتيجيات فعّالة لتأخير آثار ها، ولربما دهشوا لمعرفة أن السفر في الجغرافيا يعيق مسار “نظيره” في الزمن! لكن، لِمَ الدهشة؟ ألا تستعمل المسافة بالكيلومترات والأمتار لقياس الزمن حينما يفيد العلم أن السنة الضوئية تساوي 9.5 تريليون كيلومتراً؟ إذاً، كيف لا يكون السفر نوعاً من الارتحال في الزمن؟ وبالتالي، لِمَ نستغرب تأثيره على رحلة الزمان في الأجساد أو… العكس؟
السياحة باعتبارها فوضى ضد الزمن
وفق المقال نفسه، يعبّر مصطلح “انتروبيا” Entropy عن الميل إلى حدوث اضطراب أو فوضى، في الأنظمة الشديدة الانتظام. وإذ يسير الكون وفق قوانين فائقة الانتظام، تتوقع نظرية الانتروبيا أن تغزوه الفوضى تدريجياً، إلى أن يذوي في فوضى شاملة.
وقد طُبّقت دراسة نظرية الانتروبيا على السياحة، ووُجد أن السفر قد يحمل فوائد صحية إيجابية، بما في ذلك إبطاء علامات الشيخوخة. وتتعلق نظرية الانتروبيا [تستعمل الكلمة في الإشارة إلى القانون الثاني من الديناميكا الحرارية]، بتدهور الانتظام الدقيق وميله إلى الفوضى مع مرور الزمن.
وحينما تعيش في مكان محدد، تغدو بمعنى ما، جزءاً من النظام الذي يضبط المسارات في ذلك المكان. وحينما ترتحل، تتنقل بين أنظمة منتظمة مختلفة، لكنك أنت لست جزءاً من انضوائها ضمن انتظام محدد، وبالتالي، تغدو وكأنك “فوضى”. هل يبدو من ذلك المنظار، أن السياحة هي “فوضى مرتحلة”؟
وأحياناً، تفيد الفوضى المحدودة في تجديد مسار الانتظام. ويُوازي ذلك في السياحة، أن تكون رحلتك تجربة إيجابية في الانتقال بين نظامين، وينعكس ذلك إيجابياً على صحتك ونفسيتك. وتؤدي التجارب السياحية السلبية إلى نتائج معاكسة بالكامل.
وبلغة أقل صرامة، تعزز تجارب السفر الإيجابية الصحة البدنية والعقلية للأفراد من خلال التعرض لبيئات جديدة، والمشاركة في الأنشطة البدنية والتفاعل الاجتماعي، وتعزيز المشاعر الإيجابية. وقد جرى الاعتراف بهذه الفوائد المحتملة من خلال ممارسات تشمل أنواع السياحة العلاجية والصحية واليوغا وغيرها.
وبالتالي، لا يقتصر أمر السياحة على الترفيه والاستجمام. بل قد تسهم في صحة الناس البدنية والعقلية.
وكذلك ربما تساعد تجارب السفر الإيجابية الجسم على الحفاظ على حالة الأنتروبيا المنخفضة من خلال تعديل مستوياته الرئيسية الأربعة؛ الجسدية والروحية والاجتماعية والعقلية.
وفي العادة، تنقل السياحة المرء إلى أجواء جديدة وأنشطة مختلفة. وفي الحالة الإيجابية، يؤدي ذلك إلى تحسّن عملية التمثيل الغذائي وزيادة قدرة الجسم على تنظيم نفسه بنفسه، بما في ذلك تحفيز جهاز المناعة فيه، وتدعيم قدرته على الشفاء الذاتي.
وتشير الدراسات العلمية إلى أن السفر يسهم في تعزيز وظائف الدماغ، بفضل ما يتضمنه من التعامل مع تجارب جديدة ومختلفة، ومواجهة تحديات غير مألوفة، مما يحفز الدماغ على التفكير بطرق تخرج عما المعتاد، وبالتالي، فإنها تعزز المرونة العقلية. وقد تسهم تلك المعطيات في تقليل خطر الإصابة بالأمراض المرتبطة بالشيخوخة، كآلزهايمر وباركنسون، عن طريق بناء شبكات جديدة من الخلايا العصبية في الدماغ.
وفي الغالب، قد يشمل السفر أنشطة بدنية كالمشي والتسلق وركوب الدراجات وغيرها. ويسهم المجهود البدني في تعزيز عملية التمثيل الغذائي وتحسين استهلاك الطاقة وغيرها، مما يعزز مسار التنظيم الذاتي.
وبينما ينفق الكثيرون الأموال والجهود في محاولات لمحاربة الشيخوخة من الخارج، مثل حُقن البوتوكس وشد الجلد وغيرهما، يبدو أن الحل الأبسط والأكثر فعالية قد يكمن في حزم الحقائب والانطلاق نحو مغامرة جديدة. ولعل القدامى لم يجانبهم الصواب حينما تبنوا المثل الشعبي الشهير “في السفر سبع فوائد”!