مقالات

الشيطان الأكبر أصبح أخاً للنظام في طهران !؟

حسن فليح /محلل سياسي

لطالما كانت العلاقة بين إيران والولايات المتحدة مضطربة، حيث تصف إيران الولايات المتحدة بـ”الشيطان الأكبر” منذ الثورة الإسلامية عام 1979. ولكن التصريحات الأخيرة للرئيس الإيراني بزشكيان، التي وصفت الولايات المتحدة بـ”الأخ العزيز”، تمثل تحولًا غير متوقع في العقلية الإيرانية، رغم أنه قد لا يكون مفاجئًا بالكامل في سياق السياسة الدولية. هذا التحول يشير إلى تغيير جذري في النهج الإيراني ويثير تساؤلات حول دوافعه وتأثيراته.

عُرفت إيران بنهجها الثوري الصارم منذ قيام الثورة الإسلامية حيث كانت تدافع عن معتقداتها ومتبنياتها من خلال معاداة الغرب وتعزيز نفوذها الإقليمي عبر دعم الجماعات المسلحة. ومع ذلك، فإن التحول الأخير في السياسة الإيرانية، الذي يبدو كأنه تخلٍ عن الكثير من هذه المعتقدات والشعارات، يشير إلى تحول استراتيجي يهدف إلى المحافظة على النظام من الانهيار. هذا التغيير يسلط الضوء على كيف أن إيران قد تكون مستعدة للتخلي عن مبادئها السابقة إذا كان ذلك ضروريًا للحفاظ على استقرار نظامها في ظل الظروف والتحديات الاقليمية والدولية المحيطة بها ،

تحول العقلية الإيرانية

عادةً ما كانت سياسة إيران قائمة على مواجهة الغرب، وعلى وجه الخصوص الولايات المتحدة، كجزء من مبادئ الثورة الإسلامية. كانت هذه السياسة جزءًا من هوية النظام الإيراني وأيديولوجيته، التي كانت تقوم على معاداة الغرب وتعزيز القوة من خلال دعم الجماعات المسلحة في الشرق الأوسط. ومع ذلك، يشير التحول الأخير إلى تحول غير متوقع في السياسة الإيرانية، حيث يبدو أن طهران تتبنى سياسة أكثر براغماتية.

أسباب التحول في العقلية الإيرانية.
التهديد المحتمل لانهيار النظام: مع اقتراب الانتخابات الأمريكية وظهور احتمالات هزيمة الديمقراطيين، قد تكون إيران قد شعرت بتهديد حقيقي لاستمرارية نظامها إذا استمرت على نفس النهج الثوري المهدد الاستقرار العالمي والاقليمي .ان هذا التحول في السياسة قد يكون محاولة لمنح الديمقراطيين فرصة الفوز وعدم مجيء ترامب وبنفس الوقت التهئ مقدما لفوز ترامب الامر الذي يمنحها مزيدا من المرونة السياسية واحتواء غضب ترامب وتجنب المزيد من العقوبات والضغوط الدولية التي قد تؤدي إلى انهيار النظام ،

التحول الذي تشهده إيران حاليًا يعكس تحولًا دراماتيكيًا في استراتيجيتها ومعتقداتها. بتخليها عن بعض من مبادئها الثورية و”شياطينها الأكبر”، تسعى إيران إلى الحفاظ على نظامها من الانهيار المحتمل في ظل الظروف المتغيرة عالميًا. هذا التغيير يعكس استعداد إيران للقيام بتنازلات كبيرة إذا كان ذلك يعني تعزيز استقرارها واستمراريتها. في ظل هذه الظروف التي باتت معقدة امامها، من المهم مراقبة كيفية تطور هذا التحول وتأثيره على السياسة الإقليمية والدولية ،
ان التحول السياسي المفاجئ في إيران قد يكون ناتجاً عن عدة عوامل، ومن بينها الخشية من مواجهة عسكرية محتملة مع إسرائيل وحلفائها الغربيين. على الرغم من أن السياسة الإيرانية تعتمد على توجيه استراتيجيات طويلة الأمد، إلا أن التهديدات الأمنية والتغيرات في التوازنات الإقليمية يمكن أن تدفع طهران إلى إعادة تقييم سياساتها. في ضل التهديدات العسكرية المحتملة التي تشهدها المنطقة والعالم .
في حين سيبقى العالم في حيره من امره حتى يفهم أسباب هذا التغيير وتأثيراته ! وستظل إيران في مفترق طرق بين إرثها الثوري والواقع الجديد لسياستها المفاجئة للعالم باسره ،