رؤساء أقاليم شرق المتوسط وأفريقيا وأوروبا خلال المؤتمر الصحافي في شرم الشيخ (منظمة الصحة العالمية)شرم الشيخ (مصر): حازم بدر
بينما كانت الحروب والنزاعات، وما تخلفه من عدم الاستقرار، توصف بأنها السبب الرئيسي لأزمة اللاجئين، شهد عام 2022 وبدايات عام 2023، سببين آخرين، عنوانهما «المناخ وكوارث الطبيعة». وأدى الزلزال المدمر الأخير الذي شهدته تركيا وسوريا في فبراير (شباط) الماضي، والتغيرات المناخية التي زادت وتيرتها العام الماضي، مع الحرب الروسية – الأوكرانية، والنزاع في سوريا، إلى تعميق أزمة اللاجئين والمهاجرين، وهي مشكلة ثلاثية الأبعاد، أكدها رؤساء ثلاثة من المكاتب الإقليمية لمنظمة «الصحة العالمية» في مؤتمر صحافي عقد (الجمعة) في ختام الاجتماع الثاني حول صحة اللاجئين والمهاجرين في شرم الشيخ المصرية، وكان الاجتماع الأول العام الماضي في إسطنبول التركية.
شارك في المؤتمر أحمد المنظري، مدير إقليم شرق المتوسط بمنظمة «الصحة العالمية»، وهانس هنري كلوغ، مدير الإقليم الأوروبي، وماتشيديسو مويتي، مديرة الإقليم الأفريقي، وهم رؤساء الأقاليم التي يعيش بها 171 مليون لاجئ ومهاجر في المجموع، يمثلون قرابة ثلثي اللاجئين والمهاجرين جميعاً على مستوى العالم.
وقال المنظري، الذي استهل المؤتمر بالدعوة للوقوف دقيقة حداداً على أرواح ضحايا زلزال تركيا وسوريا، إنه «في منطقة تعاني من حالات طوارئ طويلة الأمد، يعتبر اللاجئون والمهاجرون سمة دائمة لمجتمعاتنا، ومع ذلك يظلون في كثير من الحالات بين المجتمعات الأكثر ضعفاً وإهمالاً، وهو ما يتطلب وجود نهج متكامل لصحة اللاجئين والمهاجرين يحقق التغطية الصحية الشاملة لهم، ليكونوا جزءاً لا يتجزأ من رؤيتنا الإقليمية للصحة للجميع». ولفت إلى أنه «في الشهر الماضي، واجهت منطقتا شرق المتوسط وأوروبا، بشكل مشترك، واحدة من أكثر الكوارث الطبيعية تدميراً في السنوات الأخيرة، حيث تضرر أكثر من 26 مليون شخص من الزلزال واسع النطاق في تركيا، الذي تسبب في أضرار واسعة النطاق هناك، وفي سوريا المجاورة».
وأوضح أنه «لا يزال الوضع متردياً، حيث أجبرت تداعيات الزلزال الملايين على ترك ديارهم في كلا البلدين، وتزايد الضغط على النظام الصحي الهش بالفعل في سوريا، وفي تركيا. تأثر أيضاً 1.7 مليون لاجئ سوري، كما أن سوريا أصبح فيها 5.3 مليون شخص يحتاجون إلى المساعدة في مجال الإيواء، بمن في ذلك عديد من النازحين سابقاً، الذين يعيشون حالياً في أماكن إقامة غير آمنة».
وأضاف أن «عدد المهاجرين حول العالم يصل الآن إلى 281 مليون شخص، 12 في المائة منهم من اللاجئين، و66 في المائة من اللاجئين جميعاً من إقليم شرق المتوسط، وهذه الأعداد تتأثر بشكل كبير بالنزاعات المسلحة والكوارث الطبيعية، كما رأينا ما حدث من تأثرهم بالزلزال».
ورداً على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، حول تأثر خدمات التطعيم ضد الأمراض المختلفة، المقدمة للاجئين، بجائحة «كوفيد – 19»، قال المنظري: «بلا شك حدث تأثير طال السكان المحليين واللاجئين على حد سواء، لكن بدأ يحدث تحسن تدريجي، لكن لا تزال هناك تحديات تمويلية لتقديم خدمة التطعيم وغيرها من الخدمات لأعداد اللاجئين المتزايدة».
وأشار هانس هنري كلوغ، إلى أن «أكثر من 8 ملايين شخص فروا من الحرب في أوكرانيا أصبحوا الآن لاجئين في جميع أنحاء المنطقة الأوروبية، وتشرد 7 ملايين شخص خلال العام الماضي، وهذا هو أكبر نزوح للسكان في المنطقة الأوروبية منذ الحرب العالمية الثانية»، مشدداً على أن المنطقة الأوروبية، تنفذ التزاماتها المشتركة لتحسين صحة اللاجئين والمهاجرين، باتباع نهج مزدوج المسار؛ الأول هو إدراج اللاجئين والمهاجرين في الاستجابة لحالات الطوارئ الصحية. وقال كلوغ: «على سبيل المثال، في خضم الحرب في أوكرانيا، قمنا بدعم السلطات الوطنية، بالتنسيق مع الشركاء؛ لتقديم الإمدادات، وتدريب العاملين الصحيين وإجراء التقييمات الصحية للاجئين عبر البلدان المستقبلة».
أما المسار الثاني، الذي أشار إليه، فهو «دعم الدول الأعضاء جميعها؛ لتوفير أنظمة صحية شاملة مدمجة في المجتمعات، وتغطية صحية شاملة للجميع، بمن فيهم اللاجئون والمهاجرون، وذلك لأن اللاجئين والمهاجرين، أصبحوا يشكلون 13 في المائة من السكان في إقليمنا».
وبالإضافة لتداعيات الزلزال وما تمثله من تحدٍ، ركز كلوغ على التغيرات المناخية، التي أدت إلى نمط جديد من اللجوء يسمى «لاجئي المناخ».
وقال: «شهدنا العام الماضي أشد صيف سُجّل على الإطلاق في الإقليم الأوروبي لمنظمة الصحة العالمية، وقد أدى ذلك بالفعل إلى تغييرات كبيرة في التنقل البشري القسري والطوعي المرتبط بتأثيرات الطقس المتطرفة، التي ستتسارع في المستقبل». وأضاف أنه «من الأهمية بمكان أن نتعامل مع تغير المناخ باعتباره تحدياً مهماً، ولهذا السبب نحن بحاجة لمواصلة الشراكة بين أقاليم المنظمة».
من جانبها، ركزت ماتشيديسو مويتي، هي الأخرى على تحالف الكوارث الطبيعية مع الظروف المناخية والحروب والنزاعات في تعميق الأزمة. وقالت: «أدى استمرار انعدام الأمن والنزاع في أجزاء من منطقتنا، إلى استمرار الأزمات الإنسانية، وازدادت المعاناة البشرية عمقاً؛ بسبب المِحن التي تسببها الكوارث الطبيعية والظروف المناخية القاسية على نحو متزايد». وأوضحت أن 22 مليوناً (أو 88 في المائة) من المهاجرين الأفارقة، يعيشون في 47 دولة في الإقليم الأفريقي لمنظمة «الصحة العالمية»، حيث «تمثل هذه المنطقة المسار الكامل للهجرة من البداية إلى النهاية (بلدان المنشأ والعبور والمقصد)».
وأشارت إلى بعض الخدمات التي قدمت لهم. وقالت: «على الرغم من التحديات، فإن جهوداً كبيرة بُذلت لتلبية الاحتياجات الصحية لهذه الفئة السكانية، فتم على سبيل المثال، إنشاء مراكز التقييم الصحي للهجرة في بلدان مثل جنوب أفريقيا وكينيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية ونيجيريا، بالتعاون بين الحكومات الوطنية والمنظمة الدولية للهجرة ومنظمة الصحة العالمية ووكالات الأمم المتحدة الأخرى؛ بهدف إجراء تقييمات صحية لفئات مختلفة من المهاجرين قبل وأثناء سفرهم».