الصوت الأقوى في قمة بغداد

1

علي محمود

رغم الغياب اللافت لأغلبية القادة العرب عن القمة العربية في بغداد، التي اختتمت أعمالها أمس في العاصمة العراقية، إلا أن مشاركة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي في هذه القمة، وكلمته المهمة أمامها أعطت لأعمالها زخمًا كبيرًا، ومنحت العمل العربي المشترك فرصة للالتحام والوحدة والقوة في التعاطي مع المخاطر المحدقة التي تهدد الأمن القومي العربي.

فقد حملت كلمة السيد الرئيس من الرسائل والتحذيرات، ما يمثل جرس إنذار للأمة العربية بضرورة التحرك سريعًا لمواجهة التحديات الوجودية التي تهدد الأمة بكاملها، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية؛ حيث قال السيد الرئيس في كلمته إنها تمر بأخطر مراحلها، وأن غزة تتعرض لعمليات ممنهجة للإبادة والتهجير، فيما أكد السيد الرئيس أنه حتى لو نجحت إسرائيل في إبرام اتفاقيات التطبيع مع جميع الدول العربية، فإن السلام الدائم والعادل والشامل في الشرق الأوسط سيظل بعيد المنال، ما لم تقم الدولة الفلسطينية وفق قرارات الشرعية الدولية؛ وهي رسالة قوية من السيد الرئيس وفي توقيت بالغ الحساسية، وتتطلب من جميع الأطراف أن تأخذها مأخذ الجد والتعامل معها بواقعية، بعيدًا عن أي مزايدات رخيصة أو حسابات خاطئة.

ولا شك أن مصر، منذ اندلاع الأزمة الحالية وتصاعد العدوان الإسرائيلي الوحشي على الشعب الفلسطيني، الذي وصل إلى حد الإبادة الجماعية، لم تدخر جهدًا للذود عن الشعب الفلسطيني، والسعي الحثيث لوقف هذه الإبادة، وإدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، وكانت أول من رفض وحذر من مخططات التهجير من غزة، ورغم ما تعرضت له من ضغوط، فإنها وقفت بقوة وشرف ضد مشروع التهجير والتدمير.

يقينًا أن الشارع العربي كان يتطلع إلى أكبر مشاركة عربية من القادة في هذه القمة التي تعقد في تلك الظروف التي تتعرض فيها المصالح العربية للتهديد، ويتعرض فيها الأمن القومي العربي للخطر، ويخطئ من يظن من الدول العربية أنها بمنأى عن هذه المخاطر، أو بعيدة عن هذا التهديد، والتاريخ لن يرحم الأمة العربية، وسيذكر في صفحاته أن الشعب الفلسطيني كانت تتم إبادته على يد الاحتلال الإسرائيلي، بينما غابت الإرادة العربية لوقف هذه المقتلة ووضع حد للعربدة الإسرائيلية ضد الدول العربية في فلسطين ولبنان وسوريا واليمن، وغيرها من تدخلات وعمليات تهدد أمن الدول العربية.
المؤكد أن الأمة العربية تمر بظرف تاريخي بالغ الخطورة على الأمن العربي وقضاياه، مما يتطلب كل تحرك وطني عربي مسؤول يحفظ للأمة حقوقها ويصون أمنها ومستقبلها، ولا أعتقد أن مشروع التهجير لا زال مطروحًا بقوة، وهناك تصريحات وتسريبات بدأت تتناثر حول هذا المخطط الخبيث، مما يتطلب تحركًا عربيًا مشتركًا وعاجلًا

يتصدى له قبل فوات الأوان
وأختتم باقتباس من كلمة السيد الرئيس أمام القمة يحمل رسالة مخلصة من مصر للأمة العربية حين قال: “فلنعمل معًا على ترسيخ التعاون بيننا، ولنجعل من وحدتنا قوة، ومن تكاملنا نماء.. مؤمنين بأن شعوبنا العربية تستحق غدًا يليق بعظمة ماضيها، وبمجد حضارتها.. فلنمض بثبات وعزيمة، ولنجعل من هذه القمة خطوة فاصلة نحو غد أكثر إشراقًا لوطننا العربي”.

تلك هي رسالة مصر التي كانت، ولا تزال وستبقى، قلب الأمة النابض والرقم الصعب في المعادلة بالمنطقة رغم أنف الحاقدين والمزايدين.

التعليقات معطلة.