الصورة ولّا الكلمة؟

3

خديجة حمودة

كاتب صحفي

 

فى عالم أصبح فيه الصراع مُحتدماً بين الحقيقة والخيال، والمنافسة شديدة بين الإنسان بمشاعره الحقيقية وملامحه التى تعكس ما يدور داخله من مشاعر وردود فعل، وتلك الوجوه الجامدة الثلجية التى يُشكّلونها بالذكاء الاصطناعى ويُصفّقون لها ويهتفون لنجاحهم فى إعطائها الملامح والصوت والحركة، فى هذا العالم نبتعد عن كل هذا ونبحث عن الحقيقة والأثر الذى يصل إلى قلوبنا ومسبّباته فتكون المفاجأة أن الصورة فى صراع دائم مع الكلمات، وأن الكتابة تنافس اللقطات المعبّرة التى لا يلتقطها إلا المصور الذى منحه الله درجة فنان.

وفى عالم الصحافة والفن لا تتوقف المنافسات والمسابقات والجوائز حول هذا الأثر الذى يبقى لعقود وعقود، فتحمل اللوحات والصور الفوتوغرافية توقيع أصحابها الذى يُكسبها درجات فى التميّز، ويعطيها الفرصة لتحتل أميز الأماكن فى المتاحف العالمية، وتعيش بيننا ذكريات وأسماء المشاهير الذين عاشوا خلف الكاميرات يسجّلون لقطات ولحظات نادرة للمشاهير والرؤساء والملوك وعائلاتهم وأطفالهم ومنازلهم وأماكن نزهتهم، وهؤلاء الذين أمسكوا بالريشة والألوان للغرض نفسه. ووسط هذا العالم الحالم الدقيق الناعم تولد الجوائز وتخرج من جهات عالمية وأخرى علمية ونقابات ومنظمات لتؤكد لنا صحة هذا التساؤل (الصورة ولّا الكلمة).

ويبدو أن المبدعين أدركوا هذه الحقيقة قديماً، فبدأت المسابقات منذ القرن الماضى، حيث أعلن عن مسابقة Nikon عام ١٩٦٩ بثلاث فئات، الأولى المفتوحة، والتى يتغير موضوعها كل عام، ولا توجد قيود عمرية للاشتراك فيها، ويمكن إرسال صورة واحدة أو قصة صور من ٢ إلى ٥ صور، والثانية تحمل اسم الجيل القادم للشباب، والثالثة جائزة الفيلم القصير، بالإضافة إلى الجائزة الكبرى، وثلاث جوائز أخرى ذهبية وفضية وبرونزية.

وإذا كانت هذه المسابقة التى تحمل اسم Nikon من أوائل المسابقات للصور الفوتوغرافية فقد خرجت للنور عام ٢٠١١ جائزة Mobile Photo Award، التى أنشئت لمحبى التصوير الفوتوغرافى الذين لا يملكون كاميرا احترافية، فيلتقطون الصور الإبداعية بواسطة كاميرا الهاتف المحمول.

ولأن للكلمة مريديها ومحبيها الذين يبحثون عنها دائماً، فقد خصّص الكثير من الجهات جوائز ضخمة للإبداع الصحفى، ففى كل عام تتقدّم الصحف المصرية بأعمال المميزين والمبدعين من العاملين فيها لمسابقة العام فى نقابة الصحفيين، لاختيار صاحب الأثر الكبير بكلماته وقلمه وأفكاره، وهناك جائزة الصحافة الأوروبية، وهو برنامج جوائز للتميّز فى مجال الصحافة فى جميع دول أوروبا البالغ عددها ٤٧ دولة، وقد تأسست الجائزة فى عام ٢٠١٢ على يد سبع مؤسسات إعلامية أوروبية، وتمنح الجوائز فى أربع فئات مُنفصلة، جائزة التحرير وتقدّم للمحرر الذى قدّم أكبر مساهمات فى النقاش العام والوعى المجتمعى، وجائزة المعلق، وتمنح لكاتب المقال أو العمود أو المعلق الذى قدم الكثير لإلقاء الضوء على القضايا المهمة وتنوير القراء، وجائزة التقرير الإخبارى وتمنح للصحفى أو الكاتب المتخصص الذى ترك عمله أثراً واضحاً، وجائزة الابتكار، وتمنح للابتكار المتميز طوال العام، بالإضافة إلى جوائز صحافة أسترالية وأخرى ألمانية والجائزة الوطنية بالمكسيك وجوائز صحافة بريطانية وفرنسية وأمريكية وجائزة اليونيسكو لحرية الصحافة وجائزة الإعلام العربى وجائزة الحسين للإبداع الصحفى، وجائزة مدعومة من المفوضية الأوروبية.

ولأن الإبداع والفن لا يخضعان لشروط، فقد تنوعت المسابقات وتغيّرت جنسياتها، إلا أنه فى جميع الحالات ينال التقدير صاحب هذه اللغات الراقية فى التعبير عن المشاعر وطرح القضايا للعالم، ولعل تلك المسابقة تحت اسم Mono visions، والتى خُصّصت للمصورين الذين يستخدمون اللونين الأبيض والأسود للتعبير عن لغتهم البصرية بهذا النوع من التصوير الكلاسيكى فى اتجاه لتشجيع استمرار هذا النوع الذى تختفى فيه الألوان إلا من الأبيض والأسود، والذى يكشف إبداع المصورين فى القدرة على تعويض حيوية الألوان المختلفة.

ومن أشهر المسابقات العالمية word Press Photo، تلك التى يتم الحكم فيها على الصور من حيث رؤيتها الدقيقة وقوتها البصرية، وتأتى هذه المسابقة تكريماً للمصورين الصحفيين حول العالم لالتقاطهم أفضل الصور للصحافة البصرية، ويتم جمع الصور الفائزة فى معرض يسافر إلى ٤٥ دولة، وينظر إليه أكثر من ٤ ملايين شخص كل عام، كما يتم نشر الصور الفائزة فى كتاب سنوى يتوافر فى عدة لغات. وفى عام ٢٠١١ تأسّست جائزة Mobile Photo Award لمحبى التصوير الفوتوغرافى الذين لا يملكون كاميرا احترافية، ويلتقطون الصور الإبداعية بواسطة كاميرا الهاتف المحمول. وتتجول الكلمات وبصحبتها اللقطات والألوان وتتنافس فى عرض الحقائق، ليظل السؤال دائماً يتردّد «الصورة ولّا الكلمة؟».

التعليقات معطلة.