مقالات

الصين تحتفي بإفريقيا اقتصاديا

 
 
 
”ان اهتمام الصين بالتعاون الاقتصادي في افريقيا هو مصلحة مشتركة وامر مهم للصين وللقارة الافريقية التي تجذب اهتمام العديد من الدول لما تتمتع به من سوق استهلاكي كبير، ووفرة الموارد والثروات والكنوز المختلفة في مقدمتها البترول، وكان مايكل كلير مؤلف كتاب (حروب مصادر الثروة) قد نبه في كتابه (أن إفريقيا ستكون هي الهدف، وستكون مسرحًا للحروب القادمة بين القوى المتصارعة )”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعهد الرئيس الصيني شي جين بينج بتخصيص 60 مليار دولار للمساعدات والاستثمارات والتمويل للدول الإفريقية. كما أعلن عن سلسلة من المشروعات والشراكات في عدد من القطاعات الاقتصادية والتجارية خلال السنوات الثلاث المقبلة. وسيشمل التمويل 15 مليارا “كمساعدة مجانية وقروض بدون فوائد” وخطوط قروض واستثمارات لشركات صينية، وكانت الصين قد استضافت الاثنين الماضي قادة 53 دولة إفريقية في قمة تحتفي بالتعاون الاقتصادي بين العملاق الآسيوي والقارة الافريقية التي تتمتع بعض دولها باقتصاد ناشئ حقق نجاحات ملحوظة بوتيرة متسارعة، ويعود الفضل في هذه النجاحات إلى العملاق الصيني الذي كان بديلا ناجحا وتنمويا ضد هيمنة مؤسسات دولية تفرض شروطها المجحفة مقابل منح القروض والتي تتمثل فى صندوق النقد الدولى والبنك الدولى، وقد بلغت القروض الصينية التي تثير انتقادات متزايدة من الغرب الذي يشير إلى ارتفاع مديونية بعض الدول الافريقية بشكل كبير بحسب المكتب الاميركي “مبادرة الأبحاث الصينية-الإفريقية” التابع لجامعة جونز هوبكنز في واشنطن فإن الصين أقرضت إفريقيا ما مجموعه 125 مليار دولار بين العام 2000 و 2016.
وتتميز قروض الصين للدول الافريقية كونها بدون اي شروط أو تدخلات في الشئون الداخلية او التوجهات السياسية للدول. وهذا ما لا يلقى ترحيبا سواء من اميركا أو الغرب نظرا للهيمنة الصينية اقتصاديا على القارة السمراء موطن الاستعمار السابق لدول الغرب والتي تحتوي على كنوز عديدة لم يتم استخراجها او الاستفادة منها بعد، وعلى مدى يومين جمع المنتدى الاقتصادي السابع للتعاون الصيني الافريقي في العاصمة الصينية بكين عدة قادة دول وحكومات، وتشكل القمة مناسبة للرئيس الصيني شي جينبينغ لكي يحتفل “بطرق الحرير الجديدة” وهي المبادرة التي أطلقت في 2013 بهدف تطوير التواصل التجاري بين الصين وبقية العالم وضمان امداداتها. خاصة وان الصين قد استثمرت مليارات الدولارات في افريقيا منذ 2015 في بنى تحتية (طرق وسكك حديد) أو في القطاع الصناعي. وهي استثمارات ترحب بها الدول الإفريقية التي تأمل أن تؤدي إلى تسريع نموها الاقتصادي. وقال شي جينبينغ امام القادة (ان استثمارات الصين في افريقيا لا تترافق مع أية شروط سياسية. إن الصين لا تتدخل في الشؤون الداخلية لإفريقيا ولا تملي عليها إرادتها)”. لكنه أقر بضرورة ضمان خفض المخاطر المتعلقة بالاستثمارات. ورفض الرئيس الرواندي بول كاجامي الذي تتولى بلاده حاليا الرئاسة الدورية للاتحاد الافريقي الانتقادات حول وجود “فخ ديون” مفترض. واشار إلى ان الهدف هو وقف تقدم العلاقات التجارية الصينية – الافريقية. وان الجانب الآخر من المسألة هو ان هؤلاء الذين ينتقدون الصين حول مسألة الديون يقدمون القليل جدا” من المال مؤكدا الضرورة المهمة لتمويل إفريقيا. وتقدم الصين مساعدة للدول الافريقية منذ حقبة حروب الاستقلال ضد المستعمرين الغربيين السابقين، لكن وجود بكين في القارة تعزز مع تطورها الكبير لتصبح ثاني اقتصاد عالمي.
وما يدل على الاهمية الاستراتيجية التي توليها الصين لإفريقيا، فقد اختارت جيبوتي لفتح أول قاعدة عسكرية لها في الخارج عام 2017، هدفها ـ حسب بكين ـ دعم عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة واجلاء رعايا وتأمين مواكبة بحرية للتصدي للقرصنة.
ان اهتمام الصين بالتعاون الاقتصادي في افريقيا هو مصلحة مشتركة وامر مهم للصين وللقارة الافريقية التي تجذب اهتمام العديد من الدول لما تتمتع به من سوق استهلاكي كبير، ووفرة الموارد والثروات والكنوز المختلفة في مقدمتها البترول، وكان مايكل كلير مؤلف كتاب (حروب مصادر الثروة) قد نبه في كتابه (أن إفريقيا ستكون هي الهدف، وستكون مسرحًا للحروب القادمة بين القوى المتصارعة (وبفضل التواجد القوى للصين وانشائها لقاعدة عسكرية بالإضافة لحربها الاقتصادية مع الولايات المتحدة الاميركية فإن القارة ستكون مكانا لصراع مصالح قادم استبقت فيه الصين التواجد القوى باستثمارت وقروض لدول تسارع في النمو بعد ان عانت كثيرا من الاستعمار القديم والهيمنة الاميركية المكبلة بشروط صندوق النقد الدولي. وقد نرى في تحسن الأوضاع الاقتصادية في افريقيا مثالا في رواندا التي عانت في الماضي من الحروب الاهلية التي أدت لانتشار الفقر والمجاعات اذ بهذا الاقتصاد يتبدل الآن فيصبح واحدا من أسرع الاقتصادات نموًا في إفريقيا، حيث بلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي 8% سنويًّا بين عامي 2001 و2014. وهذا هو الحلم لدول القارة السمراء التي ترى في العملاق الصيني شريكا يمكن الوثوق به والاعتماد عليه لتحقيق التنمية التي تحلم بها شعوبها.