قسم الصحه

الطيور المهاجرة تنسج تفاعلات إيجابية غير متوقعة مع الأنواع الاخرى

غرانيق مهاجرة قد تجذب طيوراً اخرى (بيردز ساينس)

غرانيق مهاجرة قد تجذب طيوراً اخرى (بيردز ساينس)

في الربيع والخريف، تُقدِم الطيور المهاجرة على رحلات محفوفة بالمخاطر بين أمكنة بعيدة، فتسافر أحيانًا من كندا إلى المكسيك أو أميركا الجنوبية. قد تواجه خلال رحلاتها الطويلة طقسًا سيّئًا أو حيوانات مفترسة، أو تتعامل مع فقدان المواطن الطبيعية والتلوّث الضوئيّ. في المقابل، تكشف دراسة جديدة أن الطيور لا تنجز هذه الرحلات وحدها، بل تتعاون مع أنواع أخرى خلال هجرتها.لأوقات طويلة، اعتقد العلماء بأن الطيور من أنواع مختلفة تطير بالقرب من بعضها أثناء الهجرة، من دون تفاعل يذكر. لكن البحث، الذي نُشر في مجلة “وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم” في آب، يشير إلى أن هذا التشارك في الفضاء ليس صدفة. وعلى العكس من ذلك، يبدو أن الطيور تشكّل مجتمعات هجرة مشتركة بين الأنواع قد تكون مفيدة لها، وفق ما نشرت مجلة “سيمثونيان” Smithsonian العلميّة.تجمع الطيور ليس مصادفةفي حديثها إلى مجلة “أودبون”، تذكر جويل دي سيمون، المؤلفة الرئيسية للدراسة وعالمة الأحياء في “مركز علوم البيئة” في جامعة ميريلاند، أن “الأمر يبدو بديهيّاً، عندما تتجمع كلّ هذه الطيور بكثافة عالية، فمن المرجّح أنها تتفاعل مع بعضها البعض”.قد يصعب تتبع التفاعلات بين تلك الطيور المهاجرة، لكن دي سيمون وزملاءها اعتمدوا نهجًا يركّز على مواقع التوقّف الموقت، حيث تستريح الطيور وتستعيد طاقتها خلال رحلات الهجرة. غالبًا ما تكون هذه المواقع أيضًا محطات لتثبيت أدوات علمية على تلك الطيور، إذ يعمد الباحثون إلى تصيُّد الطيور بشباك خفيفة الوزن، ودراستها، وتثبيت أساور صغيرة مرقّمة على أرجلها قبل إطلاقها مجدّدًا في البرية.قامت دي سيمون وفريقها بتحليل أكثر من نصف مليون سجلّ، تمّ جمعها على مدى 20 عامًا، لدراسة الشبكات الاجتماعية بين الطيور. وقد جُمعتْ هذه البيانات من خمس محطات مختلفة لتثبيت أساور الطيور في شمال شرقي أميركا الشمالية، وشملت 50 نوعًا من الطيور المغرّدة.

في سياق متّصل، أكّدت إميلي كوهين، المؤلفة المشاركة في الدراسة وعالمة الأحياء في “مركز علوم البيئة” بجامعة ميريلاند، “أننا وجدنا دعمًا لفكرة وجود مجتمعات متحرّكة، إذ نعتبر الطيور المهاجرة جزءًا من مجتمعات تتفاعل مع بعضها البعض، وليس مجرد تجمعات عشوائية لأنواع تهاجر بشكل مستقلّ. قد يغيّر هذا العمل الطريقة التي ندرس بها هجرات الحيوانات ونعمل على حمايتها”.وفق حديثها لـ” ناشيونال جيوغرافيك”، رأت إميلي كوهين أنه “لا يمكننا من خلال مجموعة بياناتنا تحديد ما إذا كانت هذه العلاقات إيجابية أم سلبية. قد نشهد تفاعلات بين الطيور التي تطارد بعضها إلى الشبكة، أو قد نلاحظ علاقات عدوانية”.في المقابل، فوجئ الباحثون بميل الطيور المغرّدة إلى الظهور معًا بدلاً من تجنّب بعضها البعض. فقد ظهرت طيور “العندليب الأميركية و”الهازجة الماغنوليا” معًا بشكل منتظم في شباك الباحثين خلال فصلي الربيع والخريف. وحدث الشيء نفسه مع “طيور الملكات ذات التاج الياقوتي” و”العصافير ذات الحلق الأبيض”. من بين جميع الأنواع، بدا أن العنادل الأميركية و”طيور الملكات ذات التاج الياقوتي” هما النوعان الوحيدان اللذان يتجنّبان بعضهما، وهو نمط شوهد في موقع واحد فقط لتثبيت الأساور، إلا أن الباحثين لا يعرفون السبب.

كانت الأنواع التي تداخلت مع بعضها تميل إلى امتلاك عادات تغذية مشابهة ونطاقات غير تكاثرية متقاربة. توقع العلماء رؤية مزيد من التنافس، لا سيما في ما يتعلّق بالغذاء. لكن انتشار هذه اللقاءات المتداخلة يشير إلى وجود شبكة أكثر إيجابية بين هذه الطيور. وفق حديث مع صحيفة ناشيونال جيوغرافيك، أشارت دي سيمون إلى أن “وجود طيور متنوعة ذات سلوك تغذية متشابه أو تفضيلات غذائية متقاربة، قد يعطي الطيور إشارات عن أماكن توفر الموائل الجيدة، مما يساعدها على تجديد طاقتها بشكل أسرع”.في سياق متصل، يوضح ستيف داجدون، مدير البرامج في “مؤسسة العلوم الوطنية” التي موّلت الدراسة، بأنه “يمكن أن تنظر الأبحاث المستقبلية في مدى اعتماد الهجرات الناجحة على هذه الشبكات، أو مدى تعرُّض الروابط الرئيسية بين الأنواع لتأثيرات ناجمة عن تغييرات الموائل أو المناخ”.